نجيب محفوظ يكتب: يوسف ادريس لفت الانظار من اول لحظة
فى يوم رحيل رائد القصة العربية القصيرة الدكتور يوسف إدريس كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا قال فيه:
كان ميلاده الأدبى ثورة ، كما كانت حياته الأدبية ثورة مستمرة ، ثورة على القوانين الفنية والاجتماعية .يقتحم كل شيء بجرأة ويعالج الأمور بطلاقة فيثير من حوله زوابع من الإثارة والانفعالات دون مبالاة بشيء إلا ما عليه وجدانه وتتطلع إليه أحلامه .
وقد لفت الأنظار منذ أول كلمة نشرها ، ومنذ أربعين
عاما واسمه يتردد على الالسنة كمثل حى للابداع القيم والفن الجميل .
ومضى بخصوصية عجيبة فى مضامينه وألحانه ولغته
معتزا بقدرته غير العادية على الخلق والإبداع .
هكذا قدم ما قدم من قصص قصيرة وروايات
ومسرحيات ومقالات ، مجيدا فى كل ما قدم ، طابعا بخواصه الفريدة مخلوقاته المتميزة ،
ويكاد ينعقد الاجتماع على انه بلغ ذروته الابداعية فى القصة القصيرة ، وهى فن دقيق
سهل ممتع إذ تيسر له الشمول مع العمق ، حقق فى عالم الابداع مايعتبر من المعجزات
، ولعل قصصه المختارة فى ذلك المجال مما يعد من الادب العالمى فى أصفى أحواله
وأجملها .
وهو من الأدباء النادرين الذين أثروا فى
جيلهم مثلما اثر فى الاجيال التالية ، وبلغ به اخلاصه لفنه ان وهبه كل عزيز وضحى
فى سبيله بكل غالى .
كان الفن معشوقه ، والتفوق فيه حلمه ، وفى سبيل ذلك لا يضن بجهد أو تقاليد أو اى شيء فى الوجود .
رثاء أدبي للشاعر أمل دنقل في ذكراه
الفن أولا وأخيرا وليكن مايكون ،لذلك كانت
أسعد ايامه أيام العطاءوأتعس أيامه ايام الانتظار ، ، وحتى المرض والتجارب المرة
كان على أتم الاستعداد للمصالحة معها والرضا بها اذا وهبته مادة جديدة ، أو فتحت
له نافذة مغلقة ، أو خصته بحقيقة خافية من حقائق الوجود .
ومثل هذا المبدع انما يقاس فضله بما يجود به من تراث ، وهو فضل كبير ستحظى به أجيال وأجيال ،ويعم خيره السابق واللاحق فلا يبقى لخصم من قول الا أن يطلب له الرحمة والمغفرة .