تفاصيل أكبر مخطط قطري تركي للحصول على معلومات عسكرية سرية من سكرتير قائد الجيش الجزائري
تفاصيل في غاية الخطورة فجَّرها هروب عسكري متقاعد بالجيش الجزائري يدعى قرميط بونويرة إلى تركيا لتنكشف معها خيوط "علاقة إخوانية قطرية بمحاولة استدراج العسكري الهارب للحصول على معلومات عسكرية سرية خاصة وأن العسكري يحمل رتبة "مساعد أول" وكان يعمل سكرتيرًا (رئيس أمانة) لدى قائد أركان الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح.
ورغم إعلان الجزائر، الإثنين الماضي تمكنها من استرجاع العسكري الهارب الذي هرب إلى تركيا في يناير الماضي، وتوجيه القضاء العسكري الجزائري، إليه تهم "اختلاس وتسريب وثائق ومعلومات حساسة من وزارة الدفاع لأشخاص لا يحق لهم الاطلاع عليها، وكان على اتصال بمحرضين مقيمين بالخارج، والتواصل مع عسكريين متقاعدين متواجدين بالخارج، واستغلال المنصب لحيازة ممتلكات وعقارات وأموال داخل وخارج الوطن حصل عليها بطرق غير قانونية".
مواقع إلكترونية جزائرية ووسائل إعلام دولية تحدثت بعد ذلك عن أن العسكري المتقاعد كان "العلبة السوداء لقائد الجيش السابق أحمد قايد صالح، وأنه كان كاتم أسراره"، غير إن المصادر الأمنية أكدت أن "المعلومات التي سرقها العسكري بعد هروبه كانت تخص قيادة الأركان، وأنه انتظر وفاة الفريق قايد صالح وبالتواطؤ مع آخرين لسرقة بعض الملفات الحساسة، بينها معلومات شخصية عن ضباط في الجيش".
واستغل المساعد الأول منصبه "دون علم قيادة الجيش" وفق المصادر الأمنية، ليجني ثروة مالية وعقارات، والتي ساعدته على الفرار من الجزائر والاستقرار في إسطنبول حيث اشترى منزلًا فخمًا بحي راقٍ بأكثر من "200 ألف يورو".
المصادر أكدت أن العسكري الهارب بونويرة كان من المقربين من قائد الدرك الأسبق العميد غالي بلقصير الذي تمكن من الفرار مع زوجته القاضية في أغسطس 2019 إلى وجهة مجهولة، فيما كان العسكري بونويرة على تواصل معه بعد فراره هو الآخر.
ومن بين التهم الموجهة إليه "التواصل مع عسكريين هاربين في الخارج" ويتعلق الأمر بالإضافة إلى قائد الدرك الأسبق بوزير الدفاع الأسبق خالد نزار واللواء حبيب شنتوف القائد الأسبق للناحية العسكرية الأولى.
لم يتوقف الأمر عند العسكريين الهاربين، بل ربط العسكري بونويرة اتصالات مع شخصيات وتنظيمات إخوانية جزائرية في الخارج "أكد القضاء الجزائري أنها عملية لأجهزة مخابرات أجنبية".
ويتعلق الأمر بالإخواني المدعو "محمد العربي زيتوت" المقيم في لندن والذي أكدت المصادر الأمنية أنه "عميل للمخابرات القطرية" وأصدر القضاء حكمًا بسجنه 20 سنة بتهم "التخابر مع جهات أجنبية"، ويعمل في الوقت ذاته ناطقًا رسميًا باسم "منظمة الكرامة" القطرية الإرهابية، وأحد الأعضاء الفاعلين فيما يسمى "مؤتمر الأمة" الإخواني الذي يضم أخطر القيادات الإخوانية المصنفة على لوائح الإرهاب.
وقصة هروب "بونويرة" بدأت خلال الأسبوع الأول من يناير الماضي، عندما سافر إلى إسطنبول عبر الخطوط الجوية التركية "في رحلة سياحية" "وفق خطة مدروسة للتمويه على نية الفرار من الجزائر" وفق المصادر الأمنية.
واكتشفت الأجهزة الأمنية بعد ذلك "اختفاء ملفات حساسة من مقر قيادة أركان الجيش" وتبين بعد مباشرة تحقيقات عاجلة أن العسكري المتقاعد قرميط بونويرة "سرق جزء منها وفر بها إلى إسطنبول".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن عملاء قطر من إخوان الجزائر حاولوا استدراج العسكري الهارب لصالح المخابرات القطرية للحصول على الملفات والمعلومات الحساسة التي كانت بحوزته "حتى يستعملها النظام القطري ورقة ابتزاز ضد الجزائر".
وأوضحت المصادر أنه كانت هناك "نية إخوانية مبيتة" ضد الجزائر " وقيام أنقرة بمنح الجنسية التركية للعسكري بونويرة قرميط مباشرة بعد تسلمها طلبًا من السلطات الأمنية الجزائرية لتسلميه غير إن تلويح الجزائر بورقة المصالح الاقتصادية أجبر أنقرة على تسليم المساعد الأول للجزائر، بعد أن أرسلت الأخيرة فرقة مختصة في مكافحة التجسس لاستلامه وإخضاعه للتحقيق.
وتبلغ حجم الاستثمارات التركية بالجزائر نحو 3.5 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود أكثر من 200 شركة، كما تعول أنقرة على مضاعفة استثماراتها "والاستفادة من موقع الجزائر كبوابة لأفريقيا"، "وفق الخبراء الاقتصاديين".
كما نفت المصادر ذاتها أن تكون مواقف الجزائر "الثابتة" من الأزمة الليبية قد "خضعت للمساومة التركية"، وأكدت أنها "مواقف تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة أو الابتزاز، وهو ما يفسر سرعة الجزائر في التلويح بورقة المصالح التركية بالجزائر".