رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب بين السنة والشيعة نشأت منذ عصور الإسلام الأولى.. الأزهر أنشأ دار "التقريب بين المذاهب" لاحتواء الفتنة.. وتوقفت عن العمل لفترة طويلة.. وعادت مرة أخرى عام 2002 بعد انتشار ظاهرة التكفير

جانب من أحداث قرية
جانب من أحداث قرية أبو مسلم_أرشيفية

تتكرر أزمة الشيعة والسلفية منذ عقود بعيدة، حيث شهدت قرية أبو مسلم بالجيزة أحداثا دامية بعد مقتل 4 أشخاص ينتمون إلى المذهب الشيعي على يد مجموعة من السلفيين، وذلك كبداية لمرحلة جديدة من الدماء بين الفريقين الذي حاول الأزهر جاهدا أن يوقف نزيف الدماء بينهم عن طريق إنشاء ما يعرف "تقريب المذاهب".


فالحرب بين السنة والشيعة نشأت منذ عصور الإسلام الأولى وما زالت تظهر بأشكال كثيرة إما حربًا باردة أو سلاحًا فتاكًا.

لقد ظل الأزهر على مدى عصور طويلة منذ نشأة الدولة الفاطمية المنبر الذي يجتمع عنده المسلمون من كافة بقاع العالم، يأتون من شتى البلدان الإسلامية وغير الإسلامية ليتدارسوا علوم الفقه والدين الإسلامي، يتلاقون ويتقاربون ليفهم كل منهم الآخر وبالرغم من وجود اختلافات كثيرة بينهم وهذا أمر أكيد إلا أنه لم يحدث أبدًا خلاف، هكذا كان دور الأزهر انطلاقًا من خبرة الدولة الفاطمية في التقريب بين المسلمين بكافة طوائفهم ومرجعياتهم وباختلاف جنسياتهم.

وتأكيدًا على هذا الدور قام الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمود شلتوت في الأربعينيات من القرن الماضي مع مجموعة من صفوة علماء الأزهر بإنشاء أول دار للتقريب بين المذاهب مع مجموعة أخرى من علماء الإسلام في العالم كله، وعلى رأسهم الشيخ الإيراني تقي الدين القمي لتثبت مصر بهذا الدور أنها رائدة في مجال التقريب.

وظلت هذه الدار تعمل وتصدر رسالتها للعالم الإسلامي كله إلى أن قامت الحرب العراقية الإيرانية فتوقفت الدار وخلال هذه الأيام تحول دور الأزهر ومسخ تمامًا كما يرى البعض وضم إليه أفرع كثيرة تدرس في الأزهر وأصبحت جامعة مثل أي جامعة أخرى ولكن بالرغم من ذلك ظل المرجعية الإسلامية الأولى للمسلمين.

وفي عام 2002 وبعد توقف دام لفترة طويلة دعت دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في بيان لها إلى تحريم تكفير المذاهب بين المسلمين وخاصة بين السنة والشيعة، وذلك تمهيدًا لإحياء دور الدار للتقريب بين السنة والشيعة، والإعلان عن إعادة أنشطته رسميًّا برئاسة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الشريف، ومشاركة الشيخ عبد الله تقي الدين القمي من كبار علماء الشيعة في إيران.

وجاء ذلك الأمر بعد انتشار ظاهرة تكفير الناس بعضهم لبعض وظهر ذلك واضحًا مع الأحداث الطائفية في العراق، إلا أن الدار تحولت إلى جمعية أهلية تشارك فيها مجموعة من علماء الأزهر ثم توقفت مرة أخرى.

واكتفت مصر بنشر مطبوعات دار التقريب كخطبة الرئيس خاتمي ومحمود عاشور وآية الله التسخيري، وأخيرا دعت المنظمة العالمية للدعوة الإسلامية في ليبيا للتقريب بين المذاهب وتحدث فيها مجموعة من العلماء الأجلاء، فهل سيسعي الأزهر إلى التقريب بين المذاهب مرة أخرى.
الجريدة الرسمية