د. أحمد عبد الرحمن يكتب: لا أنتم مهاجرون.. ولاهم الأنصار !
دائما أهل الأهواء يبحثون عن حجج وأسانيد يبررون بها أهواءهم، فيبررون عمليات الاغتيال السياسى بحادثة مقتل كعب بن الأشرف، ويجيزون هدم مؤسسات الدولة وتخريبها بتحريق النبى لمسجد الضرار، ويشرعون الفحش والتفحش بقولة أبى بكر لأحد المشركين: "....................."!!
وبرغم الفروق الواسعة والكبيرة بين الأمور نجدهم يتمادون فى ذلك، فيعتبرون أنفسهم مهاجرين فى سبيل الله، ويصفون تركيا ببلاد النصرة ويخلعون على أردوغان وتميم وصف النجاشي، وشتان شتان مابينهم وبين المهاجرين العظماء، وشتان شتان مابين النجاشى وتميم أو أردوغان.
- أولا: الصحابة لم يرفعوا سلاحا فى وجه قريش برغم مانزل بهم من عذاب واضطهاد، ولم يقل النبى لأصحابه سوى "صبرا فموعدكم الجنة".. "والله ليتمنَّ الله هذا الأمر ولكنكم تستعجلون"، بينما أنتم رفعتم السلاح ليس فقط ضد الجيوش والحكام وإنما أيضا ضد الشعوب والمدنيين، فلستم مهاجرين.
- ثانيا: الصحابة لم يعلنوا حربا فى مجتمعهم ودولتهم الموحدة، سواء وهم رعايا فى مكة أو وهم حكام فى المدينة.. ولقد كانوا يستأذنون الرسول فى ذلك فيرفض قائلا: "إنى لم أومر بقتال"، وفى المدينة قال لهم بشأن المنافقين: "لايتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه"، أما أنتم فأشعلتموها نارا فى كل دولة بل فى كل بيت، وبل وصفيتم وقتلتم بعض من خرج عنكم، وإلا فحدثونى عمن قتل محمد سعيد بالجزائر، وعمن قتل سيد فايز فى مصر، ومن ضرب مخالفيه بالعصى والحديد والشوم، وعمن قتل جميل الرحمن فى أفغانستان، وبالتالى فلستم مهاجرين..
- ثالثا: الصحابة لم يتصلوا بجهة أجنبية يستعدونها ضد قومهم، سواء فى مكة أو فى المدينة بينما أنتم استقويتم بأمريكا والغرب والبرلمان الأوربى، بل وهللتم أمام العالم لما سمعتم شائعة محاصرة أمريكا للشواطئ المصرية لإخراج مرسى من السجن كما توهمتم، وعليه فمن تولى أعداء أمته لايكون مهاجرا، وإلا لو قلتم بأنكم مهاجرون فقولوا كذلك بأن أمريكا وبريطانيا هم الأنصار.
- رابعا: الصحابة لم يستقدموا العناصر الخارجية ليقاتلوا بها قومهم ويدمروا بها دولتهم، بينما أنتم استدعيتم المقاتلين من كل مكان لحرب قومكم وتدمير جيوشكم وبايعتم الظواهرى والبغدادى والزرقاوى على ذلك، ولئن احتججتم علينا بأنكم تعتبرون هؤلاء مسلمين مؤمنين، ولاترون بأسا من الاستعانة بهم ضد بلادكم فيدحض ذلك أن الأنصار لما بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم، ليلة العقبة استأذنوه أن يميلوا بسيوفهم على قريش والمشركين فى موسم الحج، ولكنه صلى الله عليه وسلم رفض ذلك منهم، فهل الظواهرى والبغدادى والزرقاوى أكثر إيمانا من أصحاب العقبة ؟! أم أنكم أكثر نصرة للإسلام من الرسول الأعظم ؟!
- خامسا: الصحابة برغم كثرة سفرهم بل برغم هجرتهم وتركهم مكة لم يسربوا أسرارها ومواطن ضعفها لدولة خارجية أو لملك يطمع فيها، أما أنتم فقد سربتم أسرار الجيوش والآجهزة للخارج، وقد ضبطت الوثائق مشحونة بالحقائب وتجري محاكمة أصحابها، وبالتالى فمن يفعل ذلك ليس من المهاجرين.
- سادسا: الصحابة لم يبثوا الرعب والخوف فى قلوب أهليهم وعشيرتهم فى مكة، ولم يترصدوا لهم، وكذلك لم يفعلوا مع مخالفيهم فى المدينة، أما أنتم فقد بثثتم الرعب ونشرتم الخوف فى قلوب لناس، ولازلنا نسمع هتافكم: "ابعت ياشاطر.. ابعث ياعاصم".. ولا زال تهديدك بمائة ألف انتحارى يلبسون الأحزمة الناسفة ينتظرون الإذن لهم بالتحرك للتفجير، ولازلنا نسمع كلام وحيد بالى المتلون، ومحمد الصغير - الصغير حقا - وهما يعلنان تصريح الشاطر بأن مئات الآلاف مرابطون بعشرات الأماكن بالقاهرة والمحافظات ينتظرون ساعة الصفر، ولازلنا نسمع تحريض أحد المغمورين على قيادات الجيش المصرى قائلا للمتظاهرين: "اقتحموا عليهم المكاتب واقطعوا رؤوسهم.. فهل هؤلاء مهاجرون ؟!
- سابعا: الصحابة ومعهم الرسول لم يقاتلوا على ملك وسلطة فلم يكن فى مكة حكام، ولم ينزلهم أحد عن الحكم فى المدينة على الأقل وقت نزول التشريع فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أنتم فقد أعلنتم القتال بهدف الوصول إلى السلطة أو بهدف العودة إليها بعد عزلكم وبالتالى فقتالكم ليس من أجل الدين، فأنتم لستم مهاجرين لأن الصحابة أُخرجوا بسبب إيمانهم بينما أخرجتم أنتم بسبب طمعكم فى الحكم.
- ثامنا: الصحابة لم يخرجوا نساءهم فى مواجهة قريش ويختفوا هم، وإنما الصحابى كان يموت دون نسائه وبناته، بينما أنتم أخرجتم النساء فى مقدمة المظاهرات واحتميتم بهن، فلما أُلقي القبض عليهن أو أصبن أو قتلن جعلتم تصورونهن وتشهرون بهذه الصور ضد خصومكم، فأين شرف المهاجرين من إهانتكم للنساء واستغلالكم أطفال الملاجئ فى الصراع؟!
تاسعا: أنتم أعلنتم الحرب ضد حكام بلادكم بزعم موالاتهم لليهود والنصارى، وبسبب الظلم والقهر، فهل قطر التى هربتم إليها أو تركيا التى تقيمون فيها.. هل هاتان الدولتان لاتواليان اليهود والنصارى؟! حدثونى عن علاقات قطر بإسرائيل وعن علاقات تركيا بها، بل حدثونى عن علاقتكم بأمريكا وبريطانيا رعاة اليهود والنصارى، هل قطر عادلة مع المعارضين لسياستها؟! هل تركيا عادلة مع المخالفين لأردوغان؟!.
- عاشرا: لقد خرجتم من بلادكم بحجة أنها تحارب الإسلام، فهل قطر أكثر إسلاما من مصر؟! هل تركيا أكثر تدينا من القاهرة بلد الأزهر؟! الواقع يقول عكس ذلك، إنما الفارق بين تركيا ومصر وبين قطر ومصر أن كلًّا من تركيا وقطر يحسنان التجارة بأوجاع الناس، ويجيدان التلاعب بأحلام البسطاء، ويعرفون كيف يسيسون الدين أكثر من تديينهم للسياسة، فهم أبعد الناس عن الدين فى سياستهم بل وأخلاقهم، وإن كانوا من أكثر الدول تناديا بشعار الدين.
وفى الختام، فإن الهاربين من جماعات العنف إلى قطر أو إلى تركيا ليسوا مهاجرين، وإنما هم محدثون فى الأرض، كما أن قطر وتركيا ليستا الحبشة ولا دار الأنصار وإنما هما مأوى للمحدثين والمرجفين فى المدينة.. "ومن أحدث فى الأرض أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
أفيقوا يرحمكم الله؛ فلا أنتم مهاجرون، ولا أردوغان ولا تميم النجاشى.