عملية «الهروب الكبير».. «فيتو» تتوقع حكم «وادى النطرون» منذ أسابيع.. تاجر مخدرات وضع خطة خروج «مرسى وإخوانه».. تشويه صورة «المحجوب» بعد توصله للحقيقة.
بعد حكم محكمة استئناف الإسماعيلية، اليوم الأحد في قضية هروب سجناء من وادي النطرون، "فيتو" تعاود نشر تحقيقها الذي كشفته في عددها (68) عن عملية تهريب الرئيس مرسي وباقي قيادات الجماعة من السجون.
وأشارت "فيتو"، في عددها إلى أن قضية هروب الدكتور محمد مرسى ورفاقه من سجن «وادي النطرون» مازلت لغزًا محيرًا يبحث عمن يفك شفراته، ويحاول أن يقضى على تشابك خيوطه وشدة تعقيدها وصولًا للحقيقة الكاملة".
والحقيقة أن فجر يوم 29 يناير 2011، لم يكن يومًا عاديًّا في حياة مرسى، وخاصة أنه اليوم الذي تحوّل فيه من سجين إلى سياسي يتخذ خطواته نحو كرسي الرئاسة، فيما تسود حالة من الغموض والروايات المختلفة عن ذلك اليوم الفارق، الذي استطاع فيه «مرسى» و»إخوانه» أن ينفذوا عملية «الهروب الكبير» من داخل «وادى النطرون».
رواية جديدة
«فيتو»، حصلت على رواية جديدة في قضية هروب مرسى ورفاقه من «وادى النطرون»، لكن الرواية هذه المرة مختلفة، فمصدر معلوماتها داخلى، أو بمعنى أدق هي الرواية التي يتهامس بها بعض قادة جماعة «الإخوان المسلمين» في جلساتهم الخاصة، ويميلون لكونها الرواية الحقيقية لقضية «الهروب الكبير».
تؤكد الرواية أن مرسى وقيادات الجماعة الذين كانوا معتقلين في «وادى النطرون» استغلوا أحداث الثورة، وتحديدًا في جمعة الغضب 28 يناير 2011 وانتظروا حتى أسدل الليل خيوطه، وبدأوا تمردًا داخل السجن في الوقت الذي كانت فيه بعض العناصر من الخارج تساعدهم في الهروب، وقبل مغادرتهم للسجن الحصين أدركوا أنهم هالكون لا محالة إذا ما خرجوا بملابس السجن؛ لأنهم أدركوا أن أهالي المنطقة القريبة من «وادي النطرون» سيعترضون طريقهم ويقومون بقتلهم؛ لأنهم هاربون من السجن، فقاموا بخلع ملابس السجن وظل بعضهم بالملابس الداخلية حتى استطاعوا الخروج من السجن، وبعدها توجهوا إلى أقرب تجمع للأهالي وهو ذلك المتاخم للسجن.
وهذه المنطقة بها بعض التجار الذين يعيشون على متطلبات المساجين، ويقومون بعمليات البيع لزوار السجن والمساجين، والحراس المكلفين بحراسة السجن على حد سواء.
«مرسى» ورفاقه اخترعوا قصة تجعل هؤلاء التجار ومن يعيشون معهم يوافقون على مساعدتهم، وقصوا عليهم قصة من نسج الخيال تصلح لأن تتحول إلى فيلم «أكشن».
كانت رواية «مرسى» تزعم كونه ورفاقه كانوا يقودون سياراتهم، فأوقفهم اللصوص والهاربون من السجن، واستولوا على سياراتهم وأجبروهم على خلع ملابسهم في هذا الجو القارس، والبقاء بملابسهم الداخلية فقط، وأحدثوا بهم إصابات طفيفة لما رفضوا في البداية خلع ملابسهم!.
المثير أن «مرسى» ورفاقه كانوا قد أحدثوا في أنفسهم إصابات طفيفة في اليد والقدم لإثبات صدق روايتهم التي رووها. وصدّق الناس رواية مرسى ورفاقه، وأحضروا لهم ملابس كان معظمها عبارة عن جلابيب وبيجامات قديمة مهلهلة.
العقل المدبر
الأكثر إثارة في هذا الأمر أن العقل المدبر لهروب «مرسى» ومؤلف «الرواية» التي تم قصها على الناس كان تاجر مخدرات كبيرًا، كان هو الآخر مسجونًا في «وادى النطرون»، وأصدر «مرسى» قرارا بالعفو الرئاسى عنه بعدما أصبح رئيسًا!.
وهذه الرواية الإخوانية تتوافق إلى حد كبير مع إحدى الروايات، وهى تلك التي يرويها اللواء عبد الخالق ناصر محمد؛ مأمور سجن ملحق وادى النطرون السابق في شهادته أمام محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، والتي تتولى قضية هروب المساجين أثناء الثورة من وادى النطرون.
فوفقًا لرواية المأمور السابق، بدأ التذمر والتمرد من قبل المساجين وبخاصة السياسيين منهم منذ يوم 25 يناير، للدرجة التي جعلتهم يهددونه بالقتل، مؤكدين أن هناك من سيأتى وينقذهم، حتى جاء فجر يوم 29 يناير والذي وصل فيه إلى السجن مئات السيارات المحملة بالمسلحين الذين كانوا يطلقون النار بعشوائية وكثافة على قوات التأمين والتي تبادلت معهم إطلاق النار، إلا أن ما لوحظ هو أن المقتحمين كانوا على علم بخريطة السجن، حيث ظهر ذلك من تحركاتهم خاصة أنهم قطعوا الكهرباء عن السجن، واستخدموا كشافات كانت بحوزتهم حتى يتمكنوا من تنفيذ مهمتهم، خاصة أنه وفى ظل هذه الحالة تم فتح عنابر السجن وتهريب السجناء بعد إحراق عدد من مكاتب الضباط وهدم سور السجن.
وكان مرسى أول من ثارت حولهم الروايات، خاصة بعدما تحدث هاتفيًّا مع قناة الجزيرة الفضائية بعد دقائق من هروبه ليؤكد أنه وزملاؤه من السجناء لم يفروا، وإنما من قام بفتح أبواب السجون لهم كانوا أشخاصًا غير معروفين لهم، حيث كانوا مجموعة من المساجين الذين يرتدون ملابس السجن، وآخرين يرتدون ملابس مدنية، كما كانوا أكثر من مائة شخص يبذلون كل جهد ليفتحوا باب السجن، والذي استغرق أربع ساعات – وذلك وفقًا لمكالمة مرسى مع «الجزيرة».
كما ذكر مرسى في مكالمته أسماء من كانوا معه من السجناء الهاربين من أعضاء مكتب الإرشاد، وهم عصام العريان وسعد الكتاتنى ومحيى حامد ومحمود أبو زيد ومصطفى الغنيمى وسعد الحسينى، بالإضافة إلى إخوان آخرين منهم سيد نزيلى؛ مسئول الجيزة في الإخوان، وأحمد عبد الرحمن؛ مسئول الفيوم، وماجد الزمر؛ وهو من إخوان شمال القاهرة، فضلا عن حسن أبو شعيش؛ مسئول الإخوان في كفر الشيخ، وعلِى عز؛ المسئول في أسيوط.
ولكن بعد مرور نحو عام ونصف العام على المكالمة الشهيرة يتحول الدكتور مرسى من سجين هارب من قضية شابها الغموض، وتردد أنها قضية تجسس وتخابر لصالح دولة أجنبية، إلى أول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة يناير، إلا أن عددًا من التقارير والمستندات أعادت الزمن إلى تاريخ اقتحام سجن وادى النطرون مرة أخرى، وبشكل خاص بعد يوم 29 سبتمبر 2012، حيث أصدر مرسى قرارًا رئاسيًّا يحمل رقم 218 لسنة 2012 في شأن العفو عن باقى العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بأعياد 6 أكتوبر وعيد الأضحى.
وكشفت الوثائق أن قرار العفو حمل بين طياته 22 اسمًا لمتهمين يقضون عقوبتهم بسجن وادى النطرون، أغلبهم في قضايا مخدرات وقتل عمد، حيث أظهرت أن أبرز الأسماء التي شملها القرار كان اسم السجين السيد عطية محمد عطية، والذي هرب من سجن وادى النطرون وقت هروب مرسى، وكان متهمًا وقتها في قضية إتجار بالمخدرات.
وقد تردد مؤخرًا اسم السجين عطية محمد عطية، بعدما أكد العميد سامح رفعت؛ مأمور سجن وادى النطرون الحالى أن المتهم الذي مثل أمام المحكمة في قضية هروب المساجين ليس هو السجين المطلوب، وإنما هو شخص آخر يتشابه معه في الاسم، حيث قال إن المتهم الحقيقى الذي هرب من السجن كان شخصًا آخر متهمًا في قضية اتجار بالمخدرات، وصدر له عفو رئاسى ضمن قرار 218 لسنة 2012، وبالتالى فقد أمرت المحكمة بالإفراج عن الشخص الخطأ لتتوالى التحقيقات بهدف كشف غموض هروب الرئيس مرسى ورفاقه من السجن.
خالد محجوب
ويبدو أن معلومات وصلت إلى الإخوان مفادها أن المستشار «خالد محجوب»؛ رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية وصل للمعلومات الحقيقية الكاملة حول قضية «هروب مرسى ورفاقه» من سجن «وادى النطرون»، فبدأت الجماعة على الفور في شن حملة واسعة ترمى لتشويه الرجل عبر نشر معلومات خاطئة عنه، منها أنه كان ضابطًا كبيرًا بجهاز مباحث أمن الدولة وأنه ينتمى لعائلة من «الفلول».
في حين أن الرجل هو ابن الدكتور محمد على محجوب؛ الذي كان وزيرًا للأوقاف في فترة الثمانينيات من القرن الماضى، وهو – الأب - كان أستاذًا للشريعة، ومتخصصًا في علم «المواريث»، وكان الإخوان أنفسهم يقفون إلى جانبه في انتخابات مجلس الشعب التي كان يخوضها، وهو الأمر الذي أغضب نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، وجعل زعماء الحزب الوطنى وقتها يستبعدون «محجوب» من الانتخابات؛ لأنهم شكّوا أن الرجل له علاقة وطيدة ببعض قيادات الإخوان!.