نعمات أحمد فؤاد تكتب : رياض السنباطى القمة والقيمة
فى مجلة "كل الناس " عام 1990 كتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أستاذ الحضارة والمفكرة الكبيرة، مقالا فى ذكرى الموسيقار رياض السنباطى قالت فيه: "حين يكتب الكاتب عن الفنان صاحب العطاء تكون الكتابة تحية لشعب بقيمته هو ، بمقدرته على الابداع ، بطاقته فى الإمتاع ، بتراثه من خلال الخالدين ،
والخالدون أربعة كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقى :شاعر سار بيته ، رسام ضحك ريقه ، نحات نطق حجره ، موسيقى بكى وتره وضحك وشدا وحلق وخلق ووفى وأوفى.
ولا يكون الفنان هذا كله من فراغ ، لقد كان الموسيقار رياض السنباطى يفرض على نفسه تهجد الفنان الأصيل فى محراب الفن.
كان يعلم نفسه وكان يقرأ كثيرا، يسمع كثيرا ويتأمل وينصت كثيرا وطويلا ، كان رياض السنباطى إذا لحن يتوقف طويلا أمام المعنى واللفظ ، يتحرى الدقة والفهم من القوميس ، وبعد هذا كله يسأل الشاعر صاحب الكلمات ، يستوثق ويحقق ويدقق من فرط احساسه بالمسئولية وبكرامة الفنان وحرفة الفن.
اهتم بفن التذوق ، فن البصيرة واستماع القلب لأبلغ الكلمات ..هكذا كان السنباطى مع فن الكلمة وفن الموسيقى.
كنت كلما دقت الطبول واختلطت الأصوات تردد فى سمعى لحن هجرتك ، أنا لن أعود اليك ، هلت ليالى القمر ، فاكر ، غلبت اصالح روحى ، عودت عينى ، دليلى احتار ، وقصيدة النيل بلحنها الغنى السحرى العظيم وقصيدة ولد الهدى.
سعى التقدير للسنباطى فى الداخل والخارج الى ان رحل وبعد ان رحل
عندما لحن قصيدة الاطلال وترنمت ام كلثوم بها فارتفع الشعر والصوت واللحن معا الى قمة كتبت للسنباطى واقول له :لحنك جعل من الاطلال قصرا منيفا على ارض الالحان العربية ).
واهتز السنباطى للرسالة وزارنى فى بيتى وكانت تحيتى له ان أدرت شريط الأطلال مع لحظة دخوله دارى ، وتهلل السنباطى ثم انطلق يغنى بصوت جميل مع صوت أم كلثوم.
لقد فرحت عندما فاز الصدق ، فاز السنباطى بجائزة الدولة التقديرية ، احسست بالوفاء وشعرت بقيمة معنوية ، لقد شببنا على الحان رياض السنباطى يجلوها ويرصعها صوت ام كلثوم .
اخبار ماسبيرو.. إذاعة الأغاني تحيي ذكرى رياض السنباطي اليوم
هكذا يعيش الفنان الأصيل فى وجدان شعبه بالعطاء الصادق والموهبة الحقيقية الطبيعيةالتى يهبها الله السعداء.
هو قليل الكلام قليل الظهور بشخصه وان كانت اعماله تعيش معنا كأبنائنا ، لأن الحب الحقيقى يسكن القلب ..لايفرض أو يقحم اقحاما ، فاز السنباطى لأن موهبته أكبر من الجعجعة ، والصمت بالكبرياء أعلى صوتا من الكلام ليبقى بعد ذلك فن الفنان .