رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا أمرنا ربنا أن نحب أولياءه في الأرض؟.. المفتي السابق يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، إن حديث سيدنا رسول الله ﷺ هو نبراس الهدى وهو مصباح الدجى.

 

وقال: أخرج البخاري عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ : (إن الله قال: -فهو حديث تلقاه رسول الله من جبريل عن الله - سبحانه وتعالى -، حديث نبوي ولكنه قدسي نسبه سيدنا رسول الله ﷺ لرب العزة- من عادَى لي وَليًّا فقد آذَنْته بالحرب وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحبَبته كنت سمعه الذي يسمع به وبَصرَه الذي يبصر به ويدَه التي يبطِش بها. ورجله التي يمشي بها، وإنْ سألني لأَعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه) - وفي رواية ليست في البخاري - ولئن دعاني أحببته - وليس أجبته - (ولئن دعاني أحببته ولئن سألني أعطيته) هذا الحديث هو أعلى ما روي في شأن الولي عن النبي ﷺ.

 

وأضاف المفتي السابق: ربنا يأمرنا أن نوالي أولياء الله وألا نبارزهم بالإهانة والحرب، ومن بارز أولياء الله بالإهانة والحرب فإنه يكون مواليًا لأعداء الله، والله - سبحانه وتعالى - أمرنا ألا نوالي أعداء الله، فعلينا إذًا أن نمتثل لحب أهل الله، لأن حب أهل الله لا يكون إلا من حب الله سبحانه وتعالى، وأعلى الأولياء في هذه الأمة هو سيد الخلق ﷺ فهو خير ولي كما أنه خير نبي، وهو لنا مثل الوالد للولد، وهو ﷺ المقياس والمعيار الذي إذا أردنا لهذه الحياة الدنيا أن تسير على مراد الله لاتبعناه، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}.


وأولياء الله عبر التاريخ حاولوا أن يكونوا في ظاهرهم وباطنهم مثل رسول الله ﷺ ، حتى إنهم كانوا يلتمسون مشيته وهيئته وسمته في مأكله ومشربه، وأخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم، وأوامره ونواهيه، حتى كان الناس إذا ما أرادوا أن يروا رسول الله ﷺ أمامهم ذهبوا إلى ولي من أولياء الله، فرأوه يحاكي رسول الله ﷺ ظاهرًا وباطنًا.

 

يقول الإمام السيوطي: إن من رحمة الله بالعباد أن أوجد فيهم أولياءه وأصفياءه؛ فإنهم يدعون الله فيستجيب، فيستقر الخلق ويؤمنون بالله، ويعلمون أن وراء هذا العالم خالقًا قادرًا حكيمًا يستجيب الدعاء، وأنه فرض على الأمة أن يخلص منها بعضهم حتى يلتجئ إلى الله بالليل والنهار، لا يفتر لسانه عن ذكر الله، ولا قلبه عن التعلق به - سبحانه وتعالى -، يخرج الدنيا من قلبه لتكون في يده، حتى يلجأ إليه الناس حتى يفزع إلى الدعاء؛ فإذا سأل الله أعطاه وإذا استعاذه أعاذه وإذا دعاه أحبه وقربه إليه.

 

ويضيف الإمام السيوطي: لكننا نرى في حياتنا وفي قلوبنا وفي إعلامنا حربًا على أولياء الله، واستهتارًا بهم وإهانة لهم، حتى إن كثيرًا منهم قد تركوا الحياة لأهلها والدنيا لعشاقها وانعزلوا - مكرهين - عن الناس، فبركتهم لم تعم، وأحوالهم لم تنتشر؛ فأصبح الناس بلا رأس وبلا رؤساء يذهبون إليهم؛ فانتشر الوَبَش والوابش، والناس إذا ذهب رأسهم وذهبت رؤساؤهم صاروا فوضى لا ضابط لهم.

 

وأشار إلى أن هذه الحيرة التي تعيشها أمة الإسلام إنما جاءت بالتجرؤ على أولياء الله، ليس منهم الذي يعيش فقط، إنما الذي يعيش ومن كان وليًّا عبر التاريخ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يغار على أوليائه، ومن المناهج التي تركها لنا رسول الله ﷺ في سنته ودعائه إلى ربه ألا يجعل في قلبنا حقدًا للذين آمنوا، ولا غلاً للذين اتخذوا الله وليًّا واتخذهم الله أولياء، غبش على كثير من المسلمين هذا الأمر فذهبت البركة من الطعام، وذهبت البركة من الأرزاق، وذهبت البركة في الأوقات، وذهبت البركة في الأعمال، ودعا كثير من الناس فكان هذا الشعور - الذي يفر من أولياء الله وهو في حقيقته فرار إلى أعداء الله - كان هذا الشعور حائلاً بين الإنسان وبين ربه، عودوا إلى حب أولياء الله من الأتقياء والأنقياء.

 

وقال: من أهل بيت رسول الله ﷺ وعترته، رجالاً ونساءً علماء وأتقياء؛ فإن هذا هو الصراط المستقيم، وهو المنهج الذي نستطيع به أن نلم شعثنا، وأن نلتجئ إلى ربنا، وأن يرضى عنا برضاه، وأن يرحمنا برحمته.

الجريدة الرسمية