رئيس التحرير
عصام كامل

مؤسسات العجز الدولي.. نواب الأمن القومي والشؤون العربية والأفريقية: قانون الغابة يحكم العالم .. والمعايير المزدوجة تحسم الصراعات

مجلس النواب ... صورة
مجلس النواب ... صورة أرشيفية

لماذا لم تبذل الأمم المتحدة مزيدًا من الجهد لإنهاء العنف في غزة، أو لوضع حد للصراعات في سوريا والعراق واليمن وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا وغيرها؟ لماذا لم يحسم الاتحاد الأفريقى ملف سد النهضة ولا يزال يسمح لإثيوبيا بالمساومة والمماطلة والتسويف؟

 

هل أصبح حلف الأطلسى "الناتو" راعيًا للإرهاب ولماذا لم يتدخل لكبح جماح العدوان التركى متعدد الجبهات؟ وإلى متى تصبح الجامعة العربية الحاضر الغائب بلا دور أو معنى؟ لماذا تخلت المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية عن أدوارها المنوطة بها، بل وأضحت بصمتها المخزى والبائس شريكًا في كل ما يضرب العالم من أزمات ونزاعات وحروب وانقسامات؟

 

صراعات مستمرة

 

لا تكاد تخلو قارة من قارات العالم من نزاعات مستعصية وحروب مستمرة ودماء لا تتوقف عن النزيف وقتلى ومصابين ومشردين وجوعى وفقراء ومعدمين، في الوقت الذي تحولت هذه المنظمات والهيئات إلى كيانات هشة هلامية، لا تملك القدرة على التدخل، وإن تدخلت لا تقوى على الحسم، صار وجودها عبئًا ثقيلًا على الإنسانية، وإعادة النظر إلى مدى أهميتها وجدواها محل نظر، والسعى إلى هيكلتها وترتيب أوراقها أمرًا مُلحًا. لا القضية الفلسطينية تم حسمها، ولا أمل في حلها، بل إنها تتفاقم يومًا وراء يوم، والحرب في سوريا واليمن مستعرة، والوضع في ليبيا مريب، ولا أمل في أن تضع أىٌّ من هذه النزاعات أوزارها في الوقت القريب.


في وقت سابق.. تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة حل المشكلات في العالم؟ وانتهت إلى أن الشقاق والانقسام اللذين يضربان العالم يجسدان معضلة أساسية في عجز المنظمة العالمية عن التعاطى مع مشكلات العالم، سواء في منطقة الشرق الأوسط وفى غيرها. وما ينطبق على المنظمة الأكبر عالميًا يمتد إلى ما سواها من منظمات ومؤسسات دولية وإقليمية، ما يجعل الفشل خطابًا مشتركًا، ويجعل العالم كله فوق بركان ساخن، لا أمل في إطفاء نيرانه.

 

"فيتو" ترصد فى هذا التقرير جانبًا من هذا الفشل الذريع الذى صار قاسمًا مشتركًا لجميع المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية..

 
مؤسسات ديكورية

وأكد عدد من أعضاء مجلس النواب، غياب دور المؤسسات الدولية المنوط بها حل نزاعات الدول، واصفين إياها بالمؤسسات الديكورية، التي تسيطر عليها قوى بعينها، نظرا لعدم حسمها أي قضايا ونزاعات تنشأ بين الدول، بل الأكثر من ذلك مناصرتها أطراف النزاعات حسب مصالحها. 

 

اللواء يحيى كدوانى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب قال: إن المؤسسات والهيئات الدولية المنوط بها حل النزاعات أصبحت مجرد ديكور فقط، ولم يعد لها أي دور، وأصبحت تتحكم فيها قوى دولية منها الصهيونية العالمية.

 

وأوضح أن تلك المؤسيات الدولية أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لحل النزاعات التي تنشأ بين الدول وبعضها، إلا أنه بعد تراجع دور الاتحاد السوفيتى، واستحواذ أمريكا على مركز القوة في العالم، بدأت الولايات المتحدة تقليص صلاحيات هذه المؤسسات، لتتحكم هي بكل شيء فيها.

 

ازدواج المعايير

 

وأضاف كدوانى، أن تلك المؤسسات تعانى حاليا من ازدواج المعايير، ولا تحسم أي نزاع بل تناصر الأطراف ذات المصلحة معها، مثل ما يحدث في القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الدولية التي تم إهمالها بشكل كامل، حيث تصدرت أمريكا المشهد وعطلت أي حلول في تلك القضايا، من خلال التحكم في تلك المؤسسات، ليكون هناك فوضى في كل النزاعات القائمة سواء في الصومال وأفغانستان وسوريا وفلسطين وليبيا واليمن والعراق.

 

وأوضح أنه بسبب السياسة المتخبطة لأمريكا فهى تحاول الخروج من منظمة الصحة العالمية رغم دورها في علاج كورونا، كما تهدد الدول التي لا تسايرها في سياساتها بوقف المساعدات، واستشهد عضو مجلس النواب، بما تقوم به إسرائيل سواء بشأن صفقة القرن في القضية الفلسطينية أو بضم الجولان.

 

وهو مايعد تدخل سافر من إسرائيل، ورغم ذلك لم يتحرك مجلس الأمن أو أي مؤسسة دولية، وكذلك لم يتحرك تجاه ما يحدث في ليبيا من اعتداءات تركية، ما يعنى أن هناك هدف لتدمير المنطقة وجعل الصراع العربى الاسراييلى إلى الأبد.

 

عصر جديد

 

وأكد أن مجلس الأمن لم يعد يحسم الأمور وكذلك الأمم المتحدة لم تعد تقوم بدورها وهو حل النزاعات بالطرق السلمية ما أدى إلى بدء عصر جديد ومرحلة جديدة من الصراعات في العالم، وقال كدوانى: لابد من تغيير نظام العضوية بتلك المؤسسات، حتى لا تسيطر الدول الكبرى فقط، دائمة العضوية التي تملك حق الفيتو وتملك عرقلة أي إجراء قوى، متابعا:" لابد من دعوة جديدة لتحديث منهجية عمل تلك الموسسات وتغيير المنظومة لتقوم بدورها في ظل الصراع الدولى الذي قد يودى إلى حرب عالمية قد تقضى على الأخضر واليابس".

 

صمت دولي


من جانبه استنكر أحمد رسلان، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، حالة الصمت من جانب المنظمات الدولية إزاء عدد من القضايا المهمة والنزاعات الدولية، مثل أزمة سد النهضة الأثيوبي، وكذلك مشكلة التدخل التركي في الشأن الليبي، وأشار إلى أن المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والناتو، تحولت إلى مؤسسات ديكورية ولا تستطيع اتخاذ أي قرار ملزم.

 

وأكد رسلان، أن سيطرة الدول الكبرى على هذه المؤسسات يجعلها تكيل بمكيالين ولا تنتصر للطرف الضعيف، مستشهدا بما يحدث في ليبيا من تدخلات عسكرية تركية بهدف الاستيلاء على النفط الليبي وسط صمت المجتمع الدولي وفى مقدمتها تلك المؤسسات الدولية التي أنشأت في الأساس لحل مثل تلك النزاعات.

 

وأوضح رسلان، أنه في أزمة ملف سد النهضة، طرقت مصر كل أبواب المفاوضات والحلول السلمية إلا أن التعنت الإثيوبي ما زال مستمرا، بينما لم تنجح تدخلات المجتمع الدولي في إجبار أديس أبابا على الالتزام بالاتفاقيات والقوانين الدولية وحق مصر التاريخي في مياه النيل.

 

قانون الغابة


ومن جانبه قال النائب محمد عقل عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، أن تلك المؤسسات والكيانات الدولية ليست الا ستار أو ديكور لتنفيذ مخططات القوى والأنظمة الدولية التي تسعى للسيطرة على دول العالم، وأضاف عقل: إن قانون الغابة هو الذي تتعامل به تلك المنظمات الدولية ولكن بنسخته الجديدة الحديثة التي تغلفها السياسات والمكر والدهاء، ولكنها في النهاية هي نسخة من قانون الغابة.

 

وتابع عضو لجنة الدفاع، أن على مدى عشرات السنوات الماضية، لم نجد قضية نزاع واحدة تم حلها من خلال تلك المنظمات، وإن كانت هناك حلول مقترحة من جانب تلك المنظمات، فهى تكون في صالح القوى.

 

وأشار إلى أن تلك السياسة التي تسيطر على عمل المؤسسات الدولية، أدت إلى زيادة الحروب والنزاعات العسكرية بين الدول، وهو ما يصب في صالح القوى الكبرى سواء اقتصاديا أو سياسيا.

 

وتابع: إن أزمات مثل القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلى وسوريا وليبيا والعراق وسد النهضة، هي أحداث تؤكد بدون شك أن تلك المؤسسات الدولية أصبحت بلا دور وبلا قيمة حقيقية لأنها غابت عن دورها الحقيقى. 

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية