رئيس التحرير
عصام كامل

مطبات في طريق «التصالح في مخالفات البناء».. شكاوى من المغالاة في قيم التصالح ومطالب بمد مهلة التقديم 6 أشهر إضافية

مخالفات البناء -
مخالفات البناء - صورة أرشيفية

«اهتمام الدولة لا يكفى».. حقيقة كشفتها الأزمات والمشكلات التي لا تزال تحاصر تطبيق التصالح في مخالفات البناء، فالدولة ممثلة في حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، تدفع بقوة نحو تفعيل القانون على الجميع، إلا أن الواقع يؤكد ضعف الإقبال من المواطنين على التقدم لإتمام إجراءات التصالح على عكس ما هو متوقع.

 

أسباب التراجع

 

ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها وباعتراف الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان تعقيد بعض الجهات الحكومية والتعسف في استخدام القانون، وإجبار المواطنين على تقديم مستندات واتباع إجراءات من الصعب تطبيقها، وذلك بالمخالفة للائحة التنفيذية للقانون، فضلًا عن حالة الارتباك الواضحة التي شهدتها تصريحات المسئولين حول المسئول عن تقديم طلبات التصالح هل مالك الوحدة السكنية أم مالك العقار والمقاول المنفذ للعقار، بما لتحميل كل طرف منهم المسئولية على الآخر والهروب منها خوفا من تحمل قيمة التصالح.

 

كما يشكو ملاك الوحدات السكنية من أنهم غير مسئولين عن مخالفة المقاول ومالك العقار للقانون، وعدم الحصول على تراخيص، وأنه المستفيد الأول وحقق الأرباح الطائلة من بنائه العقار المخالف، والمواطن البسيط اضطر للشراء منه نظرا لضعف قدرته الشرائية، ودفع كل ما يملك «تحويشة العمر» في ثمن الوحدة السكنية التي يقطن بها.

 

الأجهزة المحلية

 

كما أن هناك مخالفة واضحة من الأجهزة المحلية لقرارات اللائحة التنفيذية للقانون، ومنها على سبيل المثال رفض قبول طلبات التصالح على عدد معين من الوحدات السكنية بالعقار، وإجبار المواطنين على التقدم بطلبات على العقار كاملا، وهو أمر صعب تطبيقه على أرض الواقع، حيث إن بعض الابراج السكنية يزيد عدد الوحدات السكنية بها على 50 وحدة سكنية، ولا يوجد اتفاق بين جميع ملاك الوحدات السكنية بالعقار، وبالتالى فمن الصعب التقدم بطلب تصالح واحد من الجميع.

 

قيمة التصالح

 

«ارتفاع قيمة التصالح» سبب آخر ينضم إلى قائمة المشكلات التي تواجه تطبيق القانون، حيث تشهد بعض المناطق مغالاة واضحة في قيمة التصالح، ولا تتفق مع ما هو كائن على أرض الواقع، وهناك مطالب بضرورة تخفيضها بدرجة كبيرة، وكذلك تخفيض نسبة جدية الحجز لأقل من 25% نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه المواطنين خلال الفترة الحالية، في ظل تداعيات أزمة كورونا.

 

كما يطالب المواطنون بضرورة مد فترة السماح لقبول طلبات التصالح لـ6 أشهر جديدة بدلا من غلق الباب 30 سبتمبر المقبل، وشددوا على أهمية تيسير الأحياء وأجهزة التنمية المحلية من إجراءات التقديم على التصالح، وحل العقبات التي تواجه المواطنين وخاصة مالكى الوحدات السكنية لأنهم ليسوا تجارا أو مقاولين أو راغبين في الربح من وحداتهم السكنية.

 

مطبات التنفيذ


وفي هذا السياق قال الدكتور حسين جمعة، رئيس جمعية الثروة العقارية المصرية: تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء واجه العديد من المشكلات على أرض الواقع، وهو أمر متوقع في ظل ارتفاع حجم مخالفات البناء في مختلف أنحاء مصر، وتباين حالاتها وموقفها، والإشكالية الكبرى التي تواجه المواطنين تتمثل في ارتفاع قيمة التصالح في بعض المناطق والمحافظات.

 

ولا بد من إعادة النظر مرة أخرى في تسعير قيمة التصالح، بما يتوافق مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه المواطنين، علاوة على ضرورة إيجاد حل عملى لإشكالية من يتقدم ويتحمل قيمة التصالح هل مالك الوحدة السكنية أم المقاول وصاحب العقار في ظل تهرب كل طرف وتحميل المسئولية على الطرف الآخر.

 

تعقيد الإجراءات

 

وأضاف: هناك جهات تسعى لتعقيد إجراءات التصالح وهو ما يخالف اتجاه الحكومة نحو تيسير الإجراءات لتشجيع المواطنين للتقديم على التصالح، لأن القانون يهدف لحل مشكلات المواطنين في المقام الأول، ولهذا نطالب بضرورة منح مهلة إضافية جديدة لمدة 6 أشهر لتقديم طلبات التصالح، لأن فترة الشهر لا تكفى المواطنين لتقديم طلبات التصالح وخاصة مع ارتفاع عدد العقارات المخالفة على مستوى مصر سواء بالمدن أو الريف، ومن الواجب تخفيض نسبة مقدم جدية الحجز للتيسير على المواطنين وإتاحة تقسيط باقى المبلغ.


ومن جهتها قالت المهندسة نفيسة هاشم، رئيس قطاع الإسكان بوزارة الإسكان: وزارة الإسكان دورها التفسير والتوضيح لنصوص القانون واللائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء، أما تطبيق القانون فمسئولية «المحليات»، و95% من الإشكاليات المثارة قدمت اللجنة المشكلة بوزارة الإسكان حلول لها في الكتب الدورية التي صدرت، لكن هناك إشكاليات تعتبر عامة كبيرة يمكن أن توقف القانون، مثل بعض الجهات الإدارية تطالب بتقديم مستندات غير منصوص عليها في القانون.

 

لذلك أوضحنا أننا لا تلتزم إلا بالمستندات المنصوص عليها في القانون واللائحة التنفيذية، ومن الإشكاليات أيضا امتناع الجهات الإدارية عن إصدار شهادة إيقاف للإجراءات القانونية والغرامات، وأوضحنا أيضا أنه بمجرد التقدم بالطلب يتم إيقاف أو إرجاء الإجراءات القانونية والغرامات، وبعض الجهات للأسف تتعنت في هذا الإجراء.

 

وتابعت: الإشكاليات تتضمن أن بعض الجهات الإدارية تسارع في تنفيذ قرارات الإزالة، وأن اللجنة تلقت شكاوى من بعض المواطنين، وكان رد اللجنة أنه طالما تقدم بطلب لا تتسرع في تنفيذ قرار الإزالة، كما أن بعض الجهات الإدارية كانت ترفض استقبال بعض الطلبات، واللجنة قالت في هذا الأمر «ليس دورك، دورك أن تستقبل الطلب وترفع للجنة التي من المفروض أن تتخذ القرار، وتعطى للمواطن حقه في أن يتظلم»، وهناك إشكالية أخرى عن عدم صدور قرار من بعض المحافظين بتحديد الحالات التي يتم فيها التصالح على مخالفات تغيير الاستخدام.

 

وضع القرى 

 

وتم الإرسال لهم والتأكيد على أن يحدد المحافظون والمجتمعات العمرانية المناطق التي يسمح فيها بتغيير الاستخدام ولفتت نفيسة هاشم، إلى أنه من ضمن الإشكاليات أسئلة عن وضع القرى، موضحة أن «القرى لم تكن مطالبة بترخيص إلا بعد صدور قانون البناء عام 2008، وبالتالى قبل عام 2008 هو بنى وفقًا للتشريع القائم وقتئذ وليست مخالفة.

 

وما حدث بعد قانون 119 لسنة 2008 يعتبر مخالفة وبالتالى يتم التصالح معه، واللجنة ردت بأنه يتم استقبال كل الطلبات للتصالح مع مراعاة القرى، وتم التنويه على ذلك في الكتاب الدوري، كما أن هناك إشكالية أن بعض الجهات الإدارية كانت تشترط أنه يجب أن يقدم طلب تصالح على الأدوار بالكامل، وقلنا لهم ما يتقدم به مقدم الطلب سيأخذ صفته سواء مالك وحدة أو دور أو المالك الأصلى للعقار.

 

لكن الموضوع أن الملكيات تفتت وأصبحت عبارة عن عدة ملكيات، وبالتالى استقبل من مالكى الوحدات سواء في بدروم أو أي دور أو اتحاد الشاغلين إن وجد، أو يوكلوا فيما بينهم من يتقدم، لكن هناك شرط ألا يتقدم أحد للتصالح على دور وتحته وأسفله أدوار ستزال، لأن ذلك سيشل يد الدولة أن تتخذ إجراءها القانونى قبل هذه المخالفة سواء بالتصالح أو الإزالة، وهذا ما يتم على أرض الواقع أنهم يتفقون فيما بينهم.

 

توصيات


وكانت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، برئاسة المهندس أحمد السجيني، أعدت مجموعة توصيات بشأن المشكلات الناتجة عن تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء، في مقدمتها مطالبة الحكومة بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمراجعة كافة الأسعار المقررة بجميع المحافظات الوارد بها شكاوى وتظلمات.

 

وذلك وفقًا لمعايير متوازنة تراعي البعد الاجتماعى والمساواة بين الوحدات المحلية والشياخات والعزب والنجوع، وكذلك تستوعب البعد التاريخى المعقد لهذا الملف والتشابك في المسئوليات الناتجة عن الترهل المؤسسي والفساد الإداري والمالي بالجهات الإدارية في الحكومات السابقة على مدار ما يزيد على خمسين عامًا.

 

وشملت «توصيات الإدارة المحلية» مطالبة الحكومة بإعادة صياغة البيان الإعلامي الصادر عنها، الخاص بتسويق هذا التشريع والجهد اللازم لتشكيل الوعي الحقيقي لمكتسبات القانون، وذلك بعد حالة اللغط الواقعة عند التطبيق، على أن يستهدف البيان فلسفة ومبتغى القانون في تحقيق السلم المجتمعي وتوفير حياة كريمة ومرافق متطورة تليق بالمواطن المصري، وكذلك توجيه وزارتي الإسكان والتنمية المحلية بعدم الاكتفاء بالكتب الدورية المفسرة للتساؤلات الواردة من التنفيذيين.

 

والبدء الفوري بالتنسيق لعمل ورش عمل ودورات تدريبية لسكرتارية العموم ورؤساء الأحياء لشرح تلك الكتب الدورية وتوجه الدولة في هذا الشأن، وذلك لتلافى أوجه القصور في الفهم والتطبيق وعدم السماح لبعض الفاسدين وأصحاب المصالح من العاملين بتلك الإدارات واللجان التنفيذية في استغلال اللغط الدائر لتحقيق مصالح شخصية فاسدة لهم.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية