رائدة المعارضة الشجاعة
سنقرأ عما قريب فى المراجع التى تؤرخ لصحافة ثورة الخامس والعشرين من يناير ــ وما بعدها ــ عن فيتو باعتبارها رائدة للشجاعة الصحفية والرأى الحر والصحفيين الشجعان، ونموذجا للمعارضة الجريئة.
لقد أكدت قدرة الشباب على التحرر من الأغلال التى كانت تقيد أجيالا سابقة ــ ونحن منهم ــ وكان لشباب الصحفيين فى فيتو الفضل فى تشجيع الكبار على كسر حاجز الخوف الذى تملّكهم سنوات طويلة حيث طال عليهم الأمد فاستسلموا لسقف المعارضة وحرصوا على عدم تجاوزه.
واستطاع الشباب فرض حريتهم بجرأة وشجاعة حتى أصبحوا مثلا أعلى للكبار، وحطموا القاعدة التى تفترض أن يأخذ الشباب عن الشيوخ، ورأينا الصورة تنعكس حتى أصبح شباب فيتو مثلا أعلى لشيوخ المهنة من الكبار، وأخرجوا جريدتهم الشجاعة فى ثوب جديد وبأسلوب تميز بالابتكار، فاكتملت حلقات الجرأة والشجاعة فى أسلوب التناول وطرق العرض والإخراج وصياغة العناوين، بصورة فاجأت القراء والكتاب وأصحاب المهنة من المحترفين، إلى حد جعل البعض يتردد فى قبولها ويخشى من هذه التجربة التى سرعان ما فرضت نفسها وحققت نجاحا لم يتوقعه الذين ظلوا أسرى لما اعتادوه وجبلوا عليه واستسلموا له.
ولابد أن نعترف بأن الكثيرين من المحترفين وشيوخ المهنة فرضوا على أنفسهم رقابة ذاتية واعتادوها وساهموا بذلك فى ترسيخ الفكر الدكتاتورى ــ دون قصد أو بحسن نية ــ إلى أن تقدم الشباب الصفوف وأشعلوا ثورة التحرير وكانوا قادتها ليخرج وراءهم الآباء والأجداد ويسيروا خلفهم ويقبلوا قيادة الأبناء لهم، وهكذا فعل شباب فيتو عندما تقدموا صفوف المعارضة الصحفية الجريئة التى افتقدها غيرهم، وسرعان ما انتقلت العدوى إلى شيوخ المهنة فأصابتهم الشجاعة التى عاشوا سنوات طويلة لا تراودهم حتى فى أحلامهم.
لقد رفض شباب فيتو السير على منوال من سبقهم وكانوا قادة لثورة صحفية شابة مثلما كان الشباب هم قادة الأكبر سنا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وعشنا فى مصر عقودا طويلة أسرى لأفكار يرددها الشيوخ حتى نالت الشيخوخة من الحكام وفرضت على الكثيرين أفكارا بالية باعدت بين الشباب وبين حقهم فى القيادة، مع الالتزام باحترام الصغير للكبير.
وقد وجدنا سوابق مشابهة فى الثورات الأوربية التى أشعلها الشباب ثم سار من وراءهم الشيوخ، وكان ذلك من قبل فى التاريخ الإسلامى، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تولى الشاب أسامة بن زيد قيادة الجيش الذى ضم تحت قيادته شيوخ صحابة الرسول ــ عليه الصلاة والسلام.
وهكذا فعل شباب فيتو وقادوا شيوخ المهنة وابتدعوا تطورا صحفيا غير مسبوق شمل الشكل والمضمون، ودخلوا بصحيفتهم تاريخ الصحافة لتكون فيتو رائدة المعارضة الشجاعة بصورة لم تعرفها مصر من قبل.
وفى ذلك فليتنافس المتنافسون..