صوم عاشوراء
يعد يوم عاشوراء من الأيام الفاضلة في التاريخ الإنساني والإسلامي؛ لما وقع فيه من أحداث هامة أثرت بشكل كبير في مسار المعركة بين الحق والباطل، كما حوى العديد من الدروس والعبر:
أخرج البخاري ومسلم
بسنديهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ،
فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا اليَوْمُ الَّذِي أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ
مُوسَى، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى
مِنْكُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ»
تعرف على قصة يوم عاشوراء وحقيقة صيام اليهود في هذا اليوم
فقد كان اليهود يصومونه
احتفاء بنجاة نبي الله موسى -عليه السلام- وشكرا لله تعالى على هذه النعمة، ولاريب
أن في هلاك الظالمين عبرة وعظة، وفيه أيضا رحمة من الله يتفضل بها على عباده.
وكانت قريش يصومونه
أيضا وصامه رسول الله- صلى الله عليه وسلم – معهم قبل هجرته الشريفة ، روى البخاري
بسنده أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،
قَالَتْ: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ
صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ،
فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.
وكان صوم قريش لهذا
اليوم شكرا لله – تعالى- لتفضله عليهم فيه بالنجاة من قحط أصابهم زمنا طويلا فصاموه
، وصامه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
إذاً فصوم رسول الله
– صلى الله عليه وسلم- عند قدوم المدينة لم يكن ابتداء أو لعلمه بصوم اليهود، وإنما
وافق صومه صوم اليهود، قال بدر الدين العيني:" وليس معناه أنه صامه ابتداء، لأنه
قد علم في حديث آخر أنه كان يصومه قبل قدومه المدينة، فعلى هذا معناه أنه ثبت على صيامه
وداوم على ما كان عليه".
ما وظائف يوم عاشوراء المستحبة؟.. المفتي السابق يجيب
وقبل وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم، ارتأى مخالفة اليهود، روى مسلم بسنده عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ
تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ
التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فجعل النبي – صلى
الله عليه وسلم- الصيام ليومين وهو أكمل الصوم مع بقاء الأصل لمن أراد الاقتصار على
اليوم العاشر فقط ويكون أصاب السنة أيضا.
وقد أخبر النبي-
صلى الله عليه وسلم- عن الأجر العظيم من صيام هذا اليوم، فقال "صِيَامُ يَوْمِ
عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ"
فكان اهتمامه - صلى
الله عليه وسلم- بصيام المسلمين ليوم عاشوراء
كبيراً، فأمرهم به، وحثهم عليه، وكان يتعاهدهم ويسألهم عن صيامه، فكانوا لشعورهم بهذا
الاهتمام يحافظون عليه، ويدربون صبيانهم على صيامه، ويشغلونهم عن الرغبة في الطعام
والفطر باللعبة يصنعونها لهم من الصوف. رغبة في إدراك هذا الأجر العظيم.