هل أجاز الإسلام للمرأة حق المشاركة السياسية بالانتخاب والترشيح؟
يقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1] .فهل معنى ذلك أن الإسلام أقر حق المشاركة السياسية للمرأة؟
يجيب الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا بالقول:
إن الإسلام كرم المرأة تكريما لم تحظ بمثله في التشريعات الأخرى.. وأن القرآن الكريم به كثير من الآيات تتحدث عن النساء محددة الحقوق والواجبات بما لسنا في حاجة إلى استيراد تشريعات أخرى تكمل نقصا أو توضح غامضا...العلماء اشترطوا فيمن يختارون الخليفة: العدالة الجامعة لشروطها، والعلم الذى يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، و الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أصلح للإمامة وبتدبير المصالح أقوم وأعرف .
وإذا كانت هذه الشروط لم تتحقق حتى فى الرجال، حيث إن الانتخاب فى الدساتير المعمول بها فى كثير من البلاد الإسلامية لا يحتم وجودها، فهل يمكن أن تتحقق فى النساء؟ وإذا أمكن أن تتحقق فهل يوجد ذلك فى عالم الواقع، ذلك يحتاج إلى نظر.
أقول هذا لأن الدساتير الحالية تعطى حق الترشيح لمن أعطى حق التصويت، فلو أن الأمر اقتصر على إعطاء صوتها إذا وجدت فيها المواصفات التى ذكرها الماوردى ما كان هناك اعتراض، لكن الذين ينادون بإعطائها هذا الحق يربطون بينه وبين حق الترشيح لتمثيل الشعب فى المجالس التشريعية، وبالتالى إذا اشتركت فى انتخاب الإمام أو الحاكم جاز لها الترشيح لهذا المنصب، فالتصويت سلم للترشيح، والقوانين الوضعية لا تلتزم حدود الدين فى الوقوف عند منح امتياز معين.
ويوضح الدكتور عبد الفتاح عاشور - أستاذ تفسير علوم القرآن السابق بجامعة الأزهر - أن الإسلام أعطى كل ذي حق حقه دون المطالبة به، حيث أعطى النساء حقهن كاملا بأن يكون للمرأة رأيها المستقل، وأن تشارك فى جميع أعمال الرجال، فشاركت فى الهجرة والجهاد وكثير من الأعمال التى تتناسب مع تكوينها وواجباتها المنزلية.
باحثة اجتماعية: النسوية المعاصرة تروج للعداء بين الرجل والمرآة
وقد تحدث القرآن عن الرجال والنساء على حد سواء دون تفرقة فى الحقوق والواجبات، قال تعالى 'فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض' وقوله تعالى: 'إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ·· إلى آخر الآية' بل كان من أهم أسباب نزول هذه الآية أنه عندما سألت أم سلمة: 'يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو' وتريد بذلك أن تشارك الرجال فى هذا العمل الطيب فنزلت الآيات تقرر أن المرأة مساوية للرجل، وتستطيع أن تجاهد إذا ما كانت هناك حاجة إلى ذلك والجهاد من أعظم الأعمال، وكذلك الهجرة حيث هاجرت النساء مع الرجال من مكة إلى المدينة·· فقد قال تعالى: 'يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن··'·
وأضاف الدكتور عاشور أن المرأة فى الإسلام قوية تناقش وتعارض وتوضح وجهة نظرها وقد وقفت امرأة تناقش عمر بن الخطاب حين رأى أن يحدد مهور النساء بمبلغ معين فقالت له كيف وقد قال تعالى: 'وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا' وقال عمر بن الخطاب قولته الشهيرة: 'أصابت امرأة وأخطأ عمر' وهناك العديد من المواقف والأحداث التى تدل على أن المرأة شريكة الرجل فى الأعمال السياسية والاجتماعية والدينية·