د . جلال أمين يكتب: لكل إنسان دولاب خاص به
فى ملحق اعترافات الذى أصدرته جريدة الأهرام عام 2000 بإشراف الكاتبة سناء البيسى تحدث الدكتور جلال أمين عن أسرار فى حياته فقال:
رأيت منذ أكثر من ربع قرن فيلما بولنديا اسمه "الدولاب " وكان صمتا مدته عشرين دقيقة وأنا فهمت من الفيلم أن لكل شخص دولابا خاصا به لا يستطيع التخلص منه يدخل فيه شكله وطوله وأسرته تعليمه نشأته وكل شئ عنه وعن شخصيته وعن المحددات الأساسية التى شكلت حياته.
وأنا أيضا لى دولاب منها موقعى فى الأسرة فكنت الأصغر بين ثمانية أولاد وبنات لأحمد أمين الكاتب الشهير، ولأنى ابن كاتب معروف خيل لى من وقت مبكر أن أحسن شيء فى الوجود أن أكون كاتبا، أو لكى تكون مشهورا لا بد أن تكون كاتبا.. من أجل ذلك وأنا عندى سبع سنين كتبت قصة وكنت أتمنى أن تقرأها أبلة فاطمة مدرسة العربى.
حياتى الأولى فى المدرسة ليس فيها ما يستحق الذكر فكنت طالبا فى المدرسة النموذجية التى أصبحت الآن مدرسة النقراشى وكانت مدرسة رائعة، وعندما انتقلنا إلى الدقى التحقت بمدرسة الأورمان.
فى البيت رغم أن والدى كان متحررا ومستنيرا وديمقراطيا فى حياته إلا أن معاملته لأمى كان فيها الكثير من الاستبداد فلا هدايا ولا حنية، والغريبة أننا عندما كنا نسافر إلى الإسكندرية كان يقطع تذكرته فى الدرجة الأولى واحنا الغوغاء فى الدرجة الثانية لأنه كان يعمل حساب أنه ممكن يقابل ناس كبار مثل لطفى السيد أو توفيق الحكيم وكانت أسرار الزوجة والأولاد مصدر إحراج والحقيقة أن والدتى ظلمت كثيرا.
لا أستطيع القول إن والدى جعلنى اكتب وأترجم أشعارا لكن وأنا فى الخامسة عشر نشرت فى مجلة الثقافة موضوعا عن ديكارت وطاغور وكانوا يوقعون على الموضوعات الأديب جلال أمين أما الأدباء الكبار فيطلق عليهم تعريف الأستاذ.
التحقت بكلية الحقوق بعد أن حصلت على المركز الأول على القطر فى الثانوية العامة بمجموع 83% وكنت أحب دراسة الاقتصاد، لكن حصلت على المرتبة السادسة فى الليسانس، وعملت فى مجلس الدولة وحصلت على دبلومتين، وعندما فتح عبد الناصر باب البعثات إلى الخارج رشحت لمنحة لدراسة الاقتصاد فى لندن رأيت هناك مسرحيات وأفلام ومحاضرات وهوايات وأذكر أننى قبل سفرى كان عدد طالبات الكليو 10 فقط والدفعة كانت 1500 طالب.
ارتبطت عاطفيا بفتاة انجليزية وكان ممنوعا على أعضاء البعثات الزواج من أجانب لكنى بعد تخرجى تزوجت من إنجليزية لا تعرف اللغة العربية لكن كانت أول أغنية حفظتها عند رجوعنا من البعثة (كنا حانبنى وادى احنا بنينا السد العالى).
جلال أمين يحكي قصة المصريين مع التصييف
في مطلع الثمانينات عين جلال أمين أستاذا للاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويبدأ في نشر مقالات في شؤون الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وكان معظمها في صحف معارضة، وفى النهاية يقول جلال أمين "مع تكرار تجربتي في الكتابة والنشر استقر في ذهني أن من الممكن بالفعل أن أصبح كاتباً، أي أن أحقق ذلك الأمل القديم الذي بدأ يراودني منذ مطلع الصبا، ولكنه كان حينئذ أقرب إلى حلم من أحلام اليقظة، وقد زادت ثقتي بذلك شيئاً فشيئاً بنشري كتاباً بعد آخر في موضوعات غير اقتصادية”.