رئيس التحرير
عصام كامل

"حكايات من مصر".. السلطان المملوكي الأشرف برسباي يمنع خروج المرأة ويأمر بقتل الأطباء

لوحة أرشيفية لمصر
لوحة أرشيفية لمصر قديما

على مدار العصور والعهود المتعاقبة، حفل التاريخ المصري بالعديد من الأحداث والحكايات التي ظلت تروى جيلا بعد جيل، أو تلك التي لم يعرفها الكثيرون.

 


وفي محاولة منه لرسم خيوط ما مر به المصريين، وحال حكامه المتواليين منذ العصور الوسطى، وحتى حكم أسرة محمد علي باشا، سخر المؤرخ والكاتب الصحفي صلاح عيسى قلمه على مواقف وأحداث أغلبها غير معروف، تنير لقارئها دلالات عصرها، ودونها في كتابه "هوامش المقريزي.. حكايات من مصر".



وفي صورة ومضات سريعة، وأسلوب سهل يفهمه الدارسون وغير الدارسين، نجح الراحل صلاح عيسى، في تسليط الضوء على فترة هامة من عمر الأمة المصرية.



ويحكي صاحب "هوامش المقريزي" أنه في العصر المملوكي وقعت مصر فريسة في براثن مجموعة من المرتزقة والحمقى والمجانين، ومن الظواهر التي انتشرت في ذلك العصر جنون السلاطين التي تبدو لمن يتابعها ويقرأ قصصها في تاريخ العصر المملوكي وكأنها ظاهرة طبيعية ورد فعل عادي لقسوة قلوبهم ودموية سلوكهم وأساليب حكمهم التي كانت تزيد من توحشهم، وتطير في النهاية بعقولهم.



وكان الشعب يدفع الثمن سواء كان السلطان عاقلا أو مجنونا، ففي الحالتين تزداد قسوته وتتفجر دمويته غير أنها في حالات الجنون كانت تبدو نوعا من الكوميديا السوداء. 



ويذكر من ضمن عجائب القصص أنه عندما مرض السلطان الأشرف برسباي وطال به المرض، وحصل له "ماليخوليا" وخفة عقل، أمر بنفي الكلاب إلى الجيزة، وانشغلت مصر كلها بالقبض على الكلاب وطردها إلى الجيزة، وكان كل من ينفي كلبا يتقاضى بعض القروش مقابل عمله هذا. 



ثم أمر السلطان بالمناداة بأن لا تخرج امرأة من بيتها مطلقا، فكانت الغاسلة إذا أرادت التوجه إلى "ميتة" تأخذ ورقة من المحتسب وتجعلها في رأسها حتى تمشي في السوق، وبعد أيام أمر السلطان بالمناداة من جديد ألا يرتدي أي فلاح غطاء للرأس، سواء كان كبير المقام أم لم يكن.



ثم تصاعد جنون السلطان وازدادت تصرفاته طيشا فتحولت من نوادر مضحكة إلى مآس مفجعة، فقد خطر له أن يخلص مصر من الأطباء، فأصدر أمرا بقتل كل الأطباء، وبدأ فأمر السياف أن يطيح برأس اثنين من أطبائه الخصوصيين ودار السيف بعدها في رؤوس أهل الطب. 



واستمر السلطان يصدر كل يوم أمرا مضحكا أو مبكيا وينفضه بعد قليل، والمصريون يضحكون قليلا ويبكون قليلا ويصبرون دائما. 

الجريدة الرسمية