ما موقف الدين من المساجد أسفل العمارات وهل يصلى فيها الجمعة؟
يثور الجدل بين الحين والآخر حول المساجد التي تقام أسفل العمارات وتحت الأبنية والتي يكثر بناؤها حاليا وهل يعتبرها الدين مساجد الله خاصة وأن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي أفتى بأنها ليست مساجد فما رأي الدين في ذلك؟
وقد أجاب على السؤال فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق مفتي الديار عام 1978 وأصبح فيما بعد شيخا للأزهر الشريف فقال: الأصل أن المسجد يجب أن يكون خالصا لله لا لغرض آخر كالشهرة أو التهرب من الضرائب وغيرها فقال سبحانه وتعالى في سورة الجن الآية 51: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) حيث أضاف الله عز وجل المساجد إليه تعالى شأنه مع أن كل شيء في ملكه، وذلك توجيها إلى أن يكون المسجد أو المساجد خالصة له جل شأنه.
وفي هذا نص فقه المذهب الحنفي على أنه لو بنى فوق المسجد أو تحته بناء لينتفع به لم يصر بهذا مسجدا.. بمعنى أن لمن بناه أن يبيعه ويورث عنه حيث لم يزل ملكه عنه باعتبار أنه لم تتحقق فيه صفة المسجدية الخالصة لله تعالى.
أما لو كان البناء فوق المسجد أو تحته لمصالح ذات المسجد فإنه يجوز ويصير مسجدا.
كما نص فقهاء هذا المذهب على أنه إذا صار المكان مسجدا فلا يمكن لأحد البناء عليه مطلقا لأن المسجدية تشمل الأرض والبناء والهواء حتى عنان السماء ما لم يكن البناء فوقه أو تحته لمصلحة المسجد إذا اقتضت الضرورة كما في البلاد التي يضيق منازلها بالسكان كما ذكرنا.
وكره الإمام مالك أن يتخذ فوق المسجد مسكنا يسكنه الرجل وزوجه وأولاده. ونص النووي في فتواه على منع الجنب في المسكن فوق المسجد لأنه هواء المسجد.
وفي المعنى لابن قدامة الحنبلي أنه إذا جعل علو داره مسجدا دون شغلها أو شغلها دون علوها صح.
ومن ثم فإذا كانت تلك المساجد المسئول عنها قد أقيمت تحت المنازل لضرورة فلا بأس بالصلاة فيها اتباعا لقول الإمامين أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة.
الأوقاف تنفي فتح المساجد خلال صلاة الجمعة القادمة
ولما تقرر في فقه الإمام أحمد بن حنبل باعتبار أن الضرورات تبيح المحظورات وأن المشقة تجلب التيسير عملا بقوله تعالى في سورة الحج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)
وإذا كانت هذه المساجد التي تحت المنازل قد أقيمت فيها صلاة الجماعة أو الجمعة بإذن من ولي الأمر أو بصلاته فيها صحت فيها صلاة الجمعة والجماعة ، وإذا لم تكن كذلك لم تصح وفقا لمذهب الحنفي الذي يشترط الإذن العام من الإمام فقط.
ولما كان ذلك وكانت المنازل المقامة تحت المنازل قد أقيمت فيها صلاة الجمعة والجماعة فقد اكتسبت بذلك صفة المسجدية ووجب احترامها وإذا لم يتوافر لها صفة الجامع اعتبرت مصلى ولم تصح فيها الجمعة وكان على أهلها أداء الجمع في الجوامع الكبرى.