رئيس التحرير
عصام كامل

تاريخ صناعة كسوة الكعبة في مصر.. عمر بن الخطاب كسا الكعبة المشرفة بالقباطي المصري.. الظاهر بيبرس أول من احتفل بسفر المحمل

كسوة الكعبة
كسوة الكعبة
تزينت الكعبة الشريفة اليوم بكسوتها الجديدة بعد إتمام عملية تغيير الكسوة التي تجري في مثل هذا الوقت من كل عام، وأظهر مقطع فيديو العمال أثناء  عملية تغيير كسوة الكعبة، إذ قام الفريق المحدد من الإدارة العامة لمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، بتفكيك الكسوة القديمة وتركيب الجديدة، ثم تثبيتها في أركان الكعبة وسطحها


وكان لمصر تاريخ طويل في تغيير كسوة الكعبة، وظلت تنال شرف صناعة الكسوة علي مدار التاريخ ، بداية من العصر العباسي حيث كان يولي خلفاء الدولة العباسية كسوة الكعبة إهتمامًا كبيرًا، مرورًا بالدولة الفاطمية، ثم الدولة المملوكية في عهد السلطان الظاهر بيبرس، ثم الدولة العثمانية حيث اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وكسوة لحجرة الرسول أثناء إقامته في مصر.

عهد الخلفاء الراشدين 
يرجع تاريخ تصنيع كسوة الكعبة في مصر إلي عهد ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يوصي أن تصنع كسوة الكعبة من القماش المصري المعروف بالقباطي الذي اشتهرت بتصنيعه مدينة الفيوم وينسب اسمه إلى أقباط مصر، وكان المصريون ماهرين في نسج أفضل وأفخر أنواع الثياب والأقمشة.
فيذكر المؤرخ "أبو الوليد الأزرقي" أن سيدنا عمر بن الخطاب كسا الكعبة المشرفة بالقباطي من بيت المال، وكان يكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص لطلبه.

بدأته شجرة الدر
أما بداية فكرة المحمل الذي ينتقل فيه الكسوة إلى أرض الحجاز فكان أول أمره في عهد شجرة الدر، حيث خرج أول محمل في عهد المماليك، والمحمل نفسه هو عبارة عن هودج فارغ يقال إنه كان هودج شجرة الدر.
أما الكسوة فكانت توضع في صناديق مغلقة وتحملها الجمال، ثم يتجه نحو أرض الحجاز، إلا أن الاحتفال بشكله المميز كان في عهد الظاهر بيبرس، حيث كان سلاطين مصر المملوكية يلقبون بخدام الحرمين الشريفين.

الظاهر بيبرس
الظاهر بيبرس هو أول من أرسى الاحتفال بسفر المحمل من القاهرة إلى مكة، حيث كان يعرض كسوة الكعبة فى احتفالات شعبية فى شوارع القاهرة قبل سفرها بيوم، بعدها أصبح المحمل والاحتفال به تقليداً يحرص عليه ملوك مصر وشعبها كل سنة فى وقت خروجه لمكة المكرمة، وكذلك الاحتفال بعودته منها، وهى الاحتفالات التي كان يشارك فيها الجيش قبل الثورة، وحراس المحمل والمرافقون له، وكان يطلق على قائد مسيرة المحمل أمير الحج وكان غالبا من الباشوات والأمراء.

 العهد الأموي والعباسي
وفي عهد بني أمية كان سيدنا معاوية بن أبي سفيان يكسو الكعبة المشرفة بكسوتين في العام، وكانت الكسوة الأولى من الديباج في يوم عاشوراء، أما الثانية فكانت من القماش المصري القباطي في اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان، كما كساها يزيد بن معاوية بالديباج الحضرواني، وكذلك الخليفة عبد الملك بن مروان، وغيرهم.

 العهد الفاطمي و الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث
 وفي عهد الدولة الفاطمية في مصر تولت مصر أيضا تصنيع كسوةَ الكعبة المشرفة، وكذلك خلال العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني، واستمر ذلك إلى أن قامت الدولة السعودية وأبطلت إحضار الكسوة من مصر.

وكانت الكسوة تطرز في أماكن متعددة في مصر، فأحيانا في مدينة تنيس بالقرب من دمياط، أو بالقلعة، أو بمسجد الحسين، ثم انشأ لها دار في حي الخرنفش بالقاهرة.

 مرات توقف الارسال
وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج، ولكن توقف إرسالها في بعض الأحيان، ففي عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ.

وفي عام 1926م جرت أحداث المحمل المصري، والتي حدثت نتيجة قتال دار بين حراس المحمل المصريين والنجديين، وذلك بسبب ما رآه النجديون من موسيقى والمظاهر الاحتفالية، فهجموا عليها وحدث تبادل إطلاق نار بين الطرفين، واستمرت مصر بعد ذلك في العصر الجمهوري في إرسال الكسوة دون المحمل إلى أن توقفت عن ذلك تماما بعد عام 1962م.

جمال عبد الناصر 
كان آخر "محمل" خرج من مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعاد قبل أن يصل إلى الأراضي السعودية بسبب خلافات سياسية آنذاك، لتبدأ المملكة صناعة كسوة الكعبة في منطقة أم الجود، ثم نقلت الصناعة إلى منطقة أجياد، وهناك تستمر صناعة الكسوة حتى الآن.

الجريدة الرسمية