بركة الحاج.. بداية انطلاق المحمل إلى الأراضى الحجازية
ظهر محمل الحج المصرى فى عهد الدولة المملوكية ، وكان عبارة عن ظاهرة اجتماعية الى جانب كونه شعيرة دينية لدى المسلمين .
وكان هذا المحمل ـــ الهودج ـــ يسير امام قافلة الحج حاملا الهدايا لبيت الله الحرام محمولا على الجمال .
وكما نشرت مجلة "البوليس عام 1958 فإن المحمل ونقل كسوة الكعبة مر بمراحل متعددة وفق العصور المختلفة .
ففى عهد الظاهر بيبرس اعد المحمل وطافت الجمال وهى تحملة ومعها كسوة الكعبة عام 1277 مـ فكان اول من اتبع هذا التقليد تحفيزا للناس على التقدم لاداء شعائر الحج . فجعل بذلك موسم الحج مظهرا اجتماعيا ومناسبة اجتماعية عند المصريين بصفة عامة .
أما كسوة الكعبة الشريفة فكانت تحمل على الجمال المزينة ويطوف الموكب بها القاهرة فيما يسمى دوران المحمل وقد اولى سلاطين المماليك كسوة الكعبة اهتماما كبيرا كل عام فكان هناك ادارة كاملة تشرف عليها برئاسة ناظر الكسوة .
وبدأ المحمل مسيرة الحج فى عصر المماليك مسيرته من القلعة عند ميدان الرماحة مقر حكم السلطان حيث يجلس السلطان على دكة خشبية اسفل القلعة لاستعراض المحمل بما يحمله من هدايا واقوات مرسلة للحرمين الشريفين .
ويتقدم المحمل امير الحج وهو من امراء المماليك الكبار ، يسبق المحمل كوكبة من فرسان المماليك متسلحين بملابس الميدان مع دقات الطبول، ثم يشق موكب المحمل شوارع القاهرة مارا بباب زويلة ثم شارع بين القصرين حتى ينتهى الى بركة الحاج بالمرج وهى نقطة التقاء الحجاج لبدء رحلة الحج بالطريق البرى .
وحرص المصريون على المشاركة فى احتفال المحمل وكان من عادة المحمل ان تكون له كسوتان كسوته اليومية وهى من القماش الاخضر وكسوته المزركشة ولا يلبسها الا فى المواكب الرسمية ، الا انه حين يصل الى مسجد الرسول الكريم بالمدينة المنورة ترفع عنه كسوته المزركشة ويلبسونه الكسوة الخضراء ثم يحملون كسوة المحمل الى الحجرة النبوية الشريفة من الباب الشامى الى جانب من ساحة منزل السيدة فاطمة رضى الله عنها .
اقرا ايضا:
"البحوث الإسلامية" يطلق حملة "ألا فتعرضوا لها"لاستغلال فضائل العشر من ذي الحجة
وبعد انتهاء الحج يعودون بالمحمل الى مصر ولكن مارا من باب النصر ، وتحفظ الكسوة فى مخزن بوزارة المالية ، أما الكسوة الخضراء فيكسى بها بعد العودة ضريح الشيخ يوسف السعدى بجبانة باب النصر لانه كان يخدم المحمل المصرى اثناء حياته فى رحاب البيت العتيق .
وظل الموكب منتظما سنويا حتى كانت حادثة المحمل الشهيرة عام 1926 والتى حدثت اثنائها معركة بين قوة المحمل والنجديين وجرح فيها ضابط وثلاث جنود مصريين وقتل 25 من النجديين .
وكانت نهاية عصر المحمل ليحل محله بعثة الحج الرسمية وهى لا تحمل اموالا ولا صدقات ولا اسلحة ولا جنود ، لكنها تشرف على الحجاج المصريين فقط .