رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خريف الرعب في الولايات المتحدة

أطل مطلع الأسبوع الجاري، المتنبئ العراقي الشيعي أبو علي الشيباني، في مقطع فيديو، جاء فيه:

 

"لدي بشرى لم تعهدوها من قبل، جاءني معلمي برسالة موجهة إلى إيران ووليها، إلى حزب الله في لبنان، والفصائل والعصائب في العراق والحوثيين في اليمن، وغيرهم، أزف اليكم بشرى من معلمي عن ابتلاع البيت الأبيض عن بكرة أبيه وموت ترامب وقتل قادة أميركا الواحد تلو الآخر، ستنتهي أميركا وتنكسر شوكتها، كل هذا سيحدث سريعا وتذهب أميركا إلى الأبد".


اكتسب الشيباني شهرة حين تنبأ قبل سنوات بتفشي فيروس أو ميكروب في العالم كله يصيب عشرات الملايين ويقضي على الآلاف، لكنه تحول إلى "أيقونة"، حين حذر منتصف العام 2019 من اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ومعه نائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وهو ما تحقق بعدها بستة أشهر في عملية أميركية بمطار بغداد الدولي.

الخبز والملح والزاد
تلقف كثر ما قاله الشيباني، وتداوله ملالي إيران وأذرعها في لبنان والعراق وسورية واليمن، باعتبارهم الأكثر تضررا في عهد الرئيس ترامب، وبدأوا الترويج للنبوءة وأن السيادة ستكون لهم قريبا مع موت ترامب وزوال الولايات المتحدة من الوجود.


اختفاء الرئيس ترامب من المشهد السياسي العالمي أمنية تسعى لها فئات ودول عدة، ولا يقتصر الأمر على إيران ومليشياتها في الدول العربية، لكن تبقى الحرب الحقيقية على ترامب في الولايات المتحدة نفسها، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية..

 

بداية من المظاهرات ضد التمييز العنصري، بعد مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد نتيجة عنف شرطي أبيض، لتنتفض الولايات كافة للتظاهر ضد الشرطة، مصحوبا بتخريب وتدمير وحرائق وسرقات وفوضى متعمدة، مع مطالبة بحل الشرطة واعادة هيكلتها، وهي الفوضى التي غذاها وأيدها أوباما "عراب المؤامرات العربية"..

 

 

مبررا بضرورة إنهاء التمييز العنصري، ووضع حد لعنف الشرطة، ونسى أوباما أن عنف الشرطة استمر في عهده، وكذلك التمييز العنصري رغم أنه أول رئيس أسود يحكم الولايات المتحدة، لكنه مع هذا لم يتمكن من تغيير أسطورة تفوق العرق الأبيض على الأسود المتأصلة منذ مئات السنين.

حاكم المطيري خادم أردوغان و"الإخوان"
فطن الرئيس ترامب، لمحاولات نشر الفوضى وبث الرعب في النفوس والسعي للتخلص من الشرطة، فتصدى لها ولم يرضخ للمطالبات، بل حيا الشرطة على عملها وان اعترف بلجوئها للعنف المفرط وأقر ضوابط للحد من ذلك، وقدم قاتل فلويد لمحاكمة عاجلة، إلى أن تمكن من السيطرة على الفوضى المتعمدة.


تواصلت الحرب ضد ترامب، بإصدار مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون كتابه "في غرفة الأحداث: مذكرات البيت الأبيض"، أساء فيه إلى ترامب واعتبره "رجل ضعيف الانتباه قليل التركيز، يفتقر للمعرفة في السياسة الخارجية... وغير مؤهل لمنصب الرئيس".

 

لكن المشكلة ان بولتون الذي يحشد أسلحته للسخرية والهجوم على ترامب، بثرثرة عن أسرار البيت الأبيض، هو شخصيا مكروه من زملائه الجمهوريين ولا يحظى باحترام معارضيه الديمقراطيين، فضلا عن كونه متشدد تتصف شخصيته بالحمق والغباء.


لم يكد ترامب يلتقط أنفاسه من مشكلة كتاب بولتون، حتى جاءته طعنة من الداخل ممثلة في كتاب عائلي اصدرته ماري ابنة شقيقه الحاصلة على دكتوراه في علم النفس، وكشفت فيه أسرار وفضائح الماضي والحاضر، بعنوان "كيف صنعت عائلتي أكثر الرجال خطورة في العالم؟".


واعتبرت ماري، أن وباء كورونا، وإمكانية حدوث كساد اقتصادي وتعميق الانقسامات الاجتماعية بالبلاد بعد التظاهرات ضد العنصرية، أبرزت "أسوأ الآثار" لأمراض دونالد ترامب، التي كانت أقل وضوحًا عندما كانت البلاد تتمتع باقتصاد مستقر، ولا تعاني من أزمات.

هل تدعم القوة الناعمة المجتمع؟!

لكن هذه العوامل، إلى جانب "ميل ترامب لإثارة الفرقة والانقسام، وعدم اليقين بشأن مستقبل الولايات المتحدة خلقت عاصفة مثالية من الكوارث، التي لا يوجد من هو أقل استعدادا لإدارتها وتجاوزها مثل عمي".


تزامن كتاب ماري ترامب، الذي باع ملايين النسخ، مع تقدم جو بايدن في استطلاعات الرأي بشأن انتخابات الرئاسة، ورغم هذا لا يريد ترامب الاعتراف بتراجع شعبيته، وان كان يقر بأنه يواجه حربا متعددة الأطراف.

ومع اقتراب الخريف والانتخابات الرئاسية يزداد الرعب الأميركي مما قد يحدث، فمع كل ما سبق الإشارة إليه، تبرز سوء إدارة ترامب، لأزمة الفيروس التاجي حتى باتت الولايات المتحدة أعلى دول العالم تسجيلا للإصابات وشكل عدد الوفيات اليومي كابوسا لا ينتهي..

 

وبعد أن نجحتْ السُّلطات نسبيا في تسوية منحنى الإصابات، وعاد الشعب إلى المطاعم والحانات والشواطئ، كانت موجة جديدة مرعبة تصيب البلاد، وبعد مرور أشهر على الوباء، وصعوبة التتبع الوبائي، وجدت الولايات المتحدة نفسها في صراع من أجل البقاء، فضلا عن الانشغال بمعارك ارتداء الكمامات التي لا يؤيدها الرئيس ترامب ويترك أمرها رهنا برغبة الشعب رغم التحذيرات العالمية.

ومن الرعب الذي تخشاه الولايات المتحدة اقتراب الإنفلونزا الموسمية التي تحصد كثير من الأرواح، ومع هذا يدعو الرئيس ترامب إلى عودة ملايين الطلاب إلى المدارس في فصل الخريف، فضلا عن اقتراب الانتخابات الرئاسية، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة مزيد من الانقسام وتفشي جائحة كورونا، التي يرى ترامب أنها ستنتهي كما بدأت ولا داعي للهلع.

إسرائيل اجتاحت العرب بـ "فوضى" 

بينما يحذر علماء الصحة والأوبئة من زيادة عدد الوفيات وعدم وجود طريقة للحد من الإصابات، بعد أن زادت في الاسبوعين الماضيين بنسبة 50%، وزادت الوفيات بنسبة 42% خلال الفترة نفسها.


وفي ظل التحذير من خروج الفيروس التاجي عن السيطرة وزيادة الاصابات والوفيات اليومية والمطالبة بفرض ارتداء الكمامات في الأماكن العامة وإغلاق تام في الولايات لمحاصرة المرض، يتوقع العلماء خريف أكثر رعبا مع حاجة مئات آلاف الحالات لدخول المستشفيات، خلال موسم الإنفلونزا المقبل، ما يزيد الضغط على القطاع الطبي المنهك في الأساس.

 

كما ان تفشي الإنفلونزا الموسمية سيعيق قدرة الولايات المتحدة على مكافحة الفيروس التاجي، وربما يؤدي التسرُّع في إعادة فتح المدارس في الخريف، مثلما طالب ترامب ووزيرة التعليم بيتسي ديفوس، إلى عواقب خطيرة ومجهولة على الطلاب.


Advertisements
الجريدة الرسمية