رئيس التحرير
عصام كامل

مكاسب وخسائر القضية الفلسطينية .. مراقبون رصدوها وأكدوا أن الكرة فى ملعب الفلسطينيين.. والمصالح لغة السلام العالمي

محمود عباس رئيس فلسطين
محمود عباس رئيس فلسطين

لا شك أن التقارب الإماراتى الإسرائيلى والبحريني ايضًا أحدث صدمة عربية مدوية، لا سيما عند المهتمين بالقضية الفلسطينية، ويجعلونها شغلهم الشاغل، سواء لأسباب سياسية ووطنية ودينية، أو لأهداف برجماتية بحتة.

كما أنه لا شك أن هذا المتغير الجديد، قد تلحق به متغيرات أخرى، وقد ينضم إلى الإمارات والبحرين دول عربية أخرى. وبعيدًا عن التفاصيل التي تسكن الاتفاق الأخير، وبعيدًا عن التصريحات الوردية التي صاحبته وأعقبته، فإن هناك سؤالًا ضاعطًا يطرح نفسه بقوة وهو: ما مستقبل القضية الفلسطينية بتشابكاتها وتعقيداتها؟

وهل ينتهى النزاع العربى الإسرائيلى، حتى لو كان شكليًا، إلى غير عودة؟ وكيف سوف تتعامل الولايات المتحدة مع السلطة الفلسطينية في قادم الأيام؟ وهل يتوحد الداخل الفلسطينى، أم يظل أسيرًا للانقسام والبحث عن المصالح الشخصية؟ تساؤلات كثيرة معقدة تحتاج إجابات لا تغيب عنها الصراحة والشفافية نحاول التماسها في السطور التالية.

 

اختراق سياسي

 

وفي إطار تحقيق المكاسب الفلسطينية من اتفاق التطبيع المبرم والذي من الممكن أن يتبعه اتفاقات مماثلة مع دول خليجية أخرى أشار الكاتب والصحفي السعودي مشاري الزايدي إلى أن الإمارات حققت اختراقا سياسيا ونفسيا وأمنيا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط، بعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي إسرائيل".

 

مضيفا خلال مقال نشرته الشرق الأوسط اللندنية : "الإمارات قطفت مكسبا ملموسا للقضية الفلسطينية، ليس بالشعارات، بل بالعمل، من خلال وقف ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات، وهو الأمر الذي ورد صراحة في البيان الثلاثي المشترك بين الإمارات وأمريكا وإسرائيل".

 

استقرار الشرق الأوسط

 

من المعروف أن السلام العربي مع إسرائيل كان مطلبا ملحا على الصعيد الدولي من أجل استقرار منطقة الشرق الأوسط، لذلك لن تعترض أي دولة غربية على الاتفاق التطبيع المبرم بين الإمارات وإسرائيل، لكن في الناحية الأخرى، تدعم قوى غربية كثيرة حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، وهذه القوى، بما فيها الاتحاد الأوروبي، لا تعترف بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967.

 

فيما رأي الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية أن السلام الخليجي مع إسرائيل لا يخص القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن فلسطين لها قادة يتحدثون عنها خاصة أنهم هم المعنيون بالقضية، مشيرا إلى أن الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي يخص الإمارات وحدها في الملفات الاقتصادية المختلفة، ولا يخص أي أطراف أخرى،لافتا إلى أنه لابد من عقد اتفاقات سلام بين العرب وإسرائيل بشرط أن يكون السلام قائما على فكرة الندية.

 

خسائر

 

وحول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل المتغييرات الحالية وسط التقارب الخليجي العربي مع إسرائيل، أكد "فهمى" أن هناك تأثيرا مباشرا على القضية الفلسطينية وهذا التأثير سوف يكون له تداعيات منها أن القضية الفلسطينية سوف تخسر كثيرا سواء في أفريقيا أو الدول العربية، خاصة أن هناك مشروع سلام عربيا والجميع ارتضي به.

 

وبالطبع أي دولة تدخل على ذات الخط وتعقد اتفاق سلام مع إسرائيل سوف تؤثر على هذا المشروع، مؤكدا على الفلسطينيين في الفترة المقبلة أن يقرروا مصيرهم بيدهم من خلال إجراءت وأفكار جديدة وأن يكون لديهم القدرة على بلورة موقف في كل ما يجري أمام إسرائيل وأمام أوروبا.

 

" فهمي" شدد على أنه على الفلسطينين أن يشنوا هجوم سلام مضادا على إسرائيل وليس الاكتفاء بالرفض والتنديد، ولابد من أن يكون هناك موقف إيجابي في إطار واقعية سياسية جيدة للرد على إسرائيل، من خلال عقد مفاوضات شجاعة مثلما فعلها الرئيس السادات من قبل وأيضا الفلسطينيون في اتفاقية أوسلو، مشيرا إلى أن العلاقات الدولية قائمة على فكرة المنافع المتبادلة والفوائد المشتركة، خاصة أنه لا أحد اليوم يترك مائدة تفاوض من أجل البحث عن الحقوق.

 

السلام السياسي

 

ولفت "فهمى" إلى أن إعلان الاتفاقات بين بعض دول الخليج في هذا التوقيت هو تسويق لفكرة السلام السياسي واصفا ماحدث بأنه سلام اقتصادي بديلا عن السلام السياسي، مشيرا إلى أن هذا النوع من السلام له تداعيات كثيرة، مؤكدا أنه لابد وأن يكون هذا السلام " الاقتصادي" على قدم المساواة مع إسرائيل في كثير من الملفات الاقتصادية الاستثمارية، ولابد أن تكون المصالح متبادلة وليس لصالح إسرائيل فقط.

 

ويشير المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني عبد المجيد سويلم إلى أن السلطة الفلسطينية مطالبة أولًا بإعادة ترتيب بيتها الفلسطيني وأن تراهن على حركية الشارع العربي، كما أن لها "في المحيط الدولي العديد من الأصدقاء والتحالفات، ولها من القوى ما يستند على الشرعية الدولية والقانون الدولي".

 

ويعتقد سويلم بحسب تصريحات نشرتها "دوتش فيلا" الألمانية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيرحل، وسيرحل بعده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما سيؤدي إلى سقوط الخطة الإسرائيلية الأمريكية بأكملها، وسيعود معه المجتمع الدولي وحتى الإقليمي إلى جادة الصواب، حسبما يرى الخبير الفلسطيني.

 

ترامب

 

ومن المتوقع أن تتغير الكثير من المعادلات في حال خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية، فالمرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن، وإن رحب بالاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، فإنه حذر من أنه لن يدعم قيام إسرائيل بضم المستوطنات إذا فاز بالرئاسة، لأن ذلك "سيكون ضربة قاضية للسلام"، وفق قوله، وهو تصريح يجعل الفلسطينيين يرغبون أكثر بتغيير في رئاسة البيت البيض، بشكل ينعكس على النزاع مع إسرائيل.

 

كما وقع في عهد باراك أوباما، عندما خرج وزير خارجيته جون كيري بتصريحات في نهاية مهامه قال فيها إن السياسة الاستيطانية تقود إلى "دولة واحدة واحتلال دائم". وطرح العديد من المراقبين عدة مكاسب للفلسطينيين من الاتفاق بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، خاصة أن تل أبيب أعلنت بموجبه وقف خطة ضم أراض فلسطينية وهي الخطوة التي من شأنها أن تعزز "فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط".

 

ويعتبر من أبرز المكاسب إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد وإنهاء 6 سنوات من الجمود، وبث الروح في المسار التفاوضي للوصول السلام العادل والشامل بعد نحو 3 عقود من المفاوضات غير ذات جدوى، كما أن وقف قرار الضم أنقذ، أكثر من 1.8 مليون دونم أو ما يعادل 30% من المساحة الإجمالية، إلى جانب إنقاذ 112 ألف فلسطيني يعيشون في 43 بلدة بالضفة الغربية كانوا عرضة للطرد في حال تم تنفيذ الضم.

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية