رئيس التحرير
عصام كامل

5 أزمات واجهت مرسي عجَّلت بـ"إنذار" الجيش.. استقالة محافظ الأقصر.. وقتل شيعة.. واتهام حماس بالاتفاق مع الإخوان على هروب المساجين في ثورة يناير.. وتراجع البورصة.. وتهديدات الألتراس

الرئيس محمد مرسي
الرئيس محمد مرسي

واجهت الرئاسة المصرية 5 أزمات في أقل من 24 ساعة وسط أوضاع متدهورة ميدانيًا وسياسيًا واقتصاديًا وحالة احتقان حادة ومخاوف في الشارع المصري من موجة عنف دامية، دفعت كلها إلى ما يبدو وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلى إطلاق تحذيره القوى السياسية المتناحرة بأن "الجيش المصري لن يظل صامتًا أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه".


أولى الأزمات بدأت صباح اليوم "الأحد"، باستقالة محافظ الأقصر السياحية الشهيرة، القيادي في الجماعة الإسلامية عادل الخياط، وذلك بعد أسبوع من تعينيه من جانب الرئيس، وهو القرار الذي أثار استياء شركات السياحة واحتجاجات شعبية في المحافظة وكذلك عدد من السياسيين والمسئولين دفعت وزير السياحة هشام زعزوع للتقدم باستقالته التي رفضها رئيس الحكومة هشام قنديل.

وقال الخياط في مؤتمر صحفي بحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في القاهرة اليوم الأحد: "أقدم استقالتي تحقيقًا لمصلحة الوطن وحقنا للدماء في محافظة الأقصر"، بينما قال خالد الشريف، المتحدث الإعلامي باسم حزب البناء والتنمية في المؤتمر الصحفي نفسه: "نتخلي عن المناصب حتى لا نكون عقبة أمام ازدهار السياحة، وكنا قادرين على تمكينه (أي الخياط) من عمله، لكننا آثرنا مصلحة الوطن، وحرصًا على حقن الدماء".

واحتج المئات من أبناء الأقصر خلال الأيام الماضية على تعيين الخياط في المنصب على خلفية انتماء الأخير للجماعة الإسلامية التي تم اتهام أفراد تابعين لها بتنفيذ هجوم استهدف سائحين في أحد معابد الأقصر في عام 1997؛ مما أودى بحياة أكثر من 50 سائحًا، وهي الحادثة التي تعرف إعلاميًا باسم "مذبحة الأقصر".

وعقب قرار الاستقالة، خرج هؤلاء في مسيرة احتفالًا باستقالة الخياط، ورددوا هتافات مناوئة للرئيس محمد مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين ورفعوا لافتات مكتوبًا عليها "الأقصر لن تنكسر"، كما فتح المحتجون الطريق المؤدي لمبنى المحافظة، كما سمحوا للموظفين بدخول المحافظة بعد منعهم من ممارسة أعمالهم خلال الأيام الماضية اعتراضًا على تعيين الخياط في هذا المنصب.

أما الأزمة الثانية، فتمثلت في سقوط قتيلين وإصابة 5 آخرين اليوم أيضًا من الشيعة، من بينهم اثنان في حالة خطيرة قد تودي بحياتهما، إثر الاعتداء عليهما من قبل أهالي قرية بمحافظة الجيزة، بحسب حصيلة مؤقتة من مصادر أمنية مصرية.

وأفاد المراسل الموجود في موقع الأحداث أن المئات من أهالي قرية "زاوية أبومسلم" بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، جنوب غرب القاهرة، من بينهم من يعتقد أنهم من التيار السفلي، حاصروا منزلا يملكه مواطن يدعى "شحات عمر" قالوا إن به حسن شحاتة، القيادي الشيعي المصري ومعه عدد من الشيعة اعتقد الأهالي أنهم كانوا يقيمون طقوسا خاصة بمذهبهم الشيعي، وهو ما استفزهم، وردد المحاصرون من أهالي القرية هتافات تطالب بقتلهم، ومن الهتافات "الشيعة كفرة"، "اقتلوه ادبحوه".

ويأتي ذلك بعد نحو 10 أيام تقريبا من إحراج تعرضت له الرئاسة على خلفية تصريحات الداعية الشيخ محمد حسان، بمطالبته مرسي في مؤتمر جماهيري لدعم ونصرة سوريا بغلق أبواب مصر في وجه "الرافضة (الشيعة)، وهو ما اعتبره معارضون لمرسي تحريضا طائفيا في مصر، ووجهوا انتقادات للرئاسة لأنها صمتت عن هذا "التحريض".

ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد الشيعة في مصر، إلا أن تقرير الحريات الدينية الذي أصدرته الخارجية الأمريكية في العام 2006 يقدر عددهم بأنه أقل من 1% من عدد سكان مصر البالغ في حينه 74 مليون نسمة أي قرابة 740 ألف شخص، ويعترف الأزهر بالمذهب الشيعي منذ ستينيات القرن الماضي، إلا أن شيخ الأزهر أحمد الطيب انتقد بشدة "المد الشيعي" خلال زيارة قام بها الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد للقاهرة في فبراير الماضي.

وقوبلت أفواج من السياح الإيرانيين زارت مصر منذ أبريل الماضي بهجوم سلفي شديد أدى إلى غلق الباب مؤقتا أمام تلك السياحة خصوصًا بعد اعتداء سلفيين على منزل القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة مجتبى أماني في أبريل الماضي.

أما الأزمة الثالثة، فتمثلت في الحكم في قضية اقتحام سجن وادي النطرون إبان ثورة يناير 2011، حيث اتهمت المحكمة المصرية، اليوم، حركة حماس بـ"التخطيط مع التنظيم الإخواني" (جماعة الإخوان المسلمين) لتهريب سجناء بينهم الرئيس المصري محمد مرسي من سجن وادي النطرون، إبان ثورة 25 يناير2011.

كما قضت المحكمة بعدم الاختصاص في نظر القضية موضوعا، ومن ثم إعادتها إلى النيابة العامة لإعادة التحقيق فيها، وهو ما أثار جدلا قانونيا حول مثول الرئيس أمام النيابة للتحقيق، حسمه جمال جبريل، عضو الهيئة القانونية للرئاسة المصرية، الذي قال إن مرسي "لن يمثل لأن "دستور البلاد نص على خصوصية في محاكمة الرئيس أو مثوله أمام جهات التحقيق، تقتضي موافقة البرلمان أولا، كما ينص على تشكيل هيئة تحقيق خاصة وكذلك هيئة محكمة خاصة".

وقررت المحكمة اليوم، مخاطبة الإنتربول لإلقاء القبض على كل من سامي شهاب القيادي بحزب الله اللبناني، وأيمن نوفل القيادي بحركة حماس، ورمزي فوقي مسئول تنظيم القاعدة بسيناء المصرية، متهمة إياهم بالضلوع في التخطيط لتهريب نحو 12 ألف سجين من سجن وادي النطرون وعدة سجون أخرى خلال أحداث الثورة المصرية، وعلقت حماس على الحكم بأنه "مناكفة سياسية" بين قضاء مصر والإخوان.

والأزمة الرابعة تمثلت في استمرار تراجع البورصة اليوم لأدني مستوى لها في عام، وذلك في ظل تصاعد حالة التناحر السياسي بعد بحكم فضائي يتهم حركة حماس الفلسطينية بالتخطيط مع جماعة الإخوان المسلمين، لتهريب سجناء بينهم الرئيس المصري محمد مرسي من سجن وادي النطرون، إبان ثورة 25 يناير2011.

والأزمة الخامسة التي عكست ضياع هيبة الدولة تمثلت في دخول جماهير 4 أندية مصرية عنوة لملاعب الكرة لحضور المباريات رغم قرار العامري فاروق وزير الرياضة المصري، والشرطة المصرية بمنعها من حضور مباريات الكرة.

وتم إجبار الأمن المكلف بتأمين مباراة فريقي الزمالك والإسماعيلي اليوم على السماح لأعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك المصري (وايت نايتس)، وألتراس النادي الإسماعيلي بالدخول إلى ملعب مباراة الفريقين، التي يفترض إجراؤها دون حضور جماهير، وأقيمت مساء اليوم على ملعب شرقي القاهرة.

واقتحم جماهير نادي الاتحاد السكندري مباراته اليوم مع المقاولون والتي اقيمت على ملعب الترسانة غربي القاهرة، وذلك بعد مرور أقل من 24 ساعة على اقتحام جماهير النادي الأهلي لمباراته مع الجونة في ملعب الدفاع الجوي شرقي القاهرة.

وفي خضم تلك الأزمات المتلاحقة في فترة زمنية قصيرة، وجه وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ظهر اليوم، مما اعتبره خبراء عسكريون "إنذارًا" لكل القوى السياسية، قائلًا إن الجيش المصري "لن يظل صامتًا أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه"، موضحًا أن القوات المسلحة "تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسئوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي"، كما طالب القوى السياسية بـ"التوافق والمصالحة الحقيقية" قبل تظاهرات مرتقبة للمعارضة في 30 يونيو الجاري.. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال ندوة تثقيفية نظمتها القوات المسلحة بمسرح الجلاء للقوات المسلحة شرقي القاهرة.

ولفت السيسي خلال كلمته إلى أن "هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع واستمرارها خطر على الدولة المصرية، ولابد من التوافق بين الجميع، ويخطئ من يعتقد أن هذه الحالة في صالح المجتمع، ولكنها تضر به وتهدد الأمن القومي المصري".

كما حذر وزير الدفاع المصري من أن "الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هي إساءة للوطنية المصرية والشعب المصري بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه ولن تقف القوات المسلحة صامته بعد الآن على أي إساءة قادمة تُوجه للجيش، وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري".

وفي ختام تصريحاته أكد السيسي أن "القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا من الوقت أسبوع (يقصد قبل انطلاق تظاهرات للمعارضة في 30 يونيو، يمكن أن يتحقق خلاله الكثير، وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضرة ومستقبله".

ومنذ الجمعة الماضي يعتصم عشرات المصريين أمام مقر وزارة الدفاع بوسط القاهرة لمطالبة الجيش بالتدخل في الحياة السياسية والعودة لقيادة البلاد في ظل ما اعتبروه "فشل" الرئيس محمد مرسي في إدارة البلاد وتصاعد حالة الانقسام.

وتصاعدت حدة التصريحات "النارية" والاتهامات المتبادلة بين مؤيدي الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضيه خلال الأيام القليلة الماضية والتي وصلت إلى حد التهديد.

وشهدت تظاهرة أمس الأول "الجمعة"، التي نظمتها أحزاب إسلامية داعمة لمرسي بالقاهرة تحت عنوان "لا للعنف"، تصريحات حادة من قبل أنصار الرئيس، حيث توعد أحدهم "بثورة إسلامية" في مقابل حراك المعارضة، ووصف آخر معارضيه "بالعرايا"، في مقابل وصف أحد المعارضين المشاركة في تظاهرات 30 يونيو ضد النظام الحالي بـ"الجهاد لإنقاذ مصر من خطر الإخوان (المسلمين)".

كما شهدت تظاهرة الجمعة انتقادات للمؤسسة العسكرية من أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذي تحدث عن مسئوليتها عن هزيمة مصر أمام إسرائيل في حرب يونيو 1967.
الجريدة الرسمية