رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الشكور عامر يكتب: الدلالات والنتائج

محمود عزت
محمود عزت



دلالات ونتائج القبض على القيادي الإخواني محمود عزت، أو كما يلقبونه بـ "الثعلب" فى أروقة الجماعة والأجهزة الأمنية المصرية، وكما أطلقت الأجهزة الأمنية على هذه العملية "الصيد الثمين " من حيث التتبع الدقيق وانتهاج سياسة النفس الطويل للوصول إلى مكان اختبائه فى إحدى الشقق السكنية بالتجمع الخامس بالقاهرة.

 

إن لهذا الحدث قصة ودلالات ونتائج ربما يكون بعضها ضد مصلحة الجماعة، ويهدد كيانها ووجودها وينسف خططها الرامية إلى إعادة الهيكلة والتموضع من جديد فى المشهد السياسي المصري بعد نكبة الجماعة التى ألمت بها عقب عزل محمد مرسي وحل حزبها السياسي الحرية والعدالة.

 

وربما يكون هذا الحدث نقطة تحول فى مسيرة الجماعة وسبيل فى عودتها للمشهد السياسي وفق ما يمكن أن يكون صفقة سياسية تاريخية بين الجماعة والدولة المصرية، كما حدث فى الثمانينيات بين الجماعة ونظام الرئيس الراحل السادات.


إن القبض على محمود عزت يدل على نجاح الأجهزة الأمنية فى المتابعة والرصد لعناصر الجماعة فى الداخل والخارج، فبعد أن ظن الجميع ان محمود عزت قد هرب إلى خارج البلاد حسب ما روجت له الجماعة وآلتها الإعلامية، وانه قد أفلت من المُساءلة، إذا بأجهزة الأمن المصرية تُخلف الظنون وتؤكد أنها يقظة وعلى أهبة الإستعداد.

 

كما أن لهذا الحدث تأثيرا  على الجماعة، فمن المتوقع أن يكون له عدة آثار منها ماهو سلبى ومنها ما هو إيجابي، وفى مصلحة الجماعة، فالقبض على عزت يُعد ضربة أمنية استباقية لكشف مخططات الجماعة لزعزعة الأمن الداخلي والإستقرار، كما يُعد كشف لما تبقى من أوراق الجماعة وخططها لإسقاط الدولة المصرية، كما سيكشف كل الجهات والقوى الداعمة للجماعة داخل مصر وخارجها.
كما أن القبض على محمود عزت يوقف عملية إعادة هيكلة الجماعة التى تسير بخطى ثابتة لإعادة تخليق الجماعة، وتصدر بعض كوادرها غير المعروفة فى المشهد المصري، خاصة فيما يتعلق بتسلل بعض عناصر الجماعة فى المنظومة الإعلامية والأكاديمية والاقتصادية ومجلس الشيوخ الذى شهد ظاهرة ترشح بعض مؤيدى الجماعة والمتعاطفين معها فى بعض الدوائر، وهو ما تم رصده مؤخراً.

 

كما سيتم كشف خطة الجماعة فيما يتعلق بخطواتها المتوقعة فى ترشيح بعض عناصرها وخلاياها النائمة فى مجلس النواب القادم.

 

ومما يعد أنه من إيجابيات القبض على عزت بالنسبة للجماعة، فمن الممكن أن تكون بادرة جيدة وحللة لموقف الجماعة من الدولة المصرية فيما يخص اعتراف الجماعة بشرعية الدولة، واعتذارها للدولة والشعب المصري عن أخطائها وجرائمها فى حق الشعب والوطن بسبب تحالفها مع أعداء الوطن فى الداخل والخارج.


كما أن من الممكن أن تُمهد لحل سياسي فيما يخص وضع الجماعة وأعضائها وكواردها المحكوم عليهم فى ظل ما هو متاح فى الدستور والقانون كما حدث مع الجماعة الإسلامية فى تسعينيات القرن الماضى من مراجعات فكرية وإطلاق ما يسمى بمبادرة وقف العنف والتى ترتب عليها حل الجناح العسكري للجماعة واعترافها بشرعية الدولة المصرية، واعتذارها عن جرائمها التى ارتكبتها فى حق الوطن ، والإفراج عن كوادرها وأعضائها ودمجها فى النسيج الوطني مرة أخرى.


ويُعد القبض على عزت فشلا ذريعا لخطط كل من تركيا وقطر اللتين تدعمان الجماعة لإسقاط الدولة المصرية، كما سيدفع الجماعة للتفكير فى تقديم تنازلات كبيرة مقابل خروج أعضائها وقيادتها من السجون، وسيساهم فى كشف ووقف كل أعمال التخريب ضد مؤسسات الدولة المصرية.

 

كما سيكشف المزيد من أسباب الصراع الداخلى للجماعة بين أجنحتها وقيادتها فمحمود عزت القائم بأعمال المرشد والرجل الثاني فى الجماعة بعد خيرت الشاطر وثعلب الجماعة كما يطلقون عليه، هو العقل المدبر لكل الخلايا العسكرية التابعة للجماعة ، و التى هى مسئولة عن العديد من أعمال العنف والأعمال المسلحة مثل مقتل النائب العام واستهداف بعض الأكمنة والارتكازات الأمنية فى أنحاء البلاد . لذلك من المتوقع أن يكون لسقوطه بأيدي الأجهزة الأمنية المصرية نتائج إيجابية كبيرة فيما يتعلق بإستقرار الحالة الأمنية فى مصر، وتجفيف منابع الإرهاب فى سيناء ووقف تمويله. ومن المحتمل أن تقوم العناصر والخلايا المسلحة للجماعة بعمليات نوعية فى مصر كرد فعل على عملية القبض محمود عزت ومحاولة من الجماعة لإثبات الذات والظهور بمظهر القوى وغير المتأثر بالحدث ورفع الروح المعنوية للجماعة وأعضائها فى الداخل والخارج.

 

إلا أن حدوث ذلك سيرتبط بمدى توفر عمليات التمويل لهذه العناصر، والتى افتقدت هذه الميزة بالقبض على عزت الذى كان يمثل حلقة الوصل بين مسئولي وقيادات هذه الخلايا العسكرية ومموليها فى الداخل والخارج.

ماعلينا إلا ان ننتظر ونتابع المشهد الإخواني وردود أفعال التنظيم على المستويين محليا ودوليا لنحكم على مدى تأثر الجماعة بهذا الحدث على كافة مستوياتها ومؤسساتها وكيفية تعاطي الجماعة والمتعاطفين معها سواء كانوا أفرادا أو جماعات او كيانات أو دولاً ترعى الجماعة وتمولها.

الجريدة الرسمية