"الأزهر لمكافحة التطرف" يرصد عودة الجماعات الإرهابية عبر بوابة "كورونا".. تحذيرات من "خطاب الكراهية" ومطالبة بتوعية الشباب
«هدنة مؤقتة انتهت مع بداية كورونا».. ظاهرة خطيرة حذَّر منها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في أحدث تقاريره، حيث أكد أنه في ظل انشغال دول العالم بمجابهة فيروس كورونا المستجد، ومحاولة مواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضها الفيروس الجديد على غالبية الدول.
وجدت الجماعات المتطرفة الفرصة سانحة للعودة مجددًا خلال الفترة الماضية، في بعض البلدان والمناطق العربية، في محاولة من جانبها لاستعادة نشاطها مجددًا، وبحسب عدد من المراقبين فإن نشاط الجماعات المتطرفة وجماعات القتال باسم الدين تأثر مع بداية أزمة فيروس كورونا، لكنه عاد للنشاط مرة أخرى، وذلك استنادًا إلى بعض الأساليب التي تلجأ إليها تلك الجماعات.
استغلال كورونا
والتي منها استغلال الأزمات، حيث تعمل هذه الجماعات على استغلال أزمة فيروس كورونا، وقلة التعاون الدولى الذي فرضه الفيروس بشكل كبير، نظرًا لتراجع حركة الطيران والملاحة في غالبية الدول ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول لمنع تفشي الفيروس.
كما أن هذه الجماعات لا يزال يراودها حلم «الخلافة» المزعوم، ولذلك فإنها تسعى لبسط سيطرتها من جديد والاستيلاء على مناطق وأراض جديدة تمكنها من تنفيذ حلمها المزعوم.
خطاب الكراهية
وأكد مرصد الأزهر أن الخطاب المتشدد الذي تتبناه الجماعات المتطرفة، وكذلك الخطاب الذي يتبناه اليمين المتطرف، في ظل التطور التكنولوجي الهائل، يعد بمثابة وعاء لترويج الأفكار المغلوطة، لا سيما التي تنتشر، ويتم رصدها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين تعليقات عنصرية وعدوانية، تدعو وتبرر وتشجع الكراهية على أساس التعصب ورفض الآخر.
وهو ما يدفع بعض الشباب نحو التشدد وتبني الآراء الداعمة للعنف، والتي تشعل مشاعر السخط والاستياء ضد كل شيء يحمل الطابع المؤسسي أو المجتمعي، في محاولة للتأليب ضد الحكومات والدول، وإحداث انقسامات اجتماعية خطيرة، من خلال ترسيخ مبدأ «نحن» و«هم»، ما يتسبب في اضطراب هوية الشباب، وجعلهم فريسة سهلة لدعم الأيديولوجيات المتشددة، التي تتمثّل خطورتها في كونها مرحلة انتقاليّة، تسبق مرحلة الانخراط في أعمال العنف أو دعمها.
كما أكد المرصد، في التقرير ذاته، أن لغة الكراهية والتشدد أحد محركات التطرف، وهي من تدفع أتباعها لتبني العنف كوسيلة للتعامل مع الآخرين وتهميشهم، وأن هذه اللغة لا بد لها من مناخ يدعم الكراهية سواء الدينية أو العرقية أو القومية، ويعمل على تغييب العقل وتزييف الحقائق.
مشددًا على أن «خطاب الكراهية» يعتبر المحرك الرئيس لكل أعمال العداء والتمييز والعنف، في ظل غياب خط فاصل متفق عليه دوليًا أو على المستوى المحلي للدول بين حرية التعبير التي يكفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبين ما يعتبر تحريضًا ضد شخص ما أو مجموعة من الأشخاص بسبب دين أو عرق أو لون أو جنس.
اليمين المتطرف
وأشار المرصد إلى أن الأحداث الإرهابية التي ضربت العديد من دول العالم، سواء على يد أحزاب «اليمين المتطرف»، أو على يد الجماعات الإرهابية التي تنتسب زعمًا للأديان، خير دليل على أن هذه الأيديولوجية المتطرفة العابرة للحدود، كانت ولا تزال تمثل مصدر إزعاج للعديد من الدول، لا سيما تلك الدول التي تضم مختلف الديانات والأطياف.
كما أوضح أن «التطرف يبدأ بخطاب متشدد يعمل على إثارة وتعزيز شعور الانتقامية، ورفض الآخر وإقصائه، ويروج له في دور العبادة، أو عبر شاشات التلفاز، أو عبر أثير الإذاعة، أوعبر منصات التواصل الاجتماعي، مما جعل للإعلام دورًا مهما في تشكيل الرأي العام حول ظاهرة الإرهاب لدى المتلقي، سواء كان رأيًا كاملًا أو منقوصًا، فالمتلقي يتخذ موقفًا وسلوكًا من المادة الإعلاميّة المقدَمة له، سواءً كان رأيًا سلبيًّا أو إيجابيًّا، ويعمل بعد ذلك على نشر هذا الرأي متشبثًا به ومدافعًا عنه».
ورأى مرصد الأزهر أن هذا العامل جعل من التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية سلاحًا ذا حدين، أخطر ما فيه هو استغلال الجماعات المتطرفة للمنصات الإعلامية في نشر أيديولوجيتها، وأفكارها المسمومة والمغلوطة على سمع ومرأى المتلقي، ما يكسبها تعاطف وتأييد المتلقي الذي قد يتطرف وينتهج نهج تلك الجماعات المتطرفة لزعزعة استقرار المجتمع المحيط به.
توعية
وفى التقرير ذاته شدد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على ضرورة العمل على توعية الرأي العام، لا سيما الشباب، من مخاطر الإرهاب والوقوع في براثن التطرف، وخلق خطاب بديل يعمل على دفعهم نحو تبني سلوكيات إيجابية تغذي وتدعم التفكير النقدي، ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال وقبول الآخر.
نقلًا عن العدد الورقي...