محمد حسين هيكل يكتب: نشأة الأعياد كانت دينية في كل العصور
كانت الأعياد فى نشأتها الأولى دينية فى معناها ، دينية فى مظاهر الاحتفال بها ثم تدخلها المظاهر الدنيوية بمقدار ما تندرج الجماعات فى سلم العمران ، ثم يقوم كيان الأمم على أسس غير دينية فتوجد أعياد وطنية لا صلة لها بالدين ، يحتفل بها على سبيل العرف والعادة .
كما كانت أعياد الإسلام فى طفولتها صلاة وزكاة ونحر ، ثم أصبح يحيط بجوهرها الدينى صنوف الاحتفالات الدنيوية حتى كادت فى بعض العصور تضع شعائر الأعياد فى ثنايا المواكب والاحتفالات .
وفى مجلة "السفير " عام 1915 كتب الأديب السياسى الدكتور محمد حسين هيكل سلسلة مقالات عن العيد فى حياة المصريين قال فيه :
العيد هو ميقات معين يتحدد كل عام بين جماعة من الناس فيحيونه بمظاهر خاصة تميزه عن سائر الايام .
والعيد بهذا المعنى عرض اجتماعى لايوجد بين طوائف الناس الا بعد ان يحصلوا حظا من المدينة والرقى الاجتماعى . ذلك بأن اتفاق جماعة من الجماعات على اتخاذ زمنا بعينه موسما مشتركا بينهم يدل على تكوين الشعور الوطنى والقومى وعلى ضرب من النظام فى الحياة الاجتماعية .
وقد وجد فى القبائل المتوغلة فى السذاجة احتفالات ومواسم ولكنها ليست اعياد ذات صبغة امية ولا ذات مواعيد منتظمة مثل عيد سيدنا الولى فى الموالد.
ولم يكن للعرب أنفسهم قبل الإسلام أعيادا عربية ولا موسم حج أو عيد فطر ولا عيد اضحى .. ذلك لأن الأصنام التى كانت فى البيت الحرام مزارا للحجاج وكانت خاصة ببعض القبائل دون غيرها .
اقرأ أيضا:
عادات وتقاليد المصريين فى عيد الأضحى
ومن دراستنا لتاريخ الأعياد يحملنا على القول إن نشأة الأعياد فى المجتمعات البشرية كانت نشأة دينية تقوم على احتفالات دينية فى جوهرها .
وبعيد عندى أن يكون صحيحا ما يراه أخا لى من أن الأعياد قائمة على فكرة اقتصادية فى شأنها ، فإن الأعياد وإن كانت تستتبع إعادة حركة تجارية فإن المعنى الذى قامت به لا يمكن أن يكون فى الأصل غرضا اقتصاديا ، بل الراجح إن الأعياد فى أول أمرها كانت خالية من كل إثر فى الشئون الاقتصادية بل هى تقوم على العادة وهى اجتماعية صرفة باستثناء عيدى الفطر والأضحى .