رئيس التحرير
عصام كامل

جدال بين محمد حسين هيكل وطه حسين حول علاقة الحرب بالحضارة

الدكتور محمد حسين
الدكتور محمد حسين هيكل

ثار جدل واسع في الأوساط الأدبية والصحفية أثناء الحرب العالمية حول ماهية الحرب، فقال الدكتور طه حسين: إن الحرب كانت وستبقى أساس المدنية في كل وقت.. بينما قال الصحفي والسياسي الدكتور محمد حسين هيكل ــــ ولد في مثل هذا اليوم 1888 ــ إنها مظهر للوحشية فكتب هيكل في مجلة "السفور"، عام 1915، يرد على الدكتور طه حسين، ويقول:

 

"لست أدري كيف يمكن أن يقول قائل بنقاء الحروب، وإنها كانت وما تزال من أسباب المدنية، وإنها كانت وستبقى من أسباب اختلاط بني آدم، وكم جمعت الحرب بين الشعوب".


وأقول للقائل: كم اجتمعت الشعوب من غير حرب وكم قامت المبادئ والفلسفات من غير حرب، وكم خطت الإنسانية فيما وصلت إليه في طريقها من غير حرب.. في حين كانت الحرب في كل أدوارها مظهر للفظاعة والقسوة والوحشية وقيام الحيوانية الشنيعة بظلمها لإخضاع الرحمة والعدل".

 

يقول طه حسين: "إننا نسترسل مع عواطفنا ونترك خيالنا يتحكم فينا ولا نسمع لما ينادي به عقلنا، وأقول له أخيال هي الدماء السائلة والارواح الزاهقة والآثار المحطمة؟!، ولهذا جاهدت الإنسانية تريد محوها.

 

إن النظر للأشياء بالعقل المجرد وادعاء المنطق لتسيير العالم كان فى كل العصور سبب الوقوع فى الخطأ.
أهناك خطأ أتعس من القول بأن الحضارة نتيجة الحرب مع أن الحرب عالم الموت والحضارة ابنة الحياة؟! 

غدا تعلم الإنسانية أن محركي الحروب أعداؤها الألداء، والدافعون بها في مهاوي الخراب، فتثور عليهم وترمي بهم من عروشهم، وتستمر هي في طريقها طريق التنافس السلمي إلى نعيم الحياة.
نعم غدا تفيق الإنسانية من سباتها، ويرى الناس هذه الجرائم التي ارتكبوها مدفوعين إليها بآراء المتعسفين القساة من حكامهم، وسوف تفيق إفاقة دائمة".

 

قراءات رمضانية | كيف كان يعيش العرب قبل الإسلام.. طه حسين يجيب

 

 

"إن لبريق السيوف ولأصوات المدافع، ولمنظر ورائحة الغازات الخانقة مهابة وجلال.. لكنها مهابة عزرائيل وجلال الجحيم، وما عهدنا بالموت والعذاب موارد لنعيم الحياة ورفاهة الحضارة.


إنما النعيم والرفاهية في التنافس السلمي المبني على الإخاء والرحمة والعدل، والتاريخ يشهد، والواقع يؤيده أنه ما حل الظلم بأرض إلا اضمحلت".


الجريدة الرسمية