رئيس التحرير
عصام كامل

طائرة مسيرة وصاروخ من البحر أم فساد .. سيناريوهات مطروحة في انفجار بيروت

انفجار بيروت
انفجار بيروت

بريق أحمر وأدخنة متصاعدة، وسحابة غريبة في سماء لبنان، وتدمير مباني وسقوط أكثر من 4 آلاف جريح وما يقرب من 80 قتيلا.. هذا ملخص انفجار بيروت المدوي الذي وقع مساء أمس الثلاثاء، والذي يطرح معه تساؤلا بشأن ما الذي جاء بهذه الكمية الكبيرة من المتفجرات لمستودع قرب صوامع القمح في مرفأ العاصمة بيروت؟

 

خبراء عسكريون ومحللون كشفوا عن عدة سيناريوهات لما حدث في لبنان..

 

وقال خبراء عسكريون بحسب صحيفة "الجمهورية" اللبنانية إنّ "الكارثة التي حصلت أمس توضِح لماذا كانت تحرص الولايات المتحدة واليونيفل والامم المتحده على المطالبة دائماً بحراسة البحر وبتعزيزات لحراسته، ولماذا كان حزب الله يشحن الأسلحة بحراً ولا يشحنها براً.

 

وأكد هؤلاء الخبراء أنّ الضربة الصاروخية أتت من الجو ولم تأت من البحر، وقد وصف شهود عيان مسار الطائرة التي قصفت موقع الانفجار فوق سماء بيروت لحظة وقوعه.

 

كما أكد الخبراء العسكريون انّ الانفجار الذي وقع ليس انفجار بارود بل هو انفجار عصف وبريق أحمر يتأتّى من المتفجرات، وهي رؤوس صواريخ أو مواد متفجرة موضوعة في رؤوس الصواريخ، وهي انطلقت من البحر حتى لا تعلم بها سوريا".

من جهه أخرى، أكد الخبير الكيميائي ايلي حداد، انّ دخان الانفجار هو من أسيد النيتريك، وهي متفجرات عسكرية وتكون من أساسيات النيتريت او النيترات، وهذا ما يثبت أنها مواد عسكرية.  


كما رجح خبيران لبنانيان رجحا في أحاديث منفصلة بحسب "العين الإخبارية"، مصادرة الدولة اللبنانية لمواد شديد التفجير من أحد البواخر، وقامت بتخزينها لأشهر عدة، دون تنفيذ قرار الاتلاف.

 

فيما تبنى محلل سياسي لبناني بارز سيناريو أن المتفجرات تعود إلى حزب الله الذي يسيطر على مرفأ بيروت سياسيا، وبالتالي علمت إسرائيل بتخزين هذا العدد من المتفجرات، فأقدمت على قصفها.


قوة انفجار هائلة


وقال المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز ،إن "انفجار بيروت يوازي أضعاف الانفجار الذي أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، حيث بلغت قوته 8 أطنان من التفجيرات، مقارنة بحادث الحريري الذي بلغت قوته 2 طن فقط".


ورسم المحلل السياسي اللبناني صورة لحالة لبنان المنكوبة، عقب الانفجار، قائلا "بحسب المرصد الأردني للزلازل فإن الانفجار يوازي زلزال قوته 5 درجات على مقياس ريختر، ووصلت قوة التفجير نفسه بحسب متخصصون في التفجيرات إلى 7000 متر ثانية، ما يعني أن هذه القوة ضربت عدد كبير من المناطق اللبنانية بمحيط يقدر بـ2 كيلو مترا، حول معه معظم مناطق بيروت إلى أماكن منكوبة".


واتفق معه الخبير اللبناني طلال العتريسي في الرأي وقال إن "هذا الانفجار يعادل التفجير النووي لأن حجم الدمار أحدث ما يشبه الهزة الأرضية، وخلف خسائر ضخمة سواء على صعيد المباني أو البشرية".

 

وأوضح العتريسي، مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبناني أن "لبنان يعيش ظروف دقيقة وحرجة من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية، فعلى المستوى الأمني لبنان قلق من أي مواجهة مع العدوان الإسرائيلي سواء طائرات مسيرة تخترق الأجواء أو غيره.


وتابع:" كل هذه الأجواء من القلق والضغوط والأزمات الاقتصادية حدث هذا الانفجار، وبالتالي يجب أن نسأل أنفسنا هل هذا التفجير له علاقة بأحد هذه المحاور، وحينها يمكن الحديث عن توقيت الانفجار".


السيناريوهات المطروحة


وقال المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز إن "السؤال الأهم ما الذي أتى بهذه الكمية الكبرى من المتفجرات في عنبر 12 بمرفأ بيروت، موضحا أن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسية، الأول علم الدولة اللبنانية بوجود هذه المتفجرات منذ عام 2011 وبالتالي فهي من مخلفات الحرب اللبنانية، مع وجود تحذيرات بأن هذه المواد ستنفجر في حال ارتفاع الحرارة".

أما السيناريو الثاني، فهو أن "الدولة اللبنانية صادرت عدد من براميل النفايات السامة مثل نترات الألومنيوم التي استقدمتها إحدى المليشيات إلى لبنان وصادرتها الحكومة منذ أشهر، وبلغت حوالي 11 ألف برميل يحتوي على مواد كيماوية ونووية سامة، وبالتالي نتيجة لحادث معين أو حريق معين انفجرت".

 

فيما ذهب السيناريو الثالث، أن "حزب الله خزن عدد من المواد التفجيرية داخل العنبر، معتمدا في ذلك على تأثيره الكبير على المرفأ نتيجة تحالفه مع التيار الوطني الحر، والذي يتبعه رئيس مرفأ بيروت".


وتابع الرز:" أتصور أن إسرائيل علمت بشكل أو بآخر فأقدمت على قصف متفجرات حزب الله ووقع هذا الانفجار الكبير الذي شاهدناه جميعا.. هذا الانفجار لا يمكن أن يحدث بشكل عادي كنتيجة لشرارة كهربائية أو غيرها.. المؤكد أنه حادث مدبر وبفعل بفاعل".


واستدل المحلل السياسي اللبناني بحديث بعض شهود العيان ممن شاهدوا صاروخا ينتقل من البحر باتجاه مرفأ بيروت وبالتالي فإن الطيران الحربي الإسرائيلي كان موجودا في الأجواء وعمد إلى اختراق جدار الصمت.


وشدد على أن "أصابع الاتهام تشير إلى تورط حزب الله الذي قام بتخزين هذه المتفجرات من الأساس، وتسبب في تفجير البنية التحتية وإحداث هذه الحالة من الانهيار في لبنان".

 

السيناريو الأقرب


المحلل والصحفي اللبناني فادي عاكوم قال:"رغم أن الوقت لايزال مبكرا لتحديد أسبابا الانفجار وتداعياته، لكن نحن أمام سيناريوهين اثنين أساسين، الأول هو وجود أسلحة لحزب الله وتفجيرها من جانب إسرائيل سواء من خلال عبوة ناسفة أو طائرة مسيرة، ويفتح جدلا حول سلاح حزب الله وضرورة تسليمه للدولة اللبنانية، وحصر قرار الحرب والسلم والتسليح بيد الجيش اللبناني وحده".

 

أما السيناريو الآخر، وهو "فرضية وجود بعض المواد المتفجرة كنترات الألومنيوم، وهذا السيناريو الأقرب، حيث تم تسريب معلومات بأن المستودع كان يحوي 2700 طن لهذه المواد الخطرة المحرمة دوليا، ويبقى السؤال من يقف وراء بقاءها طيلة هذه الفترة رغم وجود قرار قضائي علني بضبطها منذ عام 2014".

وذهب المحلل اللبناني طلال العتريسي إلى أن" الانفجار سببه نوع من الإهمال والفساد، في تخزين مواد متفجرة صادرتها الدولة اللبنانية من أحد البواخر، مشددا على أن يجب البحث عن أي صفقة حدثت في ذلك التوقيت وكيف وقع هذا الانفجار هل هو بسبب الحرارة أو الرطوبة، هل هذا الانفجار متعمد للضغط على الحكومة اللبنانية وتحميلها مسؤولة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل ظروف حرجة فعليا تمر بها لبنان".

 

واستبعد العتريسي وقوع عمل تخريبي، قائلا: "هذا الأمر يبدو لي له علاقة بالسياسية وهذا أمر شائع في لبنان، معتبرا أن الحادث ربما يشكل فرصة للحكومة اللبنانية في فتح ملف الفساد وملاحقة المتورطين".


وطالب كل من "عاكوم" و"العتريسي" بمحاكمات علنية للمتورطين، فمن جهته قال عاكوم "ضروري محاكمة أسماء المتورطين ممن قاموا باستيراد هذه المواد والاحتفاظ بها طيلة هذه الأشهر مع شكوك أن هناك تورط لجهات سياسية، خاصة أن الانفجار يحتاج إلى حريق كبير بدرجة حرارة مرتفعة أو تفجير لتنشيط هذه المواد".

الجريدة الرسمية