رئيس التحرير
عصام كامل

"الحارث".. محاولة رعب سينمائية فارغة الأحداث

بوستر فيلم الحارث
بوستر فيلم الحارث

كثيرون كانوا يعولون على فيلم "الحارث" آمالاً كبيرة لمشاهدة فيلم رعب مصري جيد، بالتأكيد ليس في مستوى أفلام هوليود ولكن على الأقل فيلم يحمل قصة وأحداث جيدة، بجانب عناصر التصوير والإخراج والديكور وغيرها، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فالفيلم كان مخيب جداً للآمال.

 

دعنا في البداية نستعرض قصة الفيلم ثم نحدد المشاكل التي احتوى عليها، تدور القصة في واحة سيوة التي تنتشر فيها نبوءة قديمة بأنه في ليلة معينة في السنة يأتي إبليس ليختار بنتا من بنات الواحة ليتزوجها وينجب منها ذرية تملأ الأرض فساداً، وهو ما يحدث عام 1983، فيختار سيدة ويعاشرها وينجب منها بعدها بدقائق طفل صغير. ثم تبدأ الأحداث عام 2012 حينما يذهب أحمد الفيشاوي وياسمين رئيس ليقضيا شهر العسل في واحة سيوة وينجبان بعدها طفل صغير لا يتحدث، ثم يموت الطفل فتتحول حياة الثنائي إلى حياة بائسة وتبدأ الأم في رؤية أشياء غريبة لتذهب إلى معالج روحاني يخبرها بأن الأمر صعب ولن يساعدها، ثم يدخل زوجها مصحة نفسية بعد توصية من صديقه الدكتور النفسي الذي يقوم بدوره علي الطيب.

 

بعد كل ذلك يسافر الجميع إلى واحة سيوة مرة أخرى، فقد أخبر الطبيب ياسمين بأنه ذاهب إلى واحة سيوة في رحلة علاجية وسيصطحب مجموعة من المرضى النفسيين ليعالجهم ومن الأفضل أن تذهب معه هي وزوجها، وهناك يكتشف الفيشاوي وياسمين أن صديقهم علي هو ابن الشيطان الذي تم إنجابه عام 1983 وأنه يحاول أن يخطف ياسمين من صديقه لكي تعيش معه ولكن في النهاية تقتله ياسمين.

 

على مستوى القصة فهي في مجملها جيد ولكن تم حبكها بشكل خاطئ، ومن الأحداث التي تدل على ذلك هو أول مشاهد الفيلم، فالواحة كلها تعلم بالنبؤة، فكيف عندما تنجب تلك السيدة مولود في خلال دقائق من معاشرتها يتم الإحتفاظ به وتربيته بالرغم من علمهم بأنه ملعون، بل الأدهى أن زوج السيدة حاول حرق المنزل بها بعدما حدث ذلك ولكن أهل الواحة أطفئوا النيران وأنقذوا الجنين، وهي ثغرة كبيرة في الأحداث.

 

أضف لذلك أن أحداث الفيلم من الداخل غير مشوقة، فكلما تشعر بأن هناك شيئاً سيحدث تتفاجئ في نهاية المشهد أنه لا يوجد أي شئ، أحداث فارغة وما يعطيها أهمية هي الموسيقى التصويرية فقط، بالإضافة لعدم تناسق بعض الأحداث داخل القصة، ففي الأحداث نكتشف أن "علي" الدكتور النفسي كان هو السبب في الهلاوس البصرية والسمعية التي تحدث لصاحبه وزوجته، وكان ينكر أحداث وقعت بالفعل وكانا يصدقانه بداعي أنهما غير متزنين نفسياً، ولكن الصديقة التي تقوم بدورها أسماء جلال لم تكن تتعاطى معهما العقار الذي يسبب الهلاوس، ومع ذلك أنكرت بعض الأحداث التي كانت شاهدة عليها وكان "علي" طرف فيها، بالإضافة إلى أنه مع نهاية الفيلم تكتشف أن كون الطفل أبكم لم يكن له أي معنى، ولم يكن يشير لأي شيء، لذلك لم نفهم سر ظهوره كطفل أبكم يحتاج للعلاج ولو كان ظهر كطفل طبيعي كان الأمر سيسير بنفس الطريقة، وغيرها من الأحداث التي على نفس الشاكلة.

 

أما على مستوى الأداء فحدث ولا حرج، أداء سيء من أحمد الفيشاوي، ربما يكون أسوأ الأفلام في تاريخه على الإطلاق، فهو يظهر كشخص آبله بدون داعي، والشخصية لا تحتاج لذلك، أضف لذلك طريقة حديثه التي كانت صعبة، وكأنك تشعر بأن على لسانه جبل ضخم يعاني الفيشاوي منه حتى يحرك لسانه، نفس الأمر ينطبق على ياسمين رئيس التي تؤدي أسوأ أدوارها على الإطلاق وكانت تقدم شخصية خاوية وظهرت أمام الكاميرا "فلات" لا تستطيع أن تفهم مشاعرها ولا احساسها على الرغم من أن الشخصية كان بها مساحة لذلك، وهي أيضاً تتحدث بصعوبة أضف لذلك عدم قدرتها على الصريخ وكأنها تجاهد كي تظهر انفعالها، وظهرت أسماء جلال بشكل جيد إلى حد ما ولكنه في حدود الشخصية التي تقدمها، وكذلك كان ظهور علي الطيب جيد جداً وأدي الشخصية التي يلعبها بشكل رائع، ليس هو الأداء الخرافي ولكنه كان أفضل أبطال الفيلم وأكثرها إظهاراً لمشاعرها وتعبيرات وجهه.

 

ولكن الأفضل على الإطلاق كان الفنان رشدي الشامي الذي ظهر في مشهدين فقط وأداهما على أفضل مستوى، وعلى الرغم من صغر حجم دوره إلا أنه تألق بشدة في تقمص دور المعالج الروحاني، وكان ادائه يتميز بالسلاسة والمرونة بالرغم من تعقيد الشخصية.

 

الفيلم في مجمله ليس سيئاً ولكن ربما لأنه التوقع بجودة سينمائية أفضل من ذلك هي السبب في الصدمة التي سببها إيقاع الفيلم البطئ والخاوي.. فقد كان في الإمكان أفضل مما كان.

الجريدة الرسمية