المؤامرة الكبرى.. أعداء مصر الجدد.. إسرائيل أشرفت على خطة صناعة "العدو البديل".. وأمريكا تلعب دور "حلال المشكلات"
تحديات جسيمة ومتزامنة تمر بها القاهرة، ربما لم تمر بها من قبل في العصر الحديث على الأقل.
حرب الـ4 جبهات
إرهاب في الداخل تغذيه عناصر الإسلام السياسي وجماعة الإخوان والأطراف الداعمة لها والتي لا تريد الخير لمصر، وحرب محتملة على الحدود الغربية؛ بسبب أطماع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في البترول الليبى وتهديده للأمن القومى المصرى، وأطماع تركية أخرى في الغاز المصرى بسواحل البحر المتوسط.
أما المعركة الأصعب فتتجسد في سد النهضة بما يمثله من تهديد كبير للأمن القومى المائى للبلاد.
اللافت أن تلك التحديات تأتى في توقيتات متزامنة، ما يجعل التعامل معها أكثر صعوبة، فتبدو وكأنها مقصودة أو جزء من مؤامرة كبرى تستهدف أم الدنيا التي كانت ولا تزال هدفًا لقوى الشر.
ما يؤكد فكرة المؤامرة ويدعمها فيما يتعلق بسد النهضة مثلًا، ما تنبأ به فيلسوف الجغرافيا الراحل الدكتور جمال حمدان الذي رحل عن عالمنا قبل 27 عامًا: "كانت مصر سيدة النيل، بل مالكة النيل الوحيدة- الآن فقط انتهى هذا إلى الأبد، وأصبحت شريكة محسودة ومحاسبة ورصيدها المائي محدود وثابت وغير قابل للزيادة، إن لم يكن للنقص والمستقبل أسود"!
أمام كل هذه المتغيرات، بدءا من إرهاب لا يريد أن يتوقف، وزحف تركى مجنون داخل الأراضى الليبية وطمع غير محدودة في غاز مصر داخل سواحل البحر المتوسط، ومفاوضات لا تؤدى إلى شئ في ملف سد النهضة، فإنه مما لا شك فيه أننا بصدد مشروع شرير وممنهج لاستدراج القاهرة إلى صراعات مدمرة تستنزف قدراتها وتعطل الجهود المتسارعة للإصلاح الشامل التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
أعداء مصر يريدون استنزاف جيشها صاحب المركز الأول في الشرق الأول واقتصادها على 4 جبهات إقليمية على الأقل في آن واحد؛ حتى يدفع فاتورة استنزاف من مال وسلاح ودماء، بحيث تصبح أولوية البلاد ليست الإصلاح الشامل وتصحيح أوضاع خاطئة دامت عقودًا، ولكن المواجهة الشاملة.
لا يروق لأعداء ثورة 30 يونيو 2013 أن تمضى مصر في طريقها قدمًا في مسيرة البناء والتنمية وكسر شأفة الإرهاب وتجفيف ينابيعه، فلا يزالون ينفخون في نيرانه؛ ولكنهم كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، وأطفأها المصريون الذين استوعبوا ما يحبط ببلادهم من مخططات آثمة وغاشمة.
يرفض الرئيس السيسي – رغم تعاظم المؤامرة ووضوح اهدافها لكل ذى عينين- ابتلاع الطعم الذي يتقاذفه خصوم مصر إقليميًا ودوليًا، ويتعامل مع كل المستجدات بهدوء شديد، ويؤكد في غير مرة أن جيش مصر رغم جاهزيته وقوته هو جيش رشيد يدافع ولا يعتدى على أحد. مصر لم تعد تملك عدوًا تاريخيًا واحدًا وهو إسرائيل، بل انضم إلى قائمة الأعداء أطراف أخرى لا تخفى كراهيتها مثل: تركيا وقطر بشكل أساسى، كما أن الإخوان وجماعات الإسلام السياسي يتصدرون قائمة الأعداء ولن يغادروها، وانضمت لهم إثيوبيا التي تقود المخطط الأسوأ والأسود ضد مصر وضد اقتصادها الذي يتعاظم يومًا وراء يوم بشهادة المؤسسات الاقتصادية الدولية.
وعبر صفحات هذا الملف.. تناقش "فيتو" كل هذه التحديات التي تحاصر القاهرة وسبل تجاوزها وكل السيناريوهات المحتملة خلال المستقبل القريب.
ما بين عدو وصديق خادع ترتكز العلاقات بين مصر وكل من إسرائيل وأمريكا، وتدخل على الخط بعض الدول الإفريقية التي طالما كانت صديقة للقاهرة، ولكن التغلغل الأمريكي الإسرائيلي فيها خلال عقود جعل الموازين تتغير لتفرض المصالح نفسها بقوة.
السياسة مصالح
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور هيثم محمد المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنه لا يوجد في السياسة صديق وعدو، لأن السياسة باختصار شديد جدًا مصالح؛ على سبيل المثال قبل 2013 كان موقف الأمريكان يقضي بتلبية ما تريد مصر مقابل أمرين مهمين لا غنى عنهما، وهما السلام مع إسرائيل والحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة.
أما بعد 2013 فإن أول قرار أمريكي كان عدم منح مصر التسليح الذي تريده لمواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء، لأن ذلك لا يتوافق مع المصالح الأمريكية، وبهدف الضغط على مصر ولى عنقها، وهذا أدى في النهاية إلى أن مصر حاليًا تنوع مصادر سلاحها.
وتابع:" أمريكا تواصل نفس الخط حاليا فهى تقول سنعمل مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان بحضور البنك الدولي، وتنتظر التوقيع ثم ترفض إثيوبيا الذهاب أليس ذلك غريبًا؟! فكيف لا تلبي إثيوبيا طلب الأمريكان؟ مشيرًا إلى أن أمريكا تضغط على مصر من خلال عدة أمور أبرزها السلاح، حيث إنه حتى بعد قرار مصر بتنويع مصادر سلاحها، فإن أمريكا تعلم أن مسألة الإحلال والتجديد ستأخذ وقتًا طويلًا".
30 يونيو
وأشار إلى أن مصر من بعد ثورة 30 يونيو 2013 تواجه كوارث وجودية على أربع جبهات، تتطلب أن تتخذ فيها قرارات عاجلة، موضحًا أنه على الجبهة الشرقية ليست إسرائيل فقط وإنما التنظيمات التكفيرية في غزة ومحاولات التسلل الإرهابية إلى سيناء أيضًا، وكل ذلك يشكل ضغطًا على الجبهة الشرقية في مصر، وعلى الجبهة الغربية يوجد التنظيمات التكفيرية التي تعمل في الصحراء الغربية ضد مؤسسات الدولة.
وأوضح أنه على الجهة الشمالية منذ عام 2013 تواجه مصر إعادة ترسيم الحدود وتم تقاسم الغاز بين مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وأبرز ما يعبر عن هذا الأمر منتدى غاز شرق المتوسط برعاية مصر، وتم استبعاد تركيا أردوغان التي ثبت بالدليل القاطع أنها تشكل مظلة لـ الجماعات الإرهابية بما في ذلك الإخوان والقاعدة وغيرهم من الجماعات وترسلهم اليوم إلى ليبيا.
مضيفًا أن التحرك المصري في الشمال يأتي في إطار تقاسم غاز المتوسط وعمل صداقات أو حلف صامت أمام تركيا وكذلك تحويل مصر إلى سوق عالمي لتسييل الغاز وتصديره إلى أوروبا.
وتابع: "من حسن الحظ أن مصر الوحيدة من بين كل دول المتوسط التي لديها محطات لتسييل الغاز وهما اثنان واحدة في دمياط والأخرى في الإسكندرية، والاتفاق يقضي بتسييل الغاز في مصر وبيعه في أوروبا وهذا يفسر لماذا وقعت شركة دولفينوس المصرية عقد مع إسرائيل ب 20 مليار دولار لمدة 15 سنة لتسييل الغاز وتصديره للسوق المحلي أو الأوروبي وهذا يساعد مصر على تشغيل المصانع المصرية والخطوط البحرية وامتلاك ورقة ضغط على إسرائيل".
إسرائيل
وأكمل: "هناك حركة مقاطعة ضد إسرائيل وتوجد منظمات أوروبية ترفع قضايا على إسرائيل كما يتم مقاطعة البضائع الإسرائيلية القادمة من مستوطنات الضفة وعندما يخرج الغاز من مصر هل يقدر أحد أن يقول أن هذا غاز إسرائيلي؟
بالطبع لا، بل أن مصر بذلك يكون لها صوت داخل الاتحاد الأوروبي ممثل في قبرص واليونان وكذلك ألمانيا وفرنسا وإيطاليا الدول وهى الدول التي ستستفيد من اتفاق الغاز".
وأضاف: "بالنسبة لوجهة نظري الشخصية المتواضعة فإن الكارثة الأكبر هي الجبهة الجنوبية، وقد يختلف البعض على ذلك، ولكن السودان اعتبرت السد الإثيوبي فرصة للضغط على مصر في ملف حلايب وشلاتين، فإما ذلك أو تحويل السودان لممر لتهريب السلاح لسيناء".
سد النهضة
ولفت إلى أن السودان تتبني الموقف الإثيوبي بشأن سد النهضة الذي هو ليس للنهضة وإنما سد لخراب مصر وتعطيشها، وأيضًا تبني الموقف الإيراني بشأن تسليح حماس في غزة.
وشدد على أنه لا يوجد شك أن السودان كانت جزءا من مصر حتى الخمسينيات، لكن السودان الآن تطالب مصر بحصة من المياه المخزنة وراء السد العالي، وهى حاليا تدعم السد الإثيوبي أيضًا، علمًا أن مسألة السدود بدأتها تركيا بسد أتاتورك الذي تسبب في انحسار المياه في العراق، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكنًا، وما يجري حاليا هو جزء من مخطط الشرق الأوسط الجديد.
وأشار إلى أن تسليح مصر لجيشها وعقيدتها العسكرية قائمة على فكرة المواجهة مع الجبهة الشرقية وهذا جعل إسرائيل تقرر اختراع اعداء للدولة المصرية يحلون محلها وصاحب هذه النظرية هو الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز في الثمانينيات وهو صاحب نظرية تحويل إثيوبيا إلى مصر الجديدة أي تحويل إثيوبيا من دولة قائمة على الأمطار إلى دولة تقوم على السدود والمياه المتوفرة على مدار العام، وشيمون بيريز بهذه الطريقة كان يريد خنق مصر عبر السدود من خلال خلق العدو البديل.
واعتمدوا في الخطة على تحويل إثيوبيا إلى قاعدة للموساد وإمدادها بالفنيين والاستشاريين الإسرائيليين وترحيل يهود الفلاشا، لدرجة أنه حاليًا لأول مرة في تاريخ إسرائيل تدخل وزيرة إثيوبية في الحكومة الإسرائيلية الأخيرة.
وأضاف أن إسرائيل اليوم تحولت إلى أكبر مصدر تكنولوجيا وسلاح في أفريقيا وهى تصنع أعداء جدد بوعود الوقوف إلى جانبهم عبرالتنمية ووصول أصواتهم للبنك الدولي إلى جانب الرضا الأمريكي.
العدو البديل
وأوضح أن الموقف الأمريكي الإسرائيلي يعتمد على صناعة عدو بديل، وتقديم أنفسهم في صورة الناصح الأمين الذي سوف ينقذ المنطقة وشعوبها من التهديدات الوجودية، المتمثلة في نقص المياه وغيرها من المشكلات التي هي صنيعتهم بالأساس، وأفريقيا تعمل وفق المصالح المرتبطة بالأمريكان، والحل الوحيد والمنطقي لمواجهة تلك الأزمات هو ألا نعتمد على أحد سواء في الصناعة أو الزراعة أو غيره وأن يكون كل شيء بأياد مصرية.
نقلًا عن العدد الورقي..