مقالب صحفية للكاتب الساخر أحمد رجب
ظهرت موضة كبيرة فى الستينات باسم المسرح اللامعقول وانبهر النقاد والكتاب بهذا المسمى كثيرا وأصبح له مريدون من نجوم المجتمع وكتابه، وفكر الكاتب الساخر فى أن يثبت للجميع خدعة هذا النوع من المسرح وأنه لا يوجد ما يسمى باللا معقول.
دبر خبطة صحفية كبرى أثناء عمله بمجلة الكواكب قبل انتقاله إلى أخبار اليوم فنشر مسرحية عام 1963 أطلق عليها "الهواء الأسود" وقال إنها مسرحية لم تنشر بعد للكاتب المسرحى السويسرى الشهير فريدريك دورينمات ودعا الصحفيين والنقاد لقراءتها والكتابة عنها على اعتبار أنها من فئة مسرح اللامعقول.
وما أن نشرت المسرحية حتى انبرى الكتاب والنقاد وحتى الفنانون فى التعليق عليها بالإشادة بها حتى إن الكثيرين اعتبروها إضافة إلى التراث المسرحى.
صدق الجميع أن المسرحية من تأليف دورينمات ولم يكتب أحد كلمة واحدة فى حق المسرحية بعيدا عن الإعجاب والاشادة بها، فقال الناقد المسرحى عبد الفتاح البارودى (هذه هى الدراما ) وقال المخرج سعد أردش (إنها رواية عالمية أين الروايات العربية منها ) ورأى الناقد رجاء النقاش أنها تعبر عن مأساة الإنسان المعاصر الكبرى فى القرن العشرين.
بعد أكثر من شهر من الكتابات عن المسرحية خرج أحمد رجب فى موضوع رئيسى بالكواكب تحت عنوان (فضيحة الموسم .. أنا المؤلف الحقيقى والأوحد للهواء الأسود).
كشف رجب أنه مؤلف هذه المسرحية العبثية وقال: أنا الموقع أدناه أحمد رجب أقر وأعترف بأننى كاتب مسرحية الهواء الأسود وأننى مؤلفها الاوحد، وان الخواجة فريدريك دورينمات الكاتب السويسرى ليس له علاقة بالمسرحية وليس له إنتاج مسرحى بهذا الاسم.
وتابع: أنا اعترف أني كتبت هذه المسرحية فى مكتبى بالغرفة 406 بمبنى دار الهلال بالمبتديان بالسيدة زينب، كتبتها وأنا فى نوبة ضحك شديدة متوقع رد الفعل الذى حدث، ولم تستغرق كتابتها أكثر من ساعة ونصف، وكتبتها دون أى تفكير أو منطق أو حتى منهج فى كتابتها وذلك لأن اللا معقول لا يلزم كتابته منهج أو تدبير مما سهل كتابة المسرحية.
الكاتب الساخر أحمد رجب يكتب: الدنيا أرزاق
وأضاف رجب: بعد الانتهاء من كتابة المسرحية جلست أهرش رأسى وأفكر فى عنوان لها وإذا بالأستاذ مرسى الشافعى وكان رئيس تحرير المصور يدخل مكتبى مقترحا تسمية المسرحية "الهواء الأسود" لأنه يحمل اسم اللا معقول فاخترته فورا عنوانا لمسرحيتى، وفكرت فى كتابة التوقيع للمسرحية واخترت فريدريك دورينمات على اعتبار أن أحدا لا يعرفه.
قدمت المسرحية إلى زوجتى لتقرأها وإذا بها تسخط على مسرح اللامعقول ورأت أنه كلام ليس له رأس ولا رجلين ووصفتها بكلام وكتابات السكرانين والمساطيل ولما أخبرتها أنها من تأليفى قالت لى أحسن لك تفتح محل فول وطعمية وبلاش الصحافة.
ولم يكتب رجب بعد ذلك للمسرح فقد كانت مسرحيته الوحيدة التى أصبح بها كاتبا مسرحيا عالميا.