رئيس التحرير
عصام كامل

لمحاسبة ٦ وزراء.. تفاصيل استجواب برلماني بشأن هدم المقابر التاريخية والأثرية

مجلس النواب
مجلس النواب

تقدمت داليا يوسف عضو مجلس النواب، بأول استجواب برلماني، بشأن هدم المقابر التاريخية والأثرية التي تتم فى مصر.

وجهت داليا يوسف الاستجواب إلى كل من وزير الآثار ووزير الأوقاف، ووزير الرى والموارد المائية، ووزير التنمية المحلية، ووزير الاسكان وذلك بسبب مخالفة أحكام الدستور المصري، وأحكام وفتاوى الشريعة الإسلامية وانتهاك حقوق الإنسان بالمخالفة للمواثيق الدولية وانتهاك حرمة الموتى وهدم المقابر.  

واستعرضت يوسف في استجوابها عددا من النقاط بشأن المخالفات المستجوب عنها مشفوعة بالأسانيد، والتي جاءت كالتالي: 

أولا: مخالفة أحكام الدستور المصري بشأن انتهاك حقوق الموتى وإهدار كرامة الإنسان حيا أو ميتا. 


نص الدستور فى المادة "2" منه على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع". 


كما نصت المادة 35 من الدستور على أن "الملكية الخاصة مصونة،...". 


ونصت المادة 51 منه على أن "الكرامة حق لكل إنسان ، ولايجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها". 


وهذه النصوص تؤكد أن حرمة الانسان لا تمس، وأن ملكيته الخاصة مصونة، وأن أى انتهاك يتعرض له فى ملكيته الخاصة وكأنه انتهاك لنصوص الدستور. 


وبإسقاط هذه النصوص على موضوع الاستجواب.. نجد أن ما تقوم به الحكومة ممثلة فى وزارة الرى والأوقاف والإدارة المحلية وأيضا الآثار، هو تجسيد حقيقي لانتهاك مواد الدستور.

فقد قامت هذه الوزارات بانتهاك حرمة الموتى وحرمة الملكية الخاصة وأيضا الحقوق الإنسانية للمواطن المصرى، بارتكابها اعتداءات بالهدم للمقابر الخاصة للمواطنين، فهي ملكية خاصة لهم، ونبش القبور والعبث بالرفات، معللة ذلك تارة بتوسعة الطرق، وتارة أخرى بمحاربة العشوائيات. 


كما أن الحكومة خالفت نصوص الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى والتى رسخت على احترام الموتي وحقوقهم، وتكريم الله عز وجل للمتوفى. 


ونص أهل العلم على أن القبر حبس على صاحبه، لا يجوز أن يمشى عليه ولا ينبش ما دام به عظم من عظام المقبور أو شعر من شعره إلا لضرورة، وأن من كبائر الذنوب انتهاك حرمة الأموات ونبش قبورهم لغير ضرورة معتبرة شرعا. 


فما بالكم بما تقوم به الحكومة من هدم بآلات الحفر والأوناش ودك القبور دكا، وهدمها رأسا على عقب، بالمخالفة لأحكام الشريعة وللنصوص القرانية.
فإن حرمة الميت كحرمة الحي، فقد أخرج أبو داود وابن ماجة وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً.

ثانيا: مخالفة أحكام القانون المصري بشأن انتهاك حرمة الموتى وهدم القبور.
أوضحت المادة 160 من قانون العقوبات المصري عقوبة هدم القبور بالحبس وبالغرامة، حيث نص القانون على معاقبة كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها أو خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس.

وأركان الجريمة منها الركن المادى، وهو كل فعل مادى من شأنه الإخلال باحترام الموتى، وأن يكون الفعل معبرا عن إرادة الجانى ورغبته، وأن يكون من شأن الفعل امتهان حرمة القبور أو تدنيسها، كهدم المقابر واخراج الجثث أو تدنيسها.والقصد الجنائى أن يرتكب الجانى بإرادته الفعل المؤثم، ولا عبرة بالباعث.

وهذا يعني أن قانون العقوبات المصرى قد جرم هدم المقابر أو تدنيس الجثث وحث على احترام الموتى، عكس ما قام به وزراء الموارد المائية و الأوقاف و التنمية المحلية و الإسكان فى عدم حماية المقابر وامتهانها، والعبث بالموتى.

ومع توافر القصد الجنائي، فتتحقق أركان الجريمة والتى يعاقب عليها القانون، وبالتالى يجب إقالة كل من تسبب فى هذه المهزلة، والعبث بجثث المواطنين وعدم احترام آدميتهم.

ثالثا: مخالفة أحكام وفتاوى الشريعة الإسلامية. 


انتهاك حرمة الأموات في الإسلام من كبائر الإثم والذنوب والكبائر التي حرمها الله تعالي فجميع الموتى المسلمين وغير المسلمين لهم حرمة لا ينبغي مطلقا الاعتداء عليها بأي حال من الأحوال وإنما يبقي الميت في مكانه لا ينبغي العدوان عليه أو فصل جزء من جسده، فكل من يعتدي على حرمة الميت خارج عن حدود الله تعالي وما أقرته الشريعة الإسلامية لأن ذلك خروج على ما أمر به الله سبحانه وتعالى.

فهدم المقابر وهي ملك لأصحابها الأحياء الذين اشتروها من سنين طويلة ليدفنوا فيها موتاهم لا يجوز لأحد تكسيرها. ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة في أحد مقالاته في جزء منها نشر في جريدة الأهرام المصرية الصباحية في عدد 2 مايو 2016 ما نصه:

 

لقد حرص دين الإسلام الحنيف على تكريم الإنسان حيا وميتا فجاء في القرآن الكريم [ ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا] سورة الإسراء الآية رقم 70 . ووضع ضوابط لهذه المسألة لها باب مستقل في الفقه الإسلامي يسمى [ فقه الموتى والجنائز ] وقد حرم الإسلام نبش القبور أو نقل جثث الموتى من مقبرة إلى مقبرة.

وتوسع المدينة بصورة سريعة ليس مبررا لانتهاك حرمة الأموات ؛ فبإمكان المدينة أن تتوسع إلى جهات أخرى وتبقى المقبرة في مكانها، ولذلك فإن على الأحياء أن ينظموا أمور حياتهم بما ليس فيه أذية لموتاهم. 

وصدرت العديد من الفتاوى بشأن حكم نبش القبور القديمة بهدف توسيع الشوارع من المقبرة... في الفتاوى : 10802، 19135، 22870، 74077.، كلها تؤكد على مخالفة الشريعة الإسلامية فى حالة هدم القبور للتوسعة.

الجريدة الرسمية