رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل سينهار سد النهضة الإثيوبي؟

سد النهضة
سد النهضة

أظهرت صور الأقمار الصناعية بدء ملء خزان سد النهضة المتنازع عليه وسط مخاوف بشأن سلامته وتداعياته السياسية والبيئية، وبحسب الجانب الإثيوبي من المقرر أن يصبح سد النهضة أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، فمن المتوقع في نهاية المطاف أن يكون قادرًا على توليد أكثر من 6000 ميجاوات من الكهرباء، مما سيوفر الطاقة لنحو نصف سكان إثيوبيا وسيسمح أيضًا للبلاد بتصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة.


ولكن السد سيؤثر على تدفق نهر النيل إلى دول المصب السودان ومصر، وأصبح الأمر نقطة خلاف رئيسية حول حقوق المياه بين الدول الثلاث، كما أعرب العلماء والمهندسون عن مخاوفهم بشأن السلامة الهيكلية للسد بسبب موقعه في تضاريس جبلية في منطقة تكتونية نشطة.


وفي الوقت التي تُظهر صور الأقمار الصناعية أن خزان السد بدأ بالملء، تتفاوض إثيوبيا والسودان ومصر للتوصل إلى إجماع وتوافق حول الإدارة التشغيلية الآمنة لضمان الصحة والاستدامة في المنطقة.



الزلالزل


يعتمد السد في نهاية المطاف علي خزانًا بسعة 74 مليار متر مكعب من المياه، فمنذ بدء البناء في عام 2011، كان المشروع مثيرًا للجدل بين إثيوبيا والسودان ومصر، إذ أن 74 مليار متر مكعب من الماء هو بالمصادفة ما تفاوضت عليه السودان ومصر في اتفاقية مياه النيل لعام 1959.


واستشهد بعض المهندسين بأبحاث تشير إلى أن السد معرض للمخاطر البيئية التي قد تتسبب في انهياره، مثل الزلازل حيث يتاخم المشروع واحدة من أكبر مناطق الصدع على الأرض "Great Rift Valley".


ومن جهته، قال أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة عباس شراكي: "إثيوبيا هي أكثر الدول الإفريقية نشاطاً زلزالياً، في السنوات الخمس الماضية، تعرضت إثيوبيا لخمسة زلازل على الأقل بقياس من 4 ريختر إلي 5.3"، لافتا إلي أن السد نفسه وخزانه يقعان على صدع، ما يجعله ضعيف وعرضة للانهيار".


وبحسب مجلة «EoS» لعلوم الأرض التابعة للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، خفف أستاذ العلوم الجيولوجية بجامعة كولورادو، روجر بيلهام، بعض هذه المخاوف وقال إن السد يقع على بعد حوالي 500 كيلومتر إلى الغرب من تقاطع "عفار الثلاثي"، وهي حدود صفيحة متباعدة حيث تتفاعل الصفائح التكتونية النوبية والصومالية والعربية، مشيراً إلي أن الزلازل الكبرى نادرة الحدوث على مسافة 200 كيلومتر.


وأضاف بيلهام لـ مجلة «EOS»: "الزلازل متكررة على طول حدود [الصفيحة] ، لكنها تميل إلى أن تكون صغيرة نوعًا ما 5 ريختر، لأن قشرة الأرض أكثر دفئًا وأرق من أي مكان آخر، وبالتالي فهي غير قادرة على تحمل الزلازل الكبيرة المدمرة".


فيما أوضح أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظام الأرض بجامعة تشابمان فى أورانج بولاية كاليفورنيا والمشرف علي قسم العلوم البيئية بجامعة الإسكندرية هشام العسكري، أنه نظرًا لأن موقع السد نشط تكتونيًا، فإن الضغط الزائد يمكن أن يتسبب في انزلاق الأعطال.


وقال العسكري الذي يقوم بإجراء أبحاث حول الأخطار الطبيعية وجيولوجيا سد النهضة الإثيوبي الكبير "إذا كنت تقوم ببناء جسم مائي ضخم مثل خزان الارتجاع المعدي المريئي، فإن ذلك يسبب قدرا هائلا من الضغط على قشرة الأرض" ، مما يؤدي إلى انزلاق الزلازل.


من جانبه، وافق أستاذ العلوم الجيولوجية بجامعة كولورادو بلهام مبدئيا علي هذه الرواية قائلاً "أعتقد أنه من المحتمل جدًا أن الزلازل ستحدث بالفعل عن طريق مشروع سد النهضة، كما حدث على سبيل المثال عندما تم ملء سدي كاريبا وأسوان لأول مرة".


وحاولت المجلة الأمريكية المتخصصة في علوم الأرض «EOS» التواصل مع ممثلون عن سد النهضة الاثيوبي الكبير، أوشركة "بيترينجيلي" الايطالية التي تنفذ المشروع للرد إلا أنهم لم يعلقوا.



مخاطر أخرى


تشير التقارير المنشورة إلى أن الانهيارات الأرضية والفيضانات تشكل مخاطر أخرى على السد، إذ يتحرك النهر عبر منحدرات شديدة الانحدار وغير مستقرة في بعض الأحيان عندما يقترب من السد، وأشار شراكي، إلى أن "المياه تتساقط بكثافة خلال موسم الأمطار في يوليو وأغسطس وسبتمبر، ويبلغ متوسط التدفق اليومي للمياه أكثر من 600 مليون متر مكعب".


كما لاحظ الباحثون أن الفيضانات المفاجئة أو التدفقات المائية غير المتوقعة من الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع أن تزداد مع تغير المناخ، يمكن أن ترفع المياه إلى مستويات قد لا يتمكن السد من التعامل معها، وقد يجعل الطمي المحاصر أكثر عرضة للانهيار أو الانسكاب.


يذكر أنه على مدى السنوات الأربعين الماضية ، فقدت السدود الموجودة في السودان وإثيوبيا حوالي نصف قدرتها على الطمي.



موقف إثيوبي متعنت


بالأضافة إلي أن المخاوف بشأن السلامة الهيكلية لسد النهضة الإثيوبي أصبحت أكثر إلحاحًا هذا الصيف، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية الأخيرة أن الخزان خلف السد بدأ في الملء.


ونفت الحكومة الإثيوبية ملء الخزان عمدًا، وزعمت أنها استغلت ارتفاع المياه بسبب هطول الأمطار الغزيرة في المنطقة.


وفي وقت سابق، أرجع وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي ارتفاع منسوب المياه إلى عملية بناء السد، على الرغم من عدم تأكيده ما إذا كانت العملية تنطوي على اختبار السد أو تخزين المياه بالفعل في الخزان.


كما أن الحكومة الإثيوبية لم تذكر صراحةً ما إذا كانت المياه الاحتياطية خلف السد ناتجة عن إغلاق المنافذ المتبقية، أم أنها مجرد مياه تتراكم خلف الهيكل شبه المكتمل خلال موسم الأمطار"، هكذا قال المحلل ويليام دافيسون مع مجموعة الأزمات الدولية لصحيفة South China Morning Post.


الجدير بالذكر أنه في يونيو ويوليو، شارك ممثلون من مصر والسودان وإثيوبيا في جولتين من المفاوضات الكاملة حول تشغيل السد، إحداهما برئاسة الأمم المتحدة والأخرى برعاية الاتحاد الأفريقي.


تضمنت محادثات الاتحاد الأفريقي مؤتمر بالفيديو "للقمة المصغرة" استضافه رئيس الاتحاد الإفريقي ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا وحضره قادة من الدول الثلاث، بالإضافة إلى مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ومالي.


في القمة المصغرة ، اتفق القادة على استئناف المحادثات الكاملة في موعد لاحق غير محدد، مع التركيز على صياغة اتفاق ملزم قانونًا بشأن ملء السد وتشغيله.

Advertisements
الجريدة الرسمية