د. أحمد عبد الرحمن يكتب: معتصمون ولكن... ( 4 )
استكمالا لما سبق من عرض بعض الملاحظات والأخطاء التى وقعت فيها جماعات العنف المعتصمين فى رابعة والنهضة، نستأنف..
الحادية عشرة:
ظهور أسوأ ماعندهم:
فقد نظمت لهم الجزيرة برنامج "شاهد على الثورة"، استضافت خلاله أبرز الشخصيات المتواجدة قبل وأثناء الاعتصام، وجعلوا يستعرضون ما فعلوه وماينتوون عمله مستقبلا، فسمعناهم يحكون عن حالات التعذيب والضرب التى قاموا بها ضد بعض الناس، وعمليات الصعق بالكهرباء، والحرق بالنار ضد عدد من الأشخاص، وسمعنا صفوت حجازى يحكى أكاذيبه عن الكرامات، وعن الحصان الأبيض الذى ركب عليه، لا يدري من أين جاء إلى الميدان، ورأيناهم يغلقون الشوارع فى أول جلسة لبرلمانهم، ليمنعوا المتظاهرين من الوصول إليه، وسمعنا عن شرعية البرلمان، وقد كانت بالأمس فقط الشرعية للميدان، وظهرت مقولات مثل "طظ فى مصر.. وحفنة من التراب العفن"، وتغيرت لهجتهم عن الشعب والمواطن الشريف إلى الجهلة والسوقة والدهماء والمنافقين، وغيرها من الأوصاف، بل سمعنا من يصرح أكثر من مرة: "إننا فى جاهلية أشد من جاهلية أبى لهب وأبى جهل"، وفى المقابل أرخت الدولة لهم العنان، ليخرجوا أسوأ مالديهم موثقا بالصوت والصورة، باعترافاتهم أنفسهم، ثم قامت الأجهزة بتجميع هذة الاعترافات القبيحة، وضمها فى ملف واحد، هو شبح الإرهاب الإخوانى الذى يتهدد المجتمع، وقد قالوا كذا وكذا وفعلوا كذا وكذا، والغريب أن جماعات العنف لغبائها ظنت هذه المواقف التى قامت بالإعلان عنها دليل قوة وتمكن، ولم تعتبرها وسيلة للاستدراج تكون مبررا وحجة لضربها ضربة قاصمة وموجعة، وقد رأينا كيف قدمت هذه التصريحات إلى المحكمة وكما يقول البعض: "من فمك أدينك".
الثانية عشرة:
عدم صدقهم فى المناداة بالمبادئ والقيم والأصول الدينية: حيث ظهر للعيان تلاعبهم بهذه الأمور، واعتبارهم لها وسيلة لا غاية، ففعلوا فى السلطة ما رفضوه وهم فى المعارضة، ولم يعيروا اهتماما للمؤسسات الدينية، وإنما تحرشوا بها وبرموزها، ففى أول لقاء لمرسى نجده يتجاهل شيخ الأزهر، لا يصافحه، ولا يسلم عليه، وهذه خطيئة كبرى، سواء كانت عن قصد أو عن غفلة، كذا نراهم يخرجون متظاهرين، يطالبون بعزل الإمام الأكبر بحجة تسمم الأطعمة فى مطعم الجامعة، والغريب أن اللافتات والشعارات كانت جاهزة خلال نصف ساعة من الحادثة، والمطالب كانت محددة، مما يعطى إشارة أنها مبيتة، ومعد لها سلفا، فهم يعتبرون الإمام من يقايا النظام السابق، الذى يجب التخلص منه، وربما يحل القرضاوى محله، ونجدهم يبررون الاقتراض بفائدة ولو قليلة من المؤسسات الدولية، ويسمونها مصاريف إدارية وقد كانوا يعدونها ربا مرفوضا قبل ذلك، ورأيناهم يرخصون للملاهى والكازينوهات ثلاث سنوات دفعة واحدة، وقد كان يرخص لها سنة واحدة، ورأيناهم يطلقون رجالهم يهاجمون الفن والفنانات، ثم يستقبلهم الرئيس فى قصره، بعدما أوسعوهم سبا وشتما وقذفا، ونجدهم يقيمون حفلة فى شرم الشيخ لتنشيط السياحة شارك غيرهم من احزاب الاسلام السياسى، وقد انسحب من الحفلة الحزبان الآخران بعدما خرجت المغنية كاشفة بزيادة، رأوها غير مقبولة، وكأنهم توقعوها ستخرج عليهم بالحجاب مثلا، لتغنى فى شرم مدينة السياحة والسياح، وعندما طرح قانون الصكوك الاسلامية كان الدستور ينص على عرضه على هيئة كبار العلماء بالازهر، إلا اننا وجدنا عصام العريان يعترض على إحالته لكبار العلماء، زاعما أن النص الدستورى ليس نصا آمرا، وانما هو اختيارى فقط، ويرفض الإحالة للازهر، لأن هذه الإحالة برأيه ترسخ فكرة الدولة الدينية التى يرفضها، وياللعجب تقول: إن مرجعيتك دينية اسلامية، ثم ترفض الاحالة للعلماء ؟!!، ولوكنت صادقا لانتهزت أى فرصة للاحالة، حتى لولم يكن النص آمرا، ليسمع المجتمع والدولة حكم الاسلام والفقهاء والازهر فى هذا القانون، ويعتادون على مراجعة العلماء، لكن الهوى يهوي بأصحابه كما يقولون، وهذا ليس بغريب على جماعة لم يتصدر لرئاستها عالم قط، وانما كلهم قانونيون أو أكثرهم - الهضيبى الأب والابن.. التلمسانى.. عودة.. وآخرون.. فبان للناس عدم صدق هذه الجماعات فى شعاراتها الدينية، وأحسوا بالنصب عليهم باسم الدين، اضافة الى تمسك البعض بفروع الفروع، وتركهم للاصول، كحادثة الاذان فى المجلس، والاستخفاف من بعضهم بالمجلس ونظامه، ورفع لافتة مكتوبا عليها "عايز ادخل الحمام"، مما أظهرهم كالبهلوانات فى الموالد، الى غير ذلك من الأمور، قد يعترض البعض قائلا: هل الذين جاءوا من بعدهم كانوا اكثر احتراما للدين ؟ والرد أن سوء البعض لايبرر سوء الآخرين، خاصة اذا كان هؤلاء الآخرون يتحدثون باسم الاسلام، ويظهرون حرصهم وحدبهم عليه.