«الخطة النمساوية».. سلاح أوروبا لطرد الإخوان من القارة العجوز.. وإنهاء النفوذ القطرى والتركى ضمن قائمة الأهداف
ضربات متلاحقة من الاتجاهات كافة، تتلقاها جماعة الإخوان الإرهابية، غضب شعبي في الشرق الأوسط، وترصد رسمى في الغرب، وما بين هذا وذاك، لا تزال الجماعة تفقد جزءًا من شعبيتها في غالبية البلدان.
النمسا
ومؤخرًا دخلت الحكومة النمساوية على خط «حصار الإخوان»، حيث أعدت بالتعاون مع نظيرتها الألمانية خطة محكمة لإنهاء وجودها والإسلاميين في أوروبا للأبد.
الخطة النمساوية التي كانت تعمل عليها مؤسسات عدة منذ سنوات، ومن المنتظر انتشارها في كل بلدان أوروبا، تمُكن الغرب «قانونا» من مراقبة التنظيمات الدينية ووضعها أمام القيم الأوروبية، فإما الاعتراف بها أو الطرد.
وهو أمر كانت الإخوان وحلفاؤها يتحايلون بكل الوسائل حتى لا يفقدوا جماهيريتهم الدينية، ويواجه الغرب بحسم موجة التزايد الضخم في أعداد المنظمات التي يسيطر عليها الإسلام السياسي، والذي أصبح يمثل خطرًا شديدًا على جميع بلدان العالم وليس الغرب فقط.
ولاسيما أن ترك هذه المجموعات التي تخضع لسيطرة أيديولوجية تركية دون مراقبة حقيقية أصبح كارثة حقيقية، والنمسا التي تقودها حاليا حكومة يمينية، أصبحت منذ سنوات، من أهم البلدان التي تواجه الأصابع التركية والقطرية بقوة وحسم، وأغلقت خلال الأشهر الماضية العديد من المساجد التي كانت تستخدمها الجماعات المتطرفة في تسويق أفكارها، وأهداف من يمدونها بالمال والدعم السياسي والفكري.
طرد المتطرفين
كما طردت العشرات من الأئمة الذين كانوا يدعون لتركيا على المنابر، ويروجون لحكومتها ويدعون المسلميين لتتبع نهج العثمانية الجديدة واتباع بوصلتها، ولهذا سارع أردوغان بتوجيه مدافعه ضد النمسا ووصفها بالعنصرية، بعد أن ضيقت تماما على مشروعه الديني هناك.
وكانت النمسا قد مررت قبل إنشاء مركز التوثيق ما عرف باسم«قانون الإسلام» عام 2015، والذي حظر التمويل الأجنبي للجماعات الدينية وكلف التيارات الدينية بمسئوليات وطنية وترويج نظرة إيجابية تجاه الدولة والمجتمع على منابرها بدلا مع الدعاء لدولة أخرى، على عداء فكري وسياسي معها.
وشهدت التيارات الدينية أعنف هجوم آنذاك من المستشار سيباستيان كورز، الذي شغل منصب وزير الاندماج، وأكد أن الإسلاميين إذا استمروا في التبعية لأردوغان، لن يكون لهم مكان في الغرب مستقبلا، واعتبر القانون مجرد بداية وقد كان.
إنهاء النفوذ التركي
وبحسب مصادر تحدث إليها «فيتو» في الجماعة تحكمها الآن حالة من الهيستريا، لما تعيشه من أيام حالكة السواد في النمسا وألمانيا، فوفق بنود الخطة الجديدة، فإما تقديم منهج مكتوب يفصح التنظيم من خلاله عن مصادر تمويله وخريطة أفكاره، ويخضع للتصويب من الدولة للتوافق مع مبادئها أو قيمها، أو ترفضه بالأساس، وبعدها لا يبقى أمامه إلا الطرد أو الحبس والتشريد نهاية بإعلانه هو وغيره تيارات إرهابية.
ولهذا فالهدف الحقيقي من إنشاء مركز توثيق لتيارات الإسلام السياسي، هو تمكين الدولة من منع التطرف وتحجيم انتشار الإسلام السياسي، ولاسيما أن المركز سيدعم مؤسسات صناعة القرار المختلفة، بأكبر معلومات ممكنة عن حيّل الجماعات الدينية في التخفى عن المراقبة والإلتزام بالقانون.
ووضع هذه الجماعات في مواجهة التوثيق الفكري، أمر جديد على التيارات الدينية، فالتوقيع على مسودة القيم يعني أنها مجبرة على الاتفاق مع الدولة التي يعيشون على أرضها، ويحتمون بقانونها العام، وبالتالي أي خروج عن النظام والقيم الثقافية سيكون مصيره الطرد، وخاصة أن المركز سيكلف بتقديم تقرير سيادي سنويا عن التطرف.
وإن كان الإسلام السياسي يسعى لإنشاء مجتمعات موازية بالفعل كما تؤكد الجهات الأمنية أم لا، وتوضيح عوامل تنمية الإسلام السياسي وعوامل إيقافه، وهو ما يعني أنه المركز سيصبح أشبه بنظام الإنذار المبكر لرصد أي تحرك مخالف للهوية الغربية، على أن يكون التحقيق والمصادرة نتاجا لتحقيق يعرض على المجتمع بأقصى درجات الشفافية.
تحصين دستوري
وقوة المشروع وجديته، والذي يخضع للتقييم من العديد من الدول الأوروبية، فرضت تحصينه دستوريا حتى لا يتلاعب الإسلاميون به كما هي عادتهم، ويلجئون لمقاضاة الدولة بوازع حقوق الإنسان والحرية الدينية.
لهذا أسُس للمركز صندوق مستقل يتبع للجمهورية ويقوده فريق على أعلى مستوى، مصحوبًا بمجلس استشاري علمي لتحقيق الاستقلالية العلمية، حتى لا تتهم من التيارات اليسارية المتحالفة مع الجماعة بـ«التسيسس».
لورينزو فيدينو، مديرة برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن، قالت: مركز التوثيق سيصبح واحدًا من أقوى التحديات التي فصُلت على يد مراكز أبحاث مستقلة، وقبل أن تخرج في تشريعات قدمت في صيغة بحث علمي مستقل، لرصد كل جوانب الأفكار الخطيرة للإسلام السياسي، وهي توفر لصانع القرار معرفة كاملة عن الشبكات السرية للإسلاميين.
كما أوضحت مديرة برنامج التطرف، أن مركز التوثيق هذا، هو إجراء مهم في محاربة الإسلام السياسي، ولكنه سيفصل بشكل صارم في الوقت نفسه بين الإسلام كدين، وبين الأيدولوجية المتطرفة للإسلام السياسي، التي أصبحت خطرا على العيش المشترك والاندماج، وعلى الديمقراطية وسيادة القانون في كل بلدان العالم، وخاصة البلدان الأوروبية.
وشددت «لورينزو» على أن مركز التوثيق سيكون ضمن مهامه أيضا استهداف الشبكات والأيديولوجيات التي تهدد المواطنة تحت ستار الحرية الدينية، ولكن ذلك سيكون بالبحث العلمي والتوثيق وجمع المعلومات حول التطرف السياسي ذي الدوافع الدينية.
تتبع الإرهاب
وأضافت: سيضع المركز على رأس أولوياته تتبع الشبكات الداعمة للإسلاميين والتي تقف ورائهم، وما إذا كانت بعد توقيعها على عرائض التوثيق والإلتزام بقيم الجمهورية، ستستمر في خضوعها لتأثيرات القوى الخارجة.
وخاصة أن أجهزة الأمن ترصد بشكل دائم التدخلات التركية والقطرية وتوجيهم لهذه الشبكات، كما لاحظت الأجهزة مليشيا دولية داعمة للتيارات الدينية في أوروبا، وتروج لها على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أشارت مديرة برنامج التطرف إلى أن المشروع سيتضمن إنشاء خريطة عامة للشبكات والجمعيات الدينية في النمسا، وتحديد أعضاءها بدقة وتدوين كل اتصالات مالية وتنظيمية وأيديولوجية لها مع الخارج والكشف عنها، وبخلاف ذلك عمل تحليل مفصل للشبكات الفردية أيضا والتي تعمل هي الأخرى في السر لكشف الشبكات من خلال تحليلات أكثر، ومهمة المركز الأكثر أهمية، هو إتاحة إبلاغ المجتمع بكل أفراده بشكل دوري لأي مظاهر غير مألوفة للإسلام السياسي، بحيث يتيح للمركز النظر فيها، ومعرفة إن كانت تتفق مع صحيح القانون أم لا.
واختتمت حديثها قائلة: المركز بهذه المواصفات، سيصبح أول مشروع متكامل بشكل حقيقي، يكافح الأيديولوجية المتطرفة للإسلام السياسي ما يساهم في تحصين التماسك الاجتماعي والسلام وإنجاح فلسفة الاندماج التي كانت تسعى إليها كل الدول الغربية وخاصة مع المهاجرين المسلمين، والتي كان الإسلاميون دائما من أهم أسباب إفشالها، بتحريض المسلمين على الانعزال عن التفاعل مع مجتمع سعوا إليه بأنفسهم، بحجة الغربة الثقافية واختلاف الشريعة الإسلامية مع منهج الغرب وأسلوبهم في الحياة.
نقلًا عن العدد الورقي...