ما المراد بالشفاء في القرآن الكريم؟
فى القرآن الكريم شفاء وهدى ورحمة فما المراد بالشفاء؟ هل هو شفاء خاص لما فى الصدور من شك وريب أم شفاء لما فى الصدور والأبدان من علل؟
أجاب عليه في حياته الداعية الإسلامى محمد الراوى ـــ رحمه الله ـــ قائلًا: "وردت كلمة شفاء فى أربعة مواضع من القرآن الكريم يقول تعالى فى سورة يونس 57 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) وفى سورة النحل 69 (يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ) وفى الاسراء82 (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) وفى فصلت 44 (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)".
والواضح من سياق الآية الكريمة فى سورة النحل أن المراد من قوله تعالى "فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ" هو العسل، وفى الايات الاخرى المراد هو القران الكريم، وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما فى قوله (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن، فالقرآن الكريم شفاء لما فى الصدور والعسل شفاء من كل داء).
وللعلماء قولان فى كون القرآن الكريم شفاء: أحدهما أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب، شفاء من الوسوسة والقلق والحيرة والهوى والدنس والطمع والحسد ونزعات الشياطين وكافة العلل التى تدمر المجتمع وتذهب بأمنه وسلامته.
والثانى: شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ فإن القرآن الكريم شفاء للأجسام إذا رقى به.
فالأدعية المأثورة وتلاوة الفاتحة والمعوذات وغيرها من وسائل الفرج والبرء بإذن الله عز وجل، ولكن لا يعنى الاكتفاء بالرقى عن المداواة والعلاج بالأدوية، فذلك كله من الوسائل التى أذن الشرع بها وأوجبها لصيانة الحياة، فإن الله تعالى الذى أنزل الداءقد أنزل معه الدواء.
ما حكم الدين في امتهان علاج السحر بالقرآن؟
وما يفعله بعض العوام من إهمال علاج المريض المبتَلى بمرض يحتاج إلى طبيب متخصص اعتمادًا على مجرد تلاوة القرآن الكريم فهذا جهل بحقائق الدين وإهدار لقدر العلم الذى وهبه الله تعالى للإنسان وعظمه ورفع شأن علمائه والعاملين فيه.
ومن الخير أن يجمع الإنسان بين الرقى بالقرآن الكريم والإخلاص والدعاء وبين التداوى بالأسباب المناسبة للداء مع مراجعة المتخصصين ومعرفة الدواء، أما اللجوء للكهنة الذين يدعون معرفة الغيبيات أو يستخدمون الجن فهذا يقضى إلى الكفر والضلال.
وفى النهاية يجب أن يعلم الإنسان إن الأمر كله لله تعالى فلا يسند الفضل فى شفائه إلا لله عز وجل.