رئيس التحرير
عصام كامل

تحمل الشر لمصر!


الإخوان الآن يدافعون عن وجودهم وليس فقط عن حكمهم.. هذا هو ما أوصلوا أنفسهم إليه بما اقترفوه من أخطاء وخطايا منذ أن أمسكوا بناصية حكم مصر.. فقد حصدوا طوال عام مضى على كراهية شعبية واسعة.. عموم أغلبية الناس الآن ليسوا غاضبين فقط منهم، ولا يتطلعون فقط للإطاحة بحكمهم، وإنما صاروا يكرهونهم ولا يريدون وجودًا سياسيًا أو حتى غير سياسي لهم في البلاد، بعد أن ذاقوا على أيديهم المر.. شح كبير في الدخول وغلاء فاحش في الأسعار، وتدهور حاد في الخدمات الأساسية، ونقص في الوقود، وفوضى ضخمة في ظل فقدان الأمن، مع استبداد سياسي باسم الدين.


هذه هي الأزمة الحقيقية التي يعيشها الإخوان الآن.. وهى أزمة لم يتعرضوا لها طوال تاريخهم الطويل، منذ أن أسس جماعتهم حسن البنا قبل ٨٥ عامًا مضت.. لقد ذاقوا من قبل مرارة السجن والاعتقال والنفي والمطاردة وكتم الأنفاس -سياسيًا ومجتمعيًا- في فترات مختلفة.. لكنهم مع ذلك كله ظلوا يحتفظون بقدر من التعاطف، سواء من قطاعات سياسية تخوينية أو من قطاعات شعبية.. حيث كان ينظر إليهم كضحايا يستحقون الدعم والمساندة والحماية.. بل لقد وجدوا من يدافع عنهم ويؤكد أنهم هجروا ونبذوا العنف الذي مارسوه من قبل كثيرًا، ومن يعترف بحقهم في المشاركة السياسية مثل غيرهم كبقية القوى السياسية الأخرى.

حتى عندما بدأت الشكوى تطاردهم من قبل البعض بعد تنحي مبارك خلال المرحلة الانتقالية نتيجة للأسلوب السياسي الملتوي، الذي انتهجه في التعامل مع الجميع، فإنهم لم يعدموا تأييدًا مؤثرًا سواء لدى قطاعات من النخبة السياسية أو لدى قطاعات شعبية.. واستثمروا هذا التأييد في الوصول إلى الحكم، من خلال السيطرة على البرلمان وتهيئة فوز مرشحهم في الانتخابات الرئاسية.. على مستوى النخبة كان هناك من ينظر إليهم بوصفهم شركاء ثورة أو على الأقل لا يمثلون النظام السابق ولذلك سيلتزمون بتحقيق أهداف الثورة.. أما على مستوى الشارع فقد كان هناك من يراهم مجموعة متدينة من أهل الله، ولذلك سوف يراعون الله في الشعب.

لكن منذ الأيام الأولى لوصولهم إلى الحكم خيب الإخوان ظن كل هؤلاء فيهم.. لا هم التزموا بتحقيق أهداف الثورة ولا هم راعوا ربنا في شعب مصر.. بل على العكس تمامًا انطلقوا يحققون أجندتهم الخاصة، التي تستهدف إتمام السيطرة على كل البلاد، ثروة وسلطة وحياة!

بل إنهم انقلبوا على كل من ساندهم وساعدهم على الوصول إلى الحكم.. فقاموا بملاحقتهم بالتصفية والزج في السجون.. وياليتهم وهم يرتكبون هذه الجرائم تصدوا لعلاج المشاكل المجتمعية، بل إنهم أخفقوا في إدارة شئون البلاد، لتتفاقم مشاكلها الاقتصادية والأمنية، حتى صارت هذه المشاكل خانقة للمصريين.

لقد بشرنا الإخوان وهم يسعون للحصول على أصواتنا التي أوصلتهم إلى الحكم بأنهم يحملون الخير لمصر.. ولكن اكتشف الناس أنهم خدعوهم وأن الذي حملوه معهم هو الشر لمصر.. وهذا هو سبب الكراهية الشعبية التي يحصدها الإخوان الآن.

الإخوان رغم كل ما يتظاهرون به من قوة وبأس يشعرون بهذه الكراهية ويخشون منها على وجودهم ذاته.. وهذا هو سر غطرستهم وشعبيتهم وتهديداتهم لمن سيخرجون يوم ٣٠ يونيو بالرش بالدم والسحق.. إنهم يخوضون -الآن- حرب وجود وليس معركة حكم.. لكن لا أحد في مقدوره أن يفعل شيئًا إذا قال الشعب كلمته.
الجريدة الرسمية