في أعقاب ثورة يوليو.. طه حسين يطالب المصريين بمحاربة الشائعات بالبناء والعمل
بعد شهور قليلة من قيام ثورة يوليو 52، ظهرت الدعوات لمساندة للثورة المجيدة فى الاعمال الاصلاحية التى بدأتها ودارت مقالات الأدباء والكتاب تدعو إلى تبني روح الثورة فكتب عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى مجلة التحرير 1952 مقالا قال فيه:
لعل الذين قاموا بالثورة وثاروا منذ شهور يلاحظون معى الظاهرة الغريبة التى ضاق بها رئيس الوزراء واعوانه فى الحكومة والجيش فأخذوا يسلكون السبل الى مقاومتها وهى ظاهرة الإشاعات التى تصبح الناس وتمسيهم وتخلق لهم موضوعات للأحاديث والاحلام والاوهام.
وهذه الإشاعات لم تأتى الا من فراغ الناس واحتياج الناس الى ما يشغلون به انفسهم ويقطعون به اوقاتهم من الاحاديث التى ى تغنى عنهم ولا عن غيرهم شيئا.
ولو قد شغلت الثورة نفوس الناس بالعمل والامل لما خلق المرجفون اشاعاتهم ولما فرغ الناس لإرجاف المرجفين.
يجب إذن أن يترقرق روح الثورة فى جو مصر كما يترقرق النسيم وأن تجرى فى نفوس المصريين كما يجرى النيل العظيم فى ارض الوادى.
وسبيل ذلك والطريق اليه هو الاقدام الجرئ والسريع على طائفة من الاعمال الاصلاحية الخطيرة التى تهيئ للشعب فى كل يوم وقفة وصدمة نفسية ــــ كما يقول الفرنسيون ــــ ليعلموا ان حياتهم قد تغيرت حقا وانهم لا يحيون الان كما كانوا يحيون فى تلك الايام السود الشداد التى مرت بنا .
رئيس الزمالك: طه حسين وزكي نجيب محمود لا علاقه لهما بالإسلام
وانا اعلم ان الاعمال الإصلاحية الخطيرة والضرورية فى حاجة الى المال الكثير ، وأن ميزانيتنا فى حال يرثى لها ، ولكنى اعلم ان الثورة تصنع المعجزات ، وقد صنعت المعجزة حين هدمت الطغيان واخرجت ملكا من البلاد فى أقل من يوم.
وفى مصر عقول تحسن الفكر والتدبير فما يمنع الثورة من ان تجند المفكرين واصحاب المال والاقتصاد لتستخرج المال من حيث يوجد بالقرض الوطنى مرة وبتأليف الشركات مرة ، وبفرض الضرائب اليسيرة للمرافق التى يحبها الناس مرة ،وببدء الاعمال التى تحيى الامال فى النفوس ..تلك على قدر علمى الخطوات التى يمكن عن طريقها البناء وهدم الشائعات بل والقضاء عليها .