الروائى أحمد عطا الله: توقعت الفوز بجائزة الدولة التشجيعية.. وهذه أسباب عدم كتابتي للدراما حتى الآن (حوار)
النشر في مصر في حاجة لأفكار جديدة تصل بالكتاب لأكبر كم من الناس
سر نجاح أى عمل يكمن في قدرته على الدفاع عن قيمته مع مرور الزمن
شادي عبد السلام واحد من أهم مخرجي العالم رغم أنه لم يقدم للسينما سوى "المومياء" و 5 أفلام قصيرة
نجيب شهاب الدين له أغنيتان فقط للشيخ إمام لكنه من أهم شعرائنا المصريين
أستمد أفكار رواياتى من الواقع.. وجائزة الدولة التشجيعية "هدية من الله"
يعد الكاتب والروائي أحمد عطا الله أحد أبرز كتاب جيله الشاب الواقف عند عتبة الأربعين، بسبب كتاباته الإبداعية التى تمتاز ببساطتها وعمقها الإنساني الفريد.
وهو يمثل بذرة لمشروع إبداعي حافل بما هو إنساني ، بدأ عطا الله ابن قرية أبو دياب مركز دشنا في جنوب الوطن المنسي من قلب قرية يحتضنها الجبل بكل ما يحمله من قسوة وسطو وما تحمله جوانب أرضها من تنوع قبلي ما بين هوارة وعرب وفلاحين وحلب ومسلمين ومسيحيين يخرج عطا الله الشاعر بأول ديوان شعري له وهو دم العروسة.
أمضى عطا الله ستة أشهر ليحول كتابه عن السيرة الهلالية كما رواها الشاعر على جرمون، إلى روايته الأولى "غرب مال"، التي صدرت في 2018 وفازت بجائزة الدولة التشجيعية عن عام 2019، المعلن عنها هذا العام.
"فيتو" حاورت الكاتب أحمد عطا الله فى السطور التالية :
*كيف استقبلت خبر فوزك بجائزة الدولة التشجيعية عن روايتك "غرب مال"؟
كنت
نائمًا وعندما استيقظت ظهرًا، وأمسكت تليفوني جاءتني رسالة على "الواتس
آب" من الكاتبة الصحفية بأخبار الأدب عائشة المراغي تقول "مبروك"،
سألتها عن ماذا؟، فكتبت: على جائزة الدولة التشجيعية، قمت مفزوعًا، سعدت جدا
وأعتبرتها فضلا وهدية من الله عز وجل منحني إياها بعد تعب ومجهود كبير.
*حدثنا
بشىء من التفصيل عن عملك الفائز "غرب مال"؟
"غرَّب
مال"، رواية ترصد 3 سير مختلفة، أولاها السيرة الهلالية كما رواها على جرمون،
وسيرة قريتي، وسيرتي الشخصية، وكلٌ بطل فيها في رحلته وتغريبته التي لم يعد فيها
كما كان.
*هل
قصدت استخدام السيرة الهلالية لتروى من خلالها سيرتك الذاتية في رواية "غرب
مال"؟
لم
أخطط، في الأول كتبت السيرة الهلالية من وحي رواية الشاعر على جرمون، وهي رواية
مختلفة عما قدم عن السيرة من قبل لمشروع مسلسل درامي، وأما سيرتي الذاتية، أو
مشاهد من حياة عشتها، فلم أكن أعرف ماذا أفعل بها، وإن كان ستخرج في الأساس أم لا،
كانتا منفصلتين.
وجهزت السيرة لتنشر في كتاب منفصل في البداية استغرق إعداده سنوات حتى يكون مختلفا عما قُدم عن السيرة من قبل، تعاقدت على نشره، حتى قال لي صديق قرأ بروفة الكتاب، إن المجهود المبذول في تحويل السيرة لعمل قصصي غير كاف لجعله عملا مختلفا، حتى لو كانت القصص المقدمة جديدة، والشاعر الذي عملت عليه لم يعمل عليه أحد من قبل، أجلت النشر، وجلست في بيتي 6 شهور متواصلة لا أعمل في شيء آخر سوى الرواية.
بعد أن جاءتني فكرة الدمج بين السيرتين، كنت ألهو مع الكتابة، وكان لهوا
ممتعًا وشاقًا في آن واحد. واستمتعت به كتجربة أثناء العمل جدًا.
*هل
كنت تنتظر تلك الجائزة أو غيرها من الجوائز؟
شعرت
بأنني سأنالها، وكان شعوري مبنيا على منطق، فحين صدرت رواية "غرب مال"
كان هناك احتفاء كبير بصدورها، ومعظم المقالات النقدية التي كتبت عنها أشادت
بالعمل، وكثيرا ما سمعت أنها تستحق جائزة.
*من
أين تستقي أفكار كتاباتك وما تأثير الواقع المعيشي عليها؟
استمدها
مما يمس مشاعري الخاصة، ويجعلني أتأثر به وأنشغل بالتفكير فيه، أحب أن أكتب ما
أعرفه وما أجمعه من قصص إنسانية لأعرفه، وأكتب منها ما يثير بداخلي مشاعر معينة أو
يطرح أسئلة أو فكرة.
*كتابك
"الناس دول" حمل تصنيف "حكايات من لحم ودم"، وقصة
"مريم" كتبتها بالعامية وحملت تصنيف "قصة واقعية"؟ وفي رواية
"غرب مال" نجد الكتابة الابداعية مع الرصد الصحفى والتحقيق والشهادات..
هناك ربكة في تصنيف كتاباتك؟
أحب
الكتابة ككتابة، كفن في حد ذاته، وأرى أنه فن يستطيع أن ينتج أشكالا مختلفة أو
جديدة، لذلك لم يشغلني أبدا تصنيف الكتاب، يشغلني محتوى الكتاب، مع إني اكتشفت أن
التصنيف مهم للآخرين لدى صناع النشر، وفيه قارئ يفرق معاه أنه يشتري تصنيف رواية،
لكن هذا لم يجعلنى أتوقف عن التجربة ، وأذكر حين قدمت كتاب "الناس دول"،
لدار نشر كبيرة، اتصلوا بي بعدها بشهور، ليحدثوني في تصنيفه هل هو أدب أم تاريخ أم
قصص قصيرة أم ماذا؟
وطلبوا مني أن أعمل على فصل واحد فقط منه للتخلص من هذه المشكلة، وقلت أن تصنيفه هو ما كتب عليه "حكايات من لحم ودم"، وحرصت أن الشكل الذى خرج به، وحتى الآن تقابلني أسئلة وتعليقات من قراء "مريم – مع خالص حبي واعتقادي"، غير قادرين على التعامل مع تصنيفها، ناك من يراها رواية، ومن يراها كتاب صحفي، وهي تصنيفها بسيط جدا ومكتوب على الغلاف "قصة حقيقية".
وأول عبارة في أول صفحة فيها، "هذا العمل وثائقي بحت، وأي
تشابه بينه وبين الأدب والخيال هو محض الصدفة". وجزء من سعادتي من تقديم عمر
طاهر لكتاب "فلان الفلاني"، إنه من عمر من أنجح الناس التي تحررت من
الكتابة تحت تصنيف بعينه.
*شاركت
في إعداد العديد من البرامج التليفزيونية وأشهرها برنامج "الناس وأنا"مع
النجم الكبير حسين فهمى، ألم تحفزك نجاح هذه التجارب على كتابة أعمال درامية طويلة
للتليفزيون؟
الإعداد
البرامجي، فن له قواعده ومدارسه مثله مثل الصحافة، وأمارس هذه المهنة من 2006،
وكان لي حظ كبير في أن أشارك في برامج تليفزيونية مختلفة وناجحة، بينها 3 أعمال
كبيرة مع الفنان القدير حسين فهمي، أولها "الناس وأنا" وشاركت فيه كمعد
تحت رئاسة تحرير الكاتب الصحفي والسيناريست حازم الحديدي.
وآخرها "زمن"
الذي شرفت برئاسة تحريره وتم تصويره في معظم مدن الوطن العربي، لكن لا علاقة للعمل
البرامجي بكتابة السيناريو للدراما، حصلت على دورة سينما، وكتبت سيناريوهات لأفلام
تسجيلية ووثائقية ودعائية كثيرة، لكن لكي أكون أمينا مع نفسي أعتقد أن عدم كتابتي
للدراما - مع وجود محاولات - ناتج بالدرجة الأولى من عدم توافر الإرادة الكاملة
لذلك في الوقت الحالي، الكتابة للدراما والسينما تحتاج إخلاصا وجهدا ووقتا،
والإنسان يرتب أولوياته.
*أنت
أيضا شاعر وصدر لك أكثر من ديوان، لكنك في الفترة الأخيرة أصبحت أكثر اهتماما
بالكتابة السردية، لماذا؟
أحيانا
أكتب الشعر، وأحيانا أنقطع، المؤكد أنني غير مهتم بنشر شعر على الأقل في الوقت
الحالي، مع أن الشعر لم يغب عن أي عمل نشرته، ستجدينه في القصيدة التي بُني عليها
كتاب "فلان الفلاني"، وهو موجود كمتذوق له، في افتتاحيات فصول
"الناس دول"، وافتتاحيات تتابع رواية "غرب مال"، وبين سطور
"مريم".
*من
هم الكتاب الذين تأثرت بهم وهل هناك كاتب مفضل؟
بشكل
عام، ليس لدى توجه معين في القراءة، فأنا أمارس القراءة والكتابة طوال الوقت
تقريبا، لكني لست حكرا على القراءة والكتابة الأدبية، فانا أكتب للبرامج
التفزيونية وأكتب للصحافة، وبالتالي اقرأ فيما تحتاجه هذه الكتابة، جاءني من قبل
فيلم تسجيلي له علاقة بالهندسة فقرأت في الهندسة.
قرأت كتب مصطفى محمود التي
وجدتها في المدرسة الثانوية، وأيام الجامعة كنت مهتما بقراءة صحف: العربي الناصري
والدستور القديم ومجلة وجهات نظر، كل مرحلة كان يستهويني فيها شىء مختلف، أحببت
أمين معلوف جدا وتوفيق الحكيم جدا جدا، وسعيد أنني تعرفت مؤخرًا على أعمال إدواردو
غاليانو، وأجاهد لمتابعة كتابات أبناء جيلي فالكثير منهم لديه بصمته ومشروعه
الخاص، ومؤخرا أشتريت مجموعة كتب علمية عن حياة النمل والحشرات، قرأت فيها قليلا
وآمل أن أستكملها.
*ما
سر نجاح الكاتب من وجهة نظرك؟
دعينا
نقول سر نجاح الكتاب وليس الكاتب، لأن كل كاتب يكون لديه بعض الأعمال الجيدة
وأعمال أخرى أقل، مثله مثل المخرج والممثل أو أي مبدع آخر، وسر نجاح العمل من وجهة
نظري يكمن في قدرته على الدفاع عن قيمته مع مرور الزمن.
*هل
الموهبة وحدها تكفي لخلق كاتب حقيقي أم أن هناك عوامل أخرى تسهم في تشكيل التجربة؟
هذه
مسائل فردية تختلف من مبدع لآخر، هناك موهبة أعمالها قليلة وربما نادرة لكنها قوية
وعمرها الزمني طويل، شادي عبد السلام لم يقدم للسينما سوى "المومياء"
ونحو 5 أفلام قصيرة، لكنه صاحب تجربة جعلته واحدا من أهم مخرجي العالم، لم أسمع
للشاعر نجيب شهاب الدين سوى أغنيتين كتبهم للشيخ إمام "يا مصري قومي وشدي
الحيل" و"سايس حصانك"، وأراه وغيري من أهم شعرائنا المصريين،
وهناك مبدع مع موهبته يلزم نفسه بالإنتاج، نجيب محفوظ كاتب كبير لأنه موهوب ولأنه
ألزم نفسه بالإنتاج، ومن هنا تعظمت تجربته، في اعتقادي أنها مسائل فردية.
*ماذا
عن أعمالك الأدبية والثقافية خلال فترة العزلة التي فرضتها علينا جائحة كورونا وهل
وجدت ذلك فرصة للإبداع أم عائقا؟
لم
أكتب للأدب أو لإصدار كتاب طوال فترة العزلة، لارتباطي بعمل كتابي دائم
للتليفزيون، مع عملي ومسئوليتي عن السكشن الثالث في مجلة الإذاعة والتليفزيون، كل
يوم لدى عمل إما أسلمه أو أتابع تنفيذه أو أخطط له، أعمل ما يقرب من 10 ساعات
يوميا، وهو ما جعلني لم أشعر بكورونا مع أنني أتابع أخبارها، وبالتالي لم أستفد من
عزلتها في الكتابة الأدبية.
*هل
يمر النشر الثقافي حاليا بأزمة بسبب حالة الشلل التي مرت بها دور النشر في فترة
الحظر الكوروني؟
بالطبع
هناك أزمة وأزمة كبيرة تعرضت لها عملية النشر كلها، كانت هناك قيود على الحركة
وبالتالي على زيارة المكتبات، معارض الكتاب الدولية العربية أُلغيت جميعا، وسبق
ذلك إغلاق مكتبات كبيرة وتعثرها اقتصادية.
كما أن الحالة اقتصادية تجعل أهمية شراء
الكتب عند الناس تتراجع أمام الأكل والشرب ومصاريف المدارس، كل ذلك يؤثر على صناعة
النشر، الناشر والمطبعة والموزع والمكتبة، وبالتالي على الثقافة، في اعتقادي أن
النشر في مصر في حاجة لأفكار جديدة تصل بالكتاب لأكبر كم من الناس، أفكار جادة
تلعب من خلالها دورها الحقيقي كجسر يربط بين الكاتب والقارئ.
*ما
مشروعاتك الأدبية القادمة؟
الذي
يعرفنى يعرف أننى طول الوقت أمشى ومعى أجندة، أدون فيها أفكارا، وموضوعات صحفية،
فكرة مسلسل أو فيلم تسجيلى، لكن تظل أفكارا، والأفكار على قارعة الطريق، لأن الأهم
من الفكرة هو إرادة تنفيذها.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"