رئيس التحرير
عصام كامل

سكرتير عام "الإعلاميين" عن تراجع أداء ماسبيرو: مديونيات بأكثر من 32 مليار جنيه وراء عرقلة مسيرته.. نقص الموارد وغياب الرقابة أبرز المشكلات.. والتليفزيون لم يفقد ريادته لكنه يحتاج للتطوير

محجوب سعدة سكرتير
محجوب سعدة سكرتير عام نقابة الإعلاميين
في ظل التحديات التي تواجه الإعلام المصري وخصوصًا مبنى الإذاعة والتليفزيون، وعدم القدرة على المنافسة الإعلامية مع القنوات الخاصة في سوق الإعلام المفتوح، وبدأت العقبات والتحديات تعوق من مسيرته.. تحدث محجوب سعدة سكرتير عام نقابة الإعلاميين خلال السطور التالية عن الأسباب التي تعوق مسيرة ماسبيرو ومنها "المديونيات وقلة الإمكانيات وتسابق القنوات الخاصة" الذين أصبحوا عبئًا ثقيلًا على هذا المبنى الكبير.


وقال محجوب سعدة: إن التلفزيون المصري على مدار الستين عامًا منذ بداية إنشائه وحتى الآن سيظل له الريادة وكونه يمر بمنحنيات فهذا أمر طبيعي لأي كيان ولكن الإعلام المصري كان وسيظل له الريادة في المنطقة العربية بأكملها، ولكن الحراك الذي يحدث الآن والكيانات التي تم تشكيلها المتمثلة في المجلس الأعلى والهيئة الوطنية للإعلام ونقابة الإعلاميين هذا أمر غير مسبوق وهذا يواكب الإعلام المتطور.

وأضاف: بما أنني كنت من أعضاء المجلس الوطني للتشريعات الإعلامية فكان هناك قوانين تواكب كل القوانين الإعلامية المتطورة والحديثة تحت اسم قوانين تنظيم الإعلام لأن الإعلام المقروء والمسموع والمرئي وأضيف عليهم درعهم الرابع وهو السوشيال ميديا بكل مشتملتها ومسمياتها المختلفة كلهم إعلام واحد، فالإعلام المصري حتى إذا كان يمر بأزمة ولكن ما تقوم به الدولة من تطوير من خلال سن قوانين كل هذا يدل على أن الإعلام يقع في بؤرة اهتمام الدولة والقيادة السياسية، وقد شاهدنا ميلاد الكيان العظيم الأخير هو نقابة الإعلاميين فقد كانت حلم كل إعلامي وقد تحقق على أرض الواقع وسيذكر التاريخ أن أول نقابة إعلاميين أنشأت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي فكل الحراك والتشكيلات التي حدثت على مدار آخر عامين يؤكد أن هناك رغبة وعزيمة وإرادة ملحة لدى الدولة المصرية لكي ترتقي بالإعلام وتطوره فالقادم بالنسبة الإعلام سيكون أفضل من ذي قبل.

وعن كيفية استعادة ماسبيرو لدوره الريادي في ظل تنافسية القنوات الخاصة.. أكد «سعدة» أننا الآن نعيش عصر السموات المفتوحة وهناك كم كبير من القنوات الخاصة والرسمية بالإضافة إلى القنوات الخارجية من خلال الأقمار الصناعية، فالإعلام في العموم هو منتَج، وكل منتَج يجب أن يناسب ثقافة وظروف مجتمعه بل والحالة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع لأن الإعلام يعكس ما يدور داخل المجتمع ويقدم أيضًا للمتلقي ما يناسبه ويساهم في حل مشكلاته فالإعلام به شق تنويري وتثقيفي وشق خدمي وأنا أعتقد أنه لم يفقد ريادته ولكننا نحتاج أن نطور شكل الرسالة الإعلامية والمحتوى والسياسة التحريرية.

وتابع: "ليس هناك ما يسمى بالإعلام الخاص والإعلام رسمي بل إن الإعلام بجناحيه كله إعلام وطني ولكن من يحقق الهدف يكون هو الأقرب والأفضل فلا أرى أن هناك تفاوت كبير بين جناحين الإعلام وفي النهاية كل روافد الإعلام تصب في صالح المشاهد والمتلقي ولكننا نحتاج أن نحدد الهدف من الرسائل الإعلامية هل هي رسالة تثقيفية في المجال الديني أو في المجال الاقتصادي أو في المجال الخدمي".

كما أشار سكرتير عام نقابة الإعلاميين أنه لديه تحفظ على كلمة تجديد الخطاب الإعلامي، قائلًا: "نحن نعلم أن الرسالة الإعلامية لها مجموعة من الشروط، والإعلام بأكمله على مستوى العالم يتناول ٣٣ فكرة ويكمن أن تصل إلى 34 فكرة أي أن كل الأفكار واحدة في مصر بل وكل دول العالم ولكن يختلف طريقة التقديم والعرض فلا يوجد ما يسمى بالخطاب الإعلامي، فالخطاب هو أن أوجه سياسته التحريرية ورسالته الإعلامية كرسالة تنويرية وتثقيفية لكي تكون أكثر إيجابية تتماشى وتواكب مع ظروف الدولة وما تمر به، كما يجب أن يتم تطوير أداء السياسة التحريرية وأيضًا الاهتمام بشكل كبير بضيوف العمل الإعلامي ومن يقدمون الموضوعات حتى تكون أكثر تخصص، ولكن مصطلح الخطاب الإعلامي ليس بالقيمة التي تمكن أن تزعجنا".

وفي نفس السياق أوضح محجوب سعدة أن التليفزيون المصري لم يخرج من الدائرة التنافسية فالتلفزيون الرسمي يقدم إعلامًا معتدلًا ورسائل إعلامية معتدلة إذا كان يمر ببعض التراجع فهذا أمر طبيعي يحدث في كل المجالات المختلفة وإذا كانت هناك قنوات خاصة تميَّزت فهذا يرجع لاجتهادها ولأنها أنفقت على الرسالة الإعلامية لأن الرسالة مكلفة بشكل كبير فمن يملك المادة والتمويل الجيد يمكنه أن يقدم رسالة أكثر نجاحًا ومع ذلك النجاح يتمثل في تقديم مستوى أعلى فأقدم مكونات صورة جيدة أي أقدم ما يجعلني ألتزم بمكونات الرسالة الإعلامية ولكني ما زلت أقول إنه ليس هناك تمايز كبير والأفضل هو من نشجعه وهو من يملك المادة والأموال من أجل صناعة الرسالة الإعلامية.

كما أكد أن هناك سببين رئيسيين جعلا ماسبيرو يتوقف عن مواكبة التطور الإعلامي، فالأول: المديونيات سبب رئيسي وعائق لأنها وصلت إلى حوالي ٣٢ مليار وهذا يؤثر كثيرًا، والثاني: غياب الرقابة بشكل مؤثر بشكل كبير على جودة الإعلام داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون.

وعما قاله الشاعر فاروق جويدة في مقال سابق له إن الإعلام المصري أصبح «إعلام تجاري» قال محجوب سعدة: من معلوم تمامًا أن كل اقتصاديات دول العالم الحديثة والمتقدمة والعالم الذي يهدف ويسعى إلى التطور والتنمية يجب أن يكون هناك عملية إنتاجية وكل كيان على الأقل يحقق اكتفاءه الذاتي، فجميع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة يكون هناك جزء من الأرباح هي التي تنتجه فلا يوجد في الوقت الحالي إعلام استهلاكي، فمن المفترض في الاقتصاديات الحديثة أن كل فرد يكون منتجًا في موقعه وليس مستهلكًا فأنا ضد أن أظل أنفق أموالًا ضخمة وفي النهاية لا أحقق المستهدف فلا بد أن يتم تحقيق أرباح، ولكن لن يتم تحقيق الأرباح إلا بتطوير الأداء ومستوى العمل الإعلامي والرسالة الإعلامية.

ونفى «سعدة» ما قاله الشاعر فاروق جويدة بأن الدولة استبدلت إعلامها الرسمي ببدائل أخرى، متابعًا: "الدولة لديها إعلامها الرسمي وأيضًا الخاص، وقد اعتدنا أن هناك قنوات تغلق نتيجة أنها غير قادرة على الاستمرار بسبب التمويل ونقص الإمكانيات وهناك قنوات أخرى تنشأ وتستحدث ونحن في عصر السموات المفتوحة والأفضل هو الذي سيستمر وينطلق ويجب أن نوفر له كل الدعم".

واستطرد: "من وجهة نظري لا يوجد إعلام بديل وكله يصب في صالح المشاهد والدولة، وأن الأفضل هو الذي سيستمر وينطلق ويجب أن نوفر له كل التشجيع حتى على الأقل الدعم المعنوي والأدبي، على سبيل المثال السوشيال ميديا أصبحت الآن داخل كل بيت مصري، هل يعني ذلك أنها إعلام بديل، ولكنها الغزو المقبل، ومن لديه الإمكانيات هو الذي سيستمر ويقدم إعلامًا جيدًا نتيجة توافر العديد من المعطيات والآليات التي تجعله قادرًا على العمل".

واتفق «سعدة» مع رأي «جويدة» بأن نقص الإمكانيات سبب تدهور ماسبيرو، قائلًا: "بالفعل هناك نقص إمكانيات لكن ليس هناك غياب رؤية.. فالأشخاص الذين يديرون الإعلام الخاص غالبيتها من أبناء ماسبيرو والذي يدير الميديا في المنطقة العربية غالبيتهم إعلاميون مصريون فلا يوجد غياب رؤية ولكن يوجد نقص إمكانيات متمثل في ضعف الأجهزة والديكورات ومكونات العملية الإنتاجية، وبالتأكيد هذا يؤثر بشكل كبير لأن الإعلام صناعة يحتاج لأموال ضخمة فاليوم أصبح مبنى ماسبيرو مديونًا بحوالي ٣٢ مليار فكيف يكون هناك سيولة لكي ينفق على العملية الإنتاجية ويكلف برامج بالتأكيد هذا معوق كبير جدا".

وعلى جانب آخر أكد محجوب سعدة سكرتير عام نقابة الإعلاميين، أن الفترة التي تولى فيها الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد رئاسة المجلس الأعلى للإعلام في أبريل ٢٠١٧ كانت نبرة الإعلام عالية جدًا ويقدم إعلامًا كثيرًا جدًا سلبيًا، ولاحظوا أن النبرة تغيرت بعد ذلك بعدما قدم مكرم محمد أحمد الكثير للمؤسسات، وأصبحت النبرة هادئة والابتعاد عن الصراعات وتصفية الحسابات والمشاحنات التي كانت تحدث بشكل فردي.

وأضاف أن الإعلام دخل على الطريق الصحيح سواء الرسمي أو الخاص فأثناء الفترة التي تولى فيها المجلس الأعلى التشكيل الأول عام ٢٠١٧ كانت هناك تحديات ومشاكل كثيرة، ولكن تم التعامل مع جزء كبير من هذه المشكلات وتم التغلب عليها وتذليل هذه المشاكل والعقبات والطبيعي أن من يأتي بعد ذلك يكمل ما بدأه الأول.

وتمنى «سعدة» لـ«كرم جبر» بعد توليه منصب رئاسة المجلس الاعلى للإعلام خلفًا لـ«مكرم»، أن يضيف لما ما يضيفه مكرم محمد أحمد وخصوصًا أن المناخ الإعلامي اليوم أصبح أفضل، بعدما يُقدم على المنصات الإعلامية أكثر اعتدالًا وخصوصًا في ظل وجود النقابة التي تقوم بفلترة الدخلاء على المهنة ومحاربة الكيانات الوهمية، فكل هذه العوامل ساعدت كثيرًا على النهوض بالمشهد الإعلامي.

كما طالب أن يحقق كرم جبر أكثر وأكثر من النجاحات، وأن أول شيء يبدأ به هو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والصحافة لما له من اختصاصات واسعة بنص القانون وأنه على رأس المنظومة كلها فهو رأس الهيئتين ونقابة الإعلاميين والصحفيين، وهذا يتطلب أن يكون هناك تجانس وتواصل من خلال اللجان المشتركة بين الكيانات فلا يصح أن كل شخص يعمل منفصلًا لأن قوانين تنظيم الإعلام حددت الاختصاصات وفي النهاية القوانين كلها مكملة لبعضها البعض.
الجريدة الرسمية