رئيس التحرير
عصام كامل

د.خيرى صالح يكتب: مبدأَ الأخوة الإيمانية في هجرة المصطفى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

اقتضت حكمة الله تعالى أن يَهاجر سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم من مكةَ المكرمة، مسقط رأسه ووطنه وعشيرته وأحب البقاع إليه، إلى المدينة المنورة؛ حيث بناء الدولة الإسلامية التي أرسى فيها رسول الله  مبدأَ الأخوة الإيمانية في أسمى معانيها ووضع فيها اول دستور للمؤمنين متمثلًا في صحيفة المدينة الذي يضمن للجميع( مسلمين- أهل الكتاب وغيرهم) حقوقهم ويعرفهم بواجباتهم. 


فهي هجرة إلى الله في أبلغ صورة وأصدق تعبير لحب الله والتعلُّق بحبل الله المتين، والتمسك بميثاق الله الذي أخذه علي النبيين والمرسلين .. هجرة مستصحَبة بالمدَد والعون الإلهي، من أجل نصرة دعوة التوحيد،  كما قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].



هذه الهجرة النبوية تُجسِّد بجلاء قيمًا ومعانيَ عظيمةً في مختلف جوانب الحياة : كالأخذ بالأسباب من اجل تحقيق الآمال، والتوكُّل على الله فى كل الامور، والصبر على الابتلاء ، والإخلاص فى القول والعمل، والتعايش وقبول الاخر، واستلهام القيم النبيلة، من تضحية بالنفس والمال، وسموٍّ في المقصد، و قوة الدفاع عن النفس والارض والعرض والدين،  ورقة فى القلب والانتماء الي الوطن وقد تجلَّى ذلك واضحًا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا مكة: (ما أطيبَك من بلد، وأحبَّك إليَّ! ولولا أن قومَك أخرجوني منك ما سكنتُ غيرك).


لذا علينا أن نجعل ذكرى هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة موعظة حسنة للنفس، وبداية جديدة مع الله،  وتصالح وتسامح مع الاخر، ومؤاخاة بين المسلمين مثل تلك المؤاخاة التي عقدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، حتى اقتسموا المهنة والمسكن ولقمة العيش معًا، وعاشوا متعاونين على البر والتقوى والدفاع عن دعوة التوحيد ودولة الاسلام .


كل عام ومصر واهلها والامة الاسلامية بخير وسلام وأمان ومحصنين ضد وباء الفتنة والفرقة الذي هو اشد فتكًا من وباء كورونا.. حفظ الله البلاد والعباد من كل سوء.

 

بقلم د. خيري صالح شعراوي
قسم الدراسات الاسلامية باللغة الفرنسية
كلية اللغات والترجمة
جامعة الازهر

الجريدة الرسمية