الجراحة العاجلة لاسئصال الفساد بيد النيابة الادارية (1)
بينما يقف الرئيس
عبد الفتاح السيسي وبعض المخلصين يحاربون الفساد المُتعَمِق في جذور الدولة، نرى بعض سلطات الدولة ووزرائها وأجهزتها، وقيادتها عاجزة عن الحركة، أو رافضةً لها، على عكس ما هو مُفترض، فنحن في الحقيقة نُواجه حرب استنزاف من الداخل، وتكاد تلك الحرب أن تعصف بثمار التنمية، فتجعلها هباءً منثورًا
وأنت أيها القارئ، ماذا تفعل إذا أصيبت شقيقتك بمرض خطير نتيجة إهمال طبي في مستشفى حكومى؟، وما شعورك إذا سقط إبن جارك في بالوعة نتيجة إهمال المختصين؟ وشاعت المسئولية الجنائية بينهم؟، وكيف يشعر بالإنتماء من فقد طفلًا صغيرًا في الشارع صعقته اعمدة الكهرباء؟
هل يعلم طارق شوقي أنه لا يعلم؟
لقد ظللنا عقودًا نتحدث عن أن المسئول الياباني ينتحر لارتكابه خطأً أو لفشله في تحقيق أعماله التي يختص بها، وعن الدول التي لا تقبل الأعذار في مجال الوظيفة العامة، ثم نكتفي بالتعجب والحزن على حالنا، دون أن نُحرك ساكنًا، وكأننا الشعب الوحيد المغلوب على أمره
لقد عانت مصر ولا تزال من تفشي الفساد على مدار عقود طويلة, وتلاحظ فى السنوات الاخيرة تغوله وتعدد أسبابه، مما حدا بالمشرع التدخل بإصدار قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية.
ولا يعدو التشريع كونه عملًا انسانيًا، لا يتصف بالكمال، بل يتعين تطويره وتحسينه حينًا بعد حين لسد الثغرات ومواكبة التطورات
وتتزايد خطورة الفساد يومًا بعد يوم بما له أبلغ الأثر على ثقة المواطن فى قوة الدولة فضلًا عن أثاره السلبية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا على المجتمع، ومن ثم فقد لزم مواجهته بطرق تقليدية وغير تقليدية مع التشدد في الضرب على يد الفاسدين بما يكفل زجرهم ومن بين هذه الطرق نظام الفصل بغير الطريق التأديبي.
فقد نصت المادة 16 من القانون 117 لسنة 1958م بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية وتعديلاته على أنه "إذا أسفر التحقيق عن وجود شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة والنزاهة أو الشرف أو حسن السمعة جاز لمدير النيابة الإدارية ـ رئيس هيئة النيابة الإدارية ـ اقتراح فصل الموظف بغير الطريق التأديبي
ويكون الفصل فى هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض الوزير أو الرئيس المختص.
ومما تقدم يتضح أن ضوابط الفصل بغير الطريق التأديبي:
1ـ أن تكون الواقعة بصدد تحقيق تقوم به النيابة الإدارية مع أحد الموظفين.
2ـ أن تتأكد النيابة الإدارية من وجود شبهات قوية تمس كرامة الوظيفية أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة، وقد وصف المُشرع الشبهات بأن تكون قوية.. فلا يكفي وجود شائعة أو شبهات ملفقة أو زائفة أو أقوال عابرة تعوزها الأدلة.
3ـ أن يقترح رئيس هيئة النيابة الإدارية بعد التحقيق فصل الموظف بغير الطريق التأديبي.
4ـ أن يعرض الأمر على الوزير المختص لإحالة الموضوع إلى رئيس الجمهورية لإصدار قرار جمهوري بفصل الموظف بغير الطريق التأديبي.
لماذا تعدى سامح كمال على سلطة المشرع؟
ثم صدر القرار بقانون 31 لسنة 1963متضمنا النص على الفصل بغير الطريق التأديبى وأسند ذلك لرئيس الجمهورية, وجعل القرار الصادر فى هذا الشأن من أعمال السيادة.
وقد ثار جدلٌ فقهيٌ وقضائيٌ بشأن مدى كون صدور قرار رئيس الجمهورية بفصل الموظف بغير الطريق التأديبي من أعمال السيادة وفقاً للقانون رقم 31 لسنة 63 إلا أن المحكمة الدستورية العليا قد حسمت النزاع بقضائها بعدم دستورية القانون المشار إليه.
وأن القول بأنه عمل من أعمال السيادة يُحصِن هذه القرارات، وذلك يسلب جهات القضاء ولاية النظر فى الطعون التي تُوجه إليها؛ بينما هي بطبيعتها من صميم الأعمال الإدارية التي تمر بها الحكومة فى إشرافها على المرافق العامة وليست من أعمال السيادة.. وللحديث بقية