رئيس التحرير
عصام كامل

برلمان عبد العال.. في محكمة التاريخ.. أجهض مكتسبات الصحافة في الدستور.. وأبو سعدة: أيد السلطة التنفيذية بشكل مطلق

يحيى قلاش نقيب الصحفيين
يحيى قلاش نقيب الصحفيين الأسبق

منذ أسبوعين أعلن رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، عن رفع دور الانعقاد الخامس لواحد من أكثر البرلمانات إثارة للجدل في تاريخ الحياة النيابية المصرية الممتدة عبر أكثر من قرن ونصف من الزمان.

 

رئيس البرلمان الذي رآه مراقبون أبرز أسباب ضعف ووهن المجلس المنتهية ولايته، بسبب أدائه الهزلى الكارتونى تارة، أو أهليته لهذا المنصب الرفيع وقدرته على إقناع الرأى العام.

 

برلمان للنسيان

 

وفى الوقت الذي وجَّه فيه "عبد العال" عبارات الشكر والتقدير لنائبيه ورؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب والنائبات والشباب؛ على اعتبار أنهم حملوا الأمانة وأدوا الرسالة، إلا أن هناك في المقابل آراء أخرى تنسف تلك القناعة الغريبة بأن كل شئ كان ولا يزال على ما يُرام.

 

وترى أن هذا البرلمان للنسيان، بعدما خالف الظنون وبدا أداة طيعة في يد الحكومة يفصل لها ما تريده من قوانين، وتُشرع لها ما يوافق هواها في استنزاف جيوب الغلابة والفقراء والمعدومين بلا رحمة أو هوادة.

 

من حق رئيس المجلس أن يبدو سعيدًا مبتهجًا منتشيًا بأداء برلمانه ويعتبره استثنائيًا في تاريخ البرلمانات العربية والغربية ويعتبر حصاده طيبًا ومثمرًا ووفيرًا، كما من حق غيره أن يرى أن هذا البرلمان ليس أكثر من جملة اعتراضية في تاريخ المجالس النيابية وأن حصاده كان ضئيلًا سيئًا يعمي الناظرين.

 

في الملف التالى.. نستعرض وجهتى النظر في محاكمة البرلمان: هل بالفعل نجح نجاحًا استثنائيًا، كما يرى عبد العال والذين معه، أم أخفق إخفاقًا استثنائيًا؟ هل كان برلمانًا للشعب أم برلمانًا للحكومة؟ هل اضطلعت المعارضة بدورها تحت القبة، أم آثرت السلامة، أم تم التضييق عليها؟ هل استفادت الحياة البرلمانية من هذا الزخم النسائى الواسع والعدد التاريخى من النائب أم كُن مجرد ديكور؟ هل كان رئيس البرلمان هو الرجل المناسب في المكان المناسب أم أنه لم يكن على مستوى المسئولية الموكولة إليه؟

 

هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الجادة التي نطرحها؛ بهدف تقييم هذا البرلمان تقييمًا موضوعيًا، دون إفراط أو تفريط، بهدف تصحيح الأخطاء، والعمل على تداركها في البرلمان المقبل، لا سيما أن مصر بتاريخها العريق تستحق برلمانًا أفضل وأكثر ديمقراطية وحرية..

٥ أعوام مرت على عمر مجلس نيابي، جاء بعد دستور قال عنه المتخصصون إنه «أعظم الدساتير المصرية» من حيث الحقوق والحريات العامة، مثلا فيه كل الشرائح والقطاعات حتى وأن جاء وجودهم ديكوريًا في بعض الأحيان، فبعض نهاية مدته الدستورية، جاء دور الرأي العام والمعنيين لتقييم أدائه بشكل تفصيلي كلا وفقًا تخصصه.

 

الصحافة

 

انتقادات عدة وجهتها الجماعة الحقوقية والصحفية، لمجلس النواب مع بداية الانعقاد الأول، ومن خلال تعاطيه مع النصوص الدستورية المتعلقة بالحريات العامة، وترجمتها لقوانين قالوا إنها فرغت جوهر الدستور ومنطقه، فبعضها أجهض المكتسبات التي منحها الدستور للفئات التي تعتمد في الأساس على مساحات واسعة من الحرية، وبعد انتهاء المدة الدستورية، أعطى بعض المحللين صورة بانورامية عن مجمل أداء مجلس النواب.

 

إجهاض حرية الصحافة

 

من جانبه.. قال الكاتب الصحفي يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، إن الدستور حدد المواد التي تترجم إلى حزمة من التشريعات تضمن قدرا كبيرا من حرية الصحافة والإعلام، إلا أن البرلمان تواطأ في عدم إعمال بعض نصوص الدستور، على رأسها «الحبس في قضايا النشر»، وظل سيف الحبس مسلط على رقاب الصحفيين منذ عهد مبارك وحتى الآن.

 

قانون حرية المعلومات

 

‎وأشار إلى أن قانون حرية تداول المعلومات، جاء من ضمن القوانين المسكوت عنها حتى الآن، فهو حق لكل مواطن في إتاحة المعلومة، وكذلك حق للصحافة والإعلام، والمعلومة أحد أدواتها الأساسية في مهنة لا تعترف بالتخمين أو التسريب.

 

وأكد «قلاش» أن إنجاز مجلس النواب تجاه نصوص الدستور المتعلقة بالحرية الرأي والتعبير جاء «إنجاز سلبي» فرغ النصوص من مضمونها، وهو ما ظهر في تعاطيه مع قانون الصحافة الموحد، الذي جاء نتيجة حوار بين الجماعة الصحافة نفسها والحكومة من خلال اللجنة الوطنية للتشريعات الوطنية على مدى عامين وحتى جاء بشكل توافقي.

 

إلا أن فوجئنا بأن البرلمان فرغ صيغة مشروع القانون المقدم من الحكومة، وأعطى صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية، لم يدير حوار مع الأطراف المعنية بشكل حقيقي وإنما جاء حوارا شكليًا، مباركة قلة من الصحفيين يتصدرون المشهد الآن.

 

الحريات

 

‎قال الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن البرلمان خلال ولايته أخفق في إصدار بعض القوانين المكملة للدستور، ولم ينجزها منها، قانون تعويض ضحايا التعذيب والحبس الاحتياطي في حالة البراءة، وكذلك لما يتلفت مجلس النواب لإنشاء مفاوضية لمكافحة التمييز، وهو ما جاء به نص دستوري واضح، بل ابتدع البرلمان سنة جديدة وهو أن يتقدم زعيم الأغلبية بعدد من القوانين مثل تقسيم الدوائر، والجمعيات الأهلية، ومجلس الشيوخ وغيرها.

 

وأشار إلى أن مجلس النواب تجاهل تعديل قانون العقوبات، وكذلك لم يصدر قانون الإجراءات الجنائية الذي دار حوله حوار مجتمعي واسع، ولم يصدر قبل انتهاء ولايته، لاسيما أنه أهم قانون ينظم كافة الحقوق، وأيضًا المواد المتعلق بالحبس في قضايا النشر في قانون العقوبات رغم النصوص الدستوري الواضح الذي يمنع الحبس في هذه القضايا، لافتًا إلى أن المجلس لم يلتفت للقوانين الداعمة لتحقيق للعدالة الاجتماعية، قبل جاءت تشريعات خلفت مشكلات اجتماعية ضخمة زادت من أعباء المواطن المصري، ولم تراعي البعد الاجتماعي، منها قانون التصالح في مخالفات البناء تضرر منه ٣ ملايين عقار أي نحو ١٠ مليون مواطن.

 

الرسوم

 

وكذلك مضاعفة الرسوم المفروضة على المواطن في جميع الخدمات الحكومة على غير قيمتها الحقيقية.

 

كانت من المثالب التي نتجت عن أداء البرلمان التشريعي أيضا، تقييد الحق في التظاهر، فقانون التظاهر لم يترجم النص الدستوري في حق المواطن المصري الأصيل في التظاهر، وبعد نضال حقوقي وقانوني استطاعوا تعديل المادة العاشرة من القانون ليصبح الفيصل في إتمام التظاهرة هي السلطة القضائية بدلا من وزارة الداخلية، مشيرًا إلى أن قانون حرية تداول المعلومات، أحد القوانين المكملة للدستور، لما يلتفت لها البرلمان رغم إعداد أكثر مش مشروع قانون.

 

الهيئات الدولية

 

وعلى المستوى الدولي، وتعاون البرلمان المصري مع البرلماني الأوروبي والاتحاد الأوروبي أكد «أبو سعدة» أن البرلمان كان لابد أن يبذل جهدا مضاعفا مع هذه الهيئات الدولية في مرحلة الدولة المصرية كانت تراجع فيها حملة منظمة من تركيا وقطر والدول المتربصة.

 

ومع تراجع دور منظمات المجتمع المدني، ولاسيما أنهم يسبقوننا بخطوات في التواصل مع الجهات الدولية، وكان كل الجهد الذي بذل في هذا الملف من الخارجية المصرية فقط، الذي أدارته بكفاءة شديدة، متمنيًا من مجلس الشيوخ أن يكون له دورًا رئيسيًا في التواصل مع الجهات الدولية.

 

وعما أنجزه البرلمان خلال ولايته، أشار إلى أنه صحح الوضع القانوني للدولة المصرية وأقر الاتفاقيات الدولية وقرارات القوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية، خلال الفترة الانتقالية، وقرارات الاستقرار الوظيفي، واتفاقيات حفر البترول وإقرار الموازنة العامة للدولة في غيبة البرلمان، وهو ما كان من المحتمل أن يعرض الدولة المصرية مخاطر كبيرة، أمام المحاكم الدولية.

 

حقوق الإنسان

 

وأضاف: إن البرلمان أنجز تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان، وبحيث تعرض عليه مشروعات القوانين ذات الصلة لأخذ رأيه، والتدخل قانونيًا مع ضحايا حقوق الإنسان، كما أنجز قوانين إنشاء الهيئات الوطنية الثلاثة" المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام".

 

وأكد عضو قومي حقوق الإنسان، أن البرلمان المقبل لابد أن يكون له أولوية أولى لملف العدالة الاجتماعية، من خلال سياسات اجتماعية تراعي متطلبات المواطن المصري في حياة كريم، بعد تآكل الطبقة الوسطى أيضا، وأنا يلعب البرلمان دوره الرقابي، بعدما أيد المجلس المنتهية ولايته السلطة التنفيذية تأييدًا مطلقًا، وتخلى عن هذا الدور المهم.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية