متى يذبح هدى التمتع وأين؟
أحرمت فى موسم الحج بالعمرة أولا، ولما انتهيت منها ذبحت الهدى قبل أن نقف بعرفة فهل الذبح صحيح أم لابد أن يكون بعد الإحرام بالحج وأن يكون فى منى؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف فى الجزء الرابع -العبادات- من موسوعة "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام"، فيقول:
قال الله تعالى {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ
إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ
حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } البقرة : 196 ..
يعنى من أدى العمرة وانتهى منها وتحلل
واستباح ما كان محرما عليه بسبب الإحرام ، وظل متمتعا إلى وقت الحج فعليه فى مقابل
هذا التمتع أن يذبح شاة، فإن لم يجدها أو لم يجد ثمنها فعليه أن يصوم عشرة أيام كاملة،
ثلاثة منها فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله كما نص عليه القرآن الكريم .
لكن هل هناك مكان أو وقت معين للذبح ؟
أما مكان الذبح فهو الحرم المكى ومنه منى، ولا يجوز عند جمهور العلماء ذبحه
خارج الحرم المكى، ومن نسى أن يذبح وعاد إلى بلده فعليه أن يذبح فى الحرم بنفسه أو
بتوكيل غيره من الحجاج أو الزوار أو غيرهم ، ولا يجوِز الذبح فى البلد إلا قليل ، وهو
مروى عن مجاهد من التابعين ، لكن رأى الجمهور هو الصحيح لتحقيق الحكمة الشرعية للذبح
لمنفعة أهل مكة كما تنص عليه الآيات .
أما وقت الذبح ففيه ثلاثة آراء للعلماء .
رأى يقول: لا يصح الذبح إلا بعد الإحرام بالحج ، كما دل عليه ظاهر الآية { فَمَن تَمَتَّعَ
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ } أى الدخول فيه بالإحرام ، وعلى هذا الرأى يكون الذبح
فى منى أو فى مكة بعد العودة من منى، لأنه المكان الميسر للذبح ، وهو المتفق عليه فى
مذهب المالكية .
حكم الشرع في الطواف مع لبس الحذاء
ورأى ثان يقول : يصح الذبح بعد الفراغ من أعمال العمرة وقبل أن يحرم بالحج ،
وذلك قياسا على تقديم كفارة اليمين على الحنث وتقديم الزكاة على الحول "الإقناع
فى حل ألفاظ أبى شجاع فى فقه الشافعية ج ا ص 226 ) يقول الأُبى فى شرح صحيح مسلم :
إنه محكى عن عياض ، وقال المازرى هو الصحيح ، وهو الذى عليه الجمهور، وهو وجه عند بعض
أصحاب الشافعى .
ورأى ثالث حكاه المازري : يجوز الذبح بعد الإحرام بالعمرة .
وذكر النووي فى المجموع أن الذبح الواجب بالتمتع قبل الإحرام بالحج فيه خلاف
، وجاء فى الأم للشافعى استحباب الذبح لهدى التمتع بعد الفراغ من السعى بين الصفا والمروة
قبل أن يحلق أو يقصر.
وما دامت المسألة خلافية فالأيسر هو العمل بجواز الذبح بعد الانتهاء من العمرة
، ولا داعى لتأخيره إلى الإحرام بالحج ليذبح فى منى، والدين يسر.
حكم الحج عن الغير وللغير
أما إن عجز عن الهدى فيجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام فى الحج كما نصت عليه الآية،
وقد نقل عن أحمد بن حنبل أنه يجوز الصوم قبل أن يحرم بالحج ، وقال الثورى والأوزاعى
: يصومهن من أول أيام العشر، وبه قال عطاء، وقال عروة: يصومها ما دام بمكة فى أيام
منى وقاله أيضا مالك وجماعة من أهل المدينة "تفسير القرطبى ج 2 ص 399" وفى
ص 403 : يصوم السبعة بعد الرجوع من الحج ولو لم يذهب إلى بلده ، فيصوم فى الطريق ويصوم
فى مكة. وقال جماعة: يصوم الثلاثة وهو محرم بالحج قبل يوم عرفة.
وقال بعض آخر: يصوم قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة، وكانت عائشة تصومها
فى أيام التشريق وهى الثلاثة بعد العيد كما رواه البخارى عنها وقال ابن عمر وعائشة
فى أيام التشريق ألا يصمن إلا لمن لم يجد الهدى رواه الدارقطني بإسناد صحيح وإذا فاته
صيام الأيام الثلاثة فى الحج لزمه قضاؤها ، إما قبل أن يعود إلى بلده وإما بعد أن يعود
ولا يشترط التتابع فى صيام هذه الأيام.