حيثيات حكم عزل 3 أساتذة بجامعة عين شمس: تحولوا إلى مقاولي تعليم
أودعت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، حيثيات حكم عزل ثلاثة أساتذة بجامعة عين شمس.
وحكمت المحكمة بمجازاة ثلاثة أساتذة بكلية الأداب جامعة عين شمس بعقوبة العزل من الوظيفة الجامعية مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة وهم كل من الدكاترة (ھ.ع.ا) و(أ.م.أ) و(س.س.م) فى المواد التى يدرسونها للطلاب لمواد مختلفة بالفرق الدراسية يسربون الامتحانات من خلالها وهى "جغرافية فلسطين" و"علم اللغة" و " فرق وطوائف" و" تاريخ اليهود" و " قراءة ومحادثة" بأسعار متفاوتة وصل فى المادة الأخيرة بمقابل ثلاثة ألاف جنيه وابتزاز الأول لطالبة بحصوله منها علي جهاز لاب توب وجهاز محمول نوكيا رضخت لذلك الابتزاز حرصاً علي مستقبلها خشية أن ترسب باعتباره أستاذ المادة ويعمل بالكنترول.
وأيدت المحكمة قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس بعزلهم من الوظيفة. بعد إجراء التحقيقات وسماع شهادة الطالبات والطلبة بناء على ما قدمه أولياء أمورهم من شكاوى للدكتورة ليلي أبو المجد رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب جامعة عين شمس والتى بدورها حررت مذكرة لوكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب كانت مثارا للتحقيق من الجامعة وسماع أقوالهم.
وصدر الحكم برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطالله وأحمد ماهر نواب رئيس مجلس الدولة
ويأتى هذا الحكم الرادع ليضع حدا لظاهرة الدروس الخصوصية التى انتشر سرطانها للجامعات من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم من المعيدين والمدرسين المساعدين بعد ماراثون الثانوية العامة أرهقت ميزانية الأسر المصرية الذين يوجهون خلالها 37.7% من إجمالي إنفاقهم على التعليم إلى الدروس الخصوصية بمقدار 47 مليار جنيه وفقا لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن إنفاق الأسر على التعليم ليستمر استنزاف أموال أولياء الأمور لمافيا الدروس الخصوصية فى الجامعات.
وقالت المحكمة: إن حكمها بمثابة الإعدام الوظيفى لكل من خلع روب الجامعة وارتضى لنفسه أن يتحول إلى مقاول تعليم ومناهج من أجل حفنة جنيهات ،خاصة وأن الدولة المصرية أولت اهتماما كبيرا بإنشاء وتطوير الجامعات المصرية ووضعها في مراكز متقدمة مقارنة بنظيراتها في دول العالم ضمن جهود بناء الإنسان أثمر عن إنشاء الجامعات التكنولوجية الحديثة والحكومية والأهلية الدولية وأصبحت مصر في المرتبة 42 ضمن أفضل 80 دولة عالميًا في مستوى جودة التعليم الجامعي مما يقتضى عزل القائمين على الدروس الخصوصية .
واضافت : جُرم الأستاذ الجامعى الذى يخون الأمانة والثقة ويعطى دروسا خصوصية جرما جائرا في حق الوطن وطلابه , وأن الدروس الخصوصية ميزة للطلاب الأثرياء على حساب كفاءة نظرائهم الفقراء وله أثره الوبيل على مستقبل شباب الأمة ويجب حماية أمن عقول الشباب والمجتمع وليس لفريق من الطلاب لثرائهم أن يتقدموا على غيرهم انتهازا، ولا أن ينالوا قدرا من المزايا غير المشروعة يكونوا بها أكثر علوا من فقرائهم ، فيتميزن عن بعضهم بهتانا.
واوضحت المحكمة ،أن الدروس الخصوصية تجعل شباب الأمة يرون أن معيار التعلم والنجاح يعتمد على المقدرة المالية وليس الكفاءة والجدارة والاستحقاق والموهبة , وأن العملية التعليمية تتحول بالدروس الخصوصية إلى صحراء جرداء وهجير لافح، ليس فيها ظل العلم ولا رواء التربية ولا مأوى الفضيلة , ويضحى علمُ أضاعَ جوهرَه الفقرُ وجهلٍ غَطىَّ عليه الثراءُ , فالدروس الخصوصية تخريب للتعليم الجامعى وتمييز لفئة الطلاب الأثرياء القادرين على تكاليف هذا الجُرم عن الطلاب الفقراء ومحدودى الدخل
كما أكدت المحكمة أن ظاهرة الدروس الخصوصية إذا لم تلق العناية الكافية من المجلس الأعلى للجامعات ستؤدى إلى انهيار التعليم الجامعي وضعف خريجيه وعلى رؤساء الجامعات ألا يقفوا من ظاهرة الدروس الخصوصية موقفا سلبيا وقد حملهم القانون مسئولية مجابهتها والإصرار عليها , وعليهم أيضا ايجاد نظام حقيقى للرقابة والمتابعة الفعلية على أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم للقضاء على تلك الظاهرة وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمة، وابتكار ما يتوافق منها مع ما يُمكن الطالب من تفاعله مع المحاضر, فالنصوص القانونية لا تكفى وحدها ما لم تحظ بتطبيق فعال ممن ناط بهم القانون لتنفيذ قواعده للقضاء على تلك الظاهرة التى أساءت للتعليم الجامعى المصرى صاحب الصدارة والريادة فى المنطقة العربية والإفريقية .
واشارت الى أن التعليم حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتحضرة لاتصالها بآمال النشء وطموحاتهم، وارتباطها بمصالح الدول ومقاييس تقدمها، مما يوجب أن يكون جهد أساتذتها في البناء التعليمى داخل قاعات الدرس لا خارجه .ويتعين ايقاظ المثل العليا في نفوس الشباب لتشكيل عقولهم وتحديد معالم الطريق تجاه وطنهم ، فلا يرون قدوتهم في الجامعة تنحدر إلى الاتجار بالدروس خصوصية فيتخاذلون ويمارون و يفرطون فى كل القيم والمثل التى كان يجب غرسها في نفوسهم , وأن تحريات هيئة الرقابة الإدارية صادفت الحقيقة ودقيقة ولها كشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول على أو محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين أو أحد شاغلى المناصب العامة بالجهات المدنية
وأكدت المحكمة ، أن المشرع حظر على أعضاء هيئة التدريس بالجامعات إعطاء دروسا خصوصية بمقابل أو بغير مقابل ورصد عقوبة العزل لمن يخالفه , فالجامعات معقلاً للفكر الإنساني في أرفع مستوياته ، ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة البشرية , وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم , وهو ما يقتضى حظر إعطاء الدروس الخصوصية فى الجامعات لما فيه من الاتجار بالوظيفة والتربح منها , فإذا ما خرج أحدهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية وتنكب بمسلكه وأفعاله وتصرفاته الطريق القويم وأتى فعلاً مزريا بالشرف والاعتبار الذى يوازيه فى العقاب إعطاء دروس خصوصية , فقد الثقة والاعتبار ويتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا .
وأشارت المحكمة الى أنه إذا تنكب بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات طريق الاستقامة ، وقد وسد القانون لهم أمانة تنشئة شباب الوطن ، وغرس قيم الحق والعدل في عميق وجدانه ، توطئة فى المستقبل القريب لحمل أمانة النهوض بالبلاد ، وإذا ما استباحوا هدم القيم الجامعية الأصيلة ، سعيه وهو ظالم إلي إعطاء الدروس الخصوصية ، مهدرا بذلك مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب محدثا ميزة لطلابهم الأثرياء على حساب كفاءة نظرائهم الفقراء كان مسلكهم فى هذا الطريق المعوج الموحل كالح السواد أثره الوبيل على مستقبل شباب الأمة ،وهم يرون بأعينهم أن معيار التعلم والنجاح لم يعد يعتمد على الكفاءة والجدارة والاستحقاق ولم يقم وزنا للموهبة والكد والمثابرة والجد
وقالت ان الاعتماد على مجرد المقدرة المالية سيحول العملية التعليمية إلى صحراء جرداء وهجير لافح، ليس فيها ظل العلم ولا رواء التربية ولا مأوى الفضيلة , ويضحى علمُ أضاعَ جوهرَه الفقرُ وجهلٍ غَطىَّ عليه الثراءُ , و يكون لا ريب فعل اَثيم جزاؤه العزل من الوظيفة الجامعية التى تسعى غاياتها لتحقيق المصلحة العامة وحماية أمن عقول الشباب والمجتمع .