"الحب و الجنس".. محفزان للحياة عند صاحب نوبل
يعترف الأديب الراحل نجيب محفوظ وصاحب نوبل، بأن الحب و الجنس يلعبان دورا مهما فى حياة كل إنسان، ويمثلان قوة قاهرة تسيطر على الحاضر والمستقبل.. وكان مؤمنا بأن الحب والغريزة الجنسية لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
وترصد "فيتو" الملامح الخفية فى شخصية نجيب محفوظ من خلال كتاباته بالتزامن مع ذكرى
رحيله في 30 أغسطس 2006.
ففى مجلة "المجلة الجديدة" عام 1934 كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا عن الحب
والغريزة الجنسية قال فيه: لا نبالغ ولا نلهو بالكلام إذا قلنا إن الحب يلعب دورا
فى حياتنا ولا يدانيه فى أهميته وخطورته أي عامل آخر من تلك العوامل التى تقوم
عليها حياتنا الطبيعية وحياتنا الاجتماعية، بل هو يكاد يكمن خلف كل وجه من وجوه
النشاط فى حياة الإنسان.
ولاشك أنه من الممتع أن يكشف الإنسان الستار عن هذا المعنى الجميل، وهذه
القوة القاهرة التى تسيطر على حياتنا وتملك علينا خواطرنا وتؤثر أكبر الأثر فى
حاضرنا ومستقبلنا.
ويضيف نجيب محفوظ، أن الكلام عن الحب وثيق الصلة بالكلام عن الغريزة
الجنسية، فمهما ارتقت العاطفة إلى السمو فليس يقطع سموها الصلة التى تشدها إلى منبعها
الغريزى البسيط فى طبيعة الإنسان حتى أنه هو القاضى على هذه العاطفة وسموها معا، ومن
الضرورى لكى نفهم الحب أن نعنى أولا بفهم هذه الغريزة وهو ما نخصص له هذه الكلمة.
تقوم الغريزة الجنسية على إفرازات
داخلية تفرزها غدد خاصة تسيطر على نمو الاعضاء التناسلية، وهذه الغريزة شائعة بين
جميع الحيوانات البسيطة عنها عن الحيوانات الكبيرة، ويقول "ريبو" إن
الغريزة الجنسية عند الحيوانات الميكروسكوبية والمتجانسة تظهر لها أعراض حيوية وعضوية
ففى النقاعيات يتحد الزوجان حتى يصيرا شيئا واحدا فتقوى الحياة فيهما، ثم يحدث
الانفصال عن بعض، وقد وهب الله كل منهما حيوية جديدة تمكنه من الانقسام والتوالد
زمنا طويلا.
ويذهب بعض الأطباء والفيسيولوجيين إلى أن كل حاجة نفسية إنما تنشأ من نمو
الأعضاء المحيطة الخارجية والغدد المتصلة بها، وهو رأى الماديين الذين يرجعون الظاهرات
العقلية والحالات النفسية إلى المادة الجسمية نفسها أثناء تطورها وتعقدها.
نجيب محفوظ في السينما.. أكثر من 39 عملا خالدًا
ويرى نجيب محفوظ أنه مهما اختلفت الأقوال فى تعيين منشأ هذه الغريزة فمما لاشك فيه أنها موجودة وأنها قوية ممتدة السلطان على حياة الفرد والجماعة، ولذلك فكل النتائج المعقدة التى تنتج عنها وكل الأدوار التى تلعبها إنما يمهد لها المجتمع بقوانينه وأحواله، وهو الصانع الأول لكل الأحوال والأشكال التى تلبسها هذه الغريزة وتظهر بمظاهرها، هو المسرح الطبيعى الذى تمثل عليه أدوار التقى والشر والطاعة والعصيان والتسامى والانحطاط، وتفسير ذلك فى رأينا ان المجتمع بظروفه وأحواله يحارب الغريزة الجنسية ويقهرها وينصرها ويقويها ويمدها بما يوقظها، وبتحريمه لها بقوانينه ودينه يقويها بمشاهده ومراقصه وفنونه وآدابه.
وطبيعى أن ينشأ من ذلك حالة من الصراع التى تشاهد فى المجتمع وأحوال الإفراط
والتفريط التى تتبادل قذائفها بين الصوامع ودور الخلاعة، فمن الناس من تسمو به
غريزته إلى السماوات ومنهم من تهوي به إلى الحضيض، ومنهم من يتردد بين هذا وذاك، فى
اضطراب وشقاء.