رئيس التحرير
عصام كامل

«كورونا» يغتال «طروحات الحكومة» في البورصة.. خبراء يطالبون بـ«نظرة مختلفة» من القائمين عليها لاستئناف البرنامج

البورصة المصرية
البورصة المصرية

«تردد الحكومة في تحديد الوقت المناسب منح كورونا الفرصة كاملة للإطاحة بالفرص الجيدة».. من هنا يمكن المضي قدمًا للحديث عن أزمة «البورصة وبرنامج الطروحات»، لا سيما وأن الحكومة فشلت في انتهاز أكثر من فرصة لإعلان بدء تنفيذ البرنامج الطموح، فالجميع لا يزال يتحسر على الفرصة الأكبر التي تجلت بعد تنفيذ قرار «تعويم الجنيه» الصرف وارتفاع أحجام التداول لأعلى من ملياري جنيه يوميًا.

 

ومع استمرار الجمود الحكومى فقد المستثمرون الثقة في المسئولين، وعادت البورصة لتراجعاتها المستمرة حتى وصلت أحجام التداول لنحو 200 مليون جنيه يوميًا في فترة من الفترات، وظلت الحكومة تعد ببدء برنامج الطروحات حتى جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) والتي فرضت قيودًا جديدة على كافة الخطط، وألغت العديد من البرامج المنتظرة وعلى رأسها برنامج الطروحات الحكومية.

 

أخطاء الحكومة

 

وفى هذا السياق شددت مصادر اقتصادية تحدثت إليها «فيتو» على أن هناك العديد من الأخطاء التي وقع فيها المسئولون عن برنامج الطروحات الحكومية، فإلى جانب التأجيل غير المبرر لسنوات فإن عمليات الترويج والطرح للشركات تتم في الداخل بين الشركات والمستثمرين المحليين القائمين بالفعل.

 

ولم يسع المسئولون للترويج للاستثمار في العالم والجامعات والمنتديات الاقتصادية العالمية، وبالتالى ليس هناك مستثمرون جدد، وفى المجمل مفهوم البورصة في معظم الدول ليس مقصورًا على إدارة البورصة أو إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، ولكنه دور وزراء المجموعة الاقتصادية ككل، وهذا ما نراه غائبًا تمامًا في مصر، فالمسئولية بأكملها ملقاة على عاتق مجلس إدارة البورصة والرقابة المالية والجميع يتهمونهم بالتقصير ويقفون موقف المتفرج على ما يحدث في البورصة.

 

شركات في البورصة

 

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة كانت قد أعلنت في يوليو 2017 قائمة تضم 23 شركة وبنكًا مملوكة لها تمهيدًا لطرحها في بورصة الأوراق المالية، ثم أعلنت في يوليو 2018 قائمة مختصرة تضم 5 شركات فقط لزيادة رؤوس أموالها وهى بالفعل أسهمها متداولة في البورصة وهى أبو قير للأسمدة، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير والشرقية للدخان والإسكندرية للزيوت المعدنية «أموك» والإسكندرية لتداول الحاويات.

 

وفيما يتعلق بالجزء الثانى من برنامج الطروحات، أوضحت المصادر أنه كان مقررًا أن يتم طرح أسهم 23 شركة مملوكة للدولة، خلال الربع الأول من 2019، إلا أن برنامج الطروحات الحكومية لم ينفذ باستثناء طرح 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان، مشيرة إلى أن لجنة الطروحات الحكومية المشكَّلة لتنفيذ البرنامج تراجعت عن طرح حصص إضافية من شركتى والإسكندرية للزيوت المعدنية «أموك» والإسكندرية لتداول الحاويات لعدم جاهزية الإجراءات الإدارية والقانونية.

 

فرص استثمارية


من جهته، قال ياسر عجيبة، الخبير الاقتصادي: لا تزال البورصة المصرية بحاجة إلى نظرة مختلفة من القائمين عليها في ظل الفرص الاستثمارية بها، لا سيما وأن البورصة المصرية بدأت في التعافي بعد خسارة المؤشر الرئيسي لأكثر من 42 % من قيمته السوقية خلال أزمة كورونا حتى عاود من جديد للتعافي والارتفاع، وخلال عامين سيكون لسوق المال شأن آخر وزيادة نصيبه في الناتج المحلي.

 

وتابع: في ظل الأزمة الحالية، المتمثلة في انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد لا بد من تأجيل استئناف برنامج طرح حصص من أسهم الشركات الحكومية في البورصة بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد وسوق المال خلال الفترة الحالية.

 

وأتوقع أن تستأنف الحكومة برنامج الطروحات الحكومية في البورصة خلال الربع الثاني من عام 2021، لا سيما وأن الظروف الحالية لن تساعد على جذب سيولة إلى الاكتتابات والطروحات الحكومية مقارنة بالأوقات الطبيعية، بسبب أن أسعار الأسهم رخيصة بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا، بالإضافة إلى الحالة النفسية للمستثمرين حاليًا غير جيدة، ولا زلنا نفتقد إلى التسويق الفعال لمنتجاتنا سواء المالية أو الصناعية وتكوين لوبي قوي داعم ومسوق للاقتصاد المصرى ومنتجاته في دول العالم والأسواق المستهدفة.

 

تداول الأسهم


في السياق ذاته قال محمد رضا، خبير أسواق المال: مفهوم الطرح في البورصة هو بيع جزء من ملكية الشركة للمستثمرين في البورصة (السوق الأولى) ثم بعد ذلك يتم التداول على الأسهم المطروحة بيعًا وشراءً (السوق الثانوي)، وذلك على عكس الخصخصة والتي كانت تقوم ببيع الشركة بالكامل لمستثمر دون أن تكون هناك جهات رقابية تراجع الأمر مسبقًا وتحدد سعر البيع.


وأضاف أن «تداول أسهم الحصة المطروحة وتحديد سعر السهم وفقًا لقوى العرض والطلب وأداء الشركة المالي يوفر آلية تسعير يومية لقيمة الشركات الحكومية المطروحة، كما يضمن طرح الشركات في البورصة تطوير هذه الشركات، وتعزيز الشفافية والحوكمة والإفصاح مما يجعل أداء الشركات الحكومية تحت رقابة ومتابعة يومية وتقييم دائم لها».

 

كما أوضح أن الطرح في البورصة يقدم لها العديد من لفرص لزيادة رأسمالها في أي وقت عن طريق البورصة لتمويل التوسعات الاستثمارية والإنتاجية مما يمنحها قدرات هائلة على التوسع والنمو، وبالتالي تعظيم قيمة الشركات وزيادة مستويات الربحية وقيمة الأصول مما يزيد من العائد لخزينة الدولة من أرباحها بشكل مستمر ويعظم من مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وتغطية احتياجات السوق المحلي والمساهمة في التصدير مما يفتح أفاق أكبر لموارد من النقد الأجنبي.

 

طروحات مفقودة

 

وأضاف: بشكل عام لا مجال حاليًا للحديث عن أي طروحات في البورصة حيث إن أي خطوة نحو الطرح حاليًا تعتبر مغامرة شديدة المخاطرة، فالحكومة عانت من حالة من التخبط الشديد في تنفيذ برنامج الطروحات استمرت لسنوات فقد تم تكوين أكثر من لجنة وزارية للإشراف على هذا البرنامج، وقبلها تصريحات كثيرة عن طرح شركات ثم يتم التراجع عنها ثم يتم صدور تصريحات أخرى بطرحها، لنجد بعد سنوات من الإعلان عن برنامج الطروحات الحكومية أن محصلة التنفيذ هي «جار حصر الشركات الحكومية للطرح وجار تحديد التوقيت المناسب».

 

وبالنظر إلى حالة الاستثمار في البورصة المصرية الآن نجد أن حالة السوق غير مهيئة تمامًا لاستقبال طروحات جديدة بأحجام كبيرة لعدة أسباب منذ سنوات منها ارتفاع أسعار الفائدة والتي أدت إلى احتجاز وتحول السيولة إلى القطاع المصرفي قبل تحرير سعر الصرف، وكذلك ارتفاع تكلفة التداولات بعد تطبيق ضريبة الدمغة وتخوفات من تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية.


من جهتها كشفت الخبيرة الاقتصادية يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد، جامعة عين شمس، أن البورصة في الفترة الحالية ليس من المناسب أن تشهد مزيدًا من الطروحات للشركات، لأنها ليست في أفضل حالاتها، لا سيما وأن التعثر الذي يصادف طرح الشركات في البورصة يرجع في الأساس إلى أن المشكلات الطارئة التي تحدث خارج إرادة الجميع ومن بينها أزمة جائحة كورونا الأخيرة التي ألقت بظلالها على البورصة.

 

وتابعت «د.يمن»: لا أنصح أبدًا باستكمال برنامج الطروحات في الفترة الحالية، ويجب أن تستقر الأوضاع وتتحسن حتى يكون الطرح مناسبًا وناجحًا واستغلال الفرصة المناسبة للطرح بما يضمن النجاح، فأزمة «كورونا» ألقت بظلالها على البرنامج وأدت إلى التأنى والتروى في عمليات الطرح.


الأمر ذاته أكده الخبير الاقتصادى خالد الشافعى، بإشارته إلى أن الظروف لا تزال غير مواتية لطرح شركات جديدة في البورصة خلال الوقت الحالى، والأنسب انتظار استقرار الأوضاع حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر، لا سيما وأن تحقيق النتائج المرجوة من طرح الشركات يحتاج إلى اختيار توقيت مناسب لضمان جذب أكبر قدر من الاستثمارات.

 

واعتبر «الشافعى» أن «الطرح في البورصة يؤدى إلى زيادة ما يتم تداوله في البورصة وتحقيق سيولة للشركات الحكومية يمكنها من سداد مديونياتها واستكمال خطط التطوير والتحديث داخلها وكذلك جذب استثمارت جديدة».


على الجانب الآخر أكد عضو اللجنة النقابية للعاملين بشركة عمر أفندى، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، أن «الشركة عندما تم بيعها فى 2006 تم بيعها على أساس أسهم وبعد عودتها من الخصخصة تم تجميد هذه الأسهم».

 

وأضاف أن «الطرح من جديد يستلزم حل النزاع القائم ما بين الحكومة من جهة وبين شركة أنوال، خاصة وأن طرح الشركات في البورصة يعد أمرًا إيجابيًا وجيدًا جدًا في ظل وجود ممتلكات وأصول قيمتها تتزايد يبوم بعد يوم، ومما لا شك فيه أن عملية طرح الشركات في البورصة من الإنجازات التي تمت في الفترة الأخيرة داخل قطاع الأعمال العام.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية