كل ما تريد معرفته عن معركة الأرك في ذكرى وقوعها بالأندلس
تحل اليوم السبت ، ذكرى وقوع معركة الأرك بين دولة المسلمين في الأندلس تحت قيادة الموحدين، ومملكة قشتالة في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث اندلعت في مثل هذا اليوم من عام 1195م الموافق 9 شعبان من عام 591 هـ.
وكانت دولة الموحدين تحكم مدن المسلمين في الأندلس وشمال أفريقيا، بقيادة السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور، فيما كانت قوات ملك قشتالة بقيادة ألفونسو الثامن، وكان لتلك المعركة دور كبير في توطيد حكم الموحدين في الأندلس وتوسيع رقعة بلادهم فيها.
موقع المعركة
وقعت المعركة قرب قلعة الأرك، والتي كانت نقطة الحدود بين مملكة قشتالة في شمال الأندلس ومدن وممالك المسلمين في الجنوب، ولذا ينسب المسلمون المعركة لهذه القلعة، كما أطلق مسيحيو قشتالة اسم المعركة أيضا بهذه القلعة "Alarcos " ويطلقون عليها "كارثة الأرك".
أسبابها
تعود أسباب اندلاع معركة الأرك إلى فترة طويلة قبلها، وهي منذ قام ملك البرتغال سانشو الأول بغزو مدينة شلب المسلمة، وذلك بمساعدة القوات الصليبية وكان ذلك في عام 1191 م.
وعندما علم السلطان الموحدي يعقوب المنصور بذلك جهز جيشه وعبر البحر لبلاد الأندلس، وحاصر المدينة واستردها وأرسل في ذات الوقت جيشا من الموحدين والعرب فغزا أربع مدن مما بأيدي المسيحيين من البلاد التي كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين عاما.
الأمر الذي ألقى الرعب في ملوك أيبيريا وخاصة ألفونسو الثامن ملك قشتالة، والذي طلب من السلطان الصلح، فهادنه 5 سنين، وعاد إلى مراكش عاصمة دولته في بلاد المغرب.
ولما انقضت مدة الهدنة أرسل ألفونسو الثامن جيشا كثيفا إلى بلاد المسلمين فنهبوا وعاثوا فسادا في أراضيهم وكانت هذه الحملة استفزازية، أتبعها ألفونسو بخطاب للسلطان يعقوب المنصور يدعوه فيه إلى مواجهته وقتاله فلما قرأ السلطان المنصور الخطاب، أمر بالتجهيز للحرب في الأندلس.
فسافر السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور بجيشه إلى الأندلس، وانضمت إليه الجيوش الأندلسية فتجمع له جيش ضخم يوصل بعض المؤرخين عدده لـ100 ألف مقاتل، فيما جمع ألفونسو الثامن قرابة 150 ألف مقاتل من مدن وممالك قشتالة، ويوصل البعض عدد جنود ألفونسو إلى 250 الف (ربع مليون مقاتل).
أحداث المعركة
في 9 شعبان 591 هـ الموافق 18 يوليو 1195 م، اشتعلت موقعة الأرك حيث أرسل القشتاليون في باديء الأمر 70 ألف فارس، وصفهم ابن عذاري في كتابه "البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب" كبحر هائج تتالت أمواجه.
ورد جيش الموحدون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا أن أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها الموحدون مقاومة قوية أيضا.
ولكن العرب والبربر في الجيش الموحدي، استنفذوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم العنيف، وعززت قوات القشتاليين بقوى جديدة وهجموا للمرة الثالثة، واقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها وقتلوا كثيرا منها، وأرغم الباقون على التراجع، واستشهد آلاف من المسلمين في تلك الهجمة.
ولكن الأندلسيين في الجيش الموحدي بقيادة ابن صناديد وهم الذين يكونون الجناح الأيمن للقوات هجموا على قلب الجيش القشتالي، وأضعفوا بذلك تقدم الفرسان القشتاليين، وكان يتولى قيادته ملك قشتالة ألفونسو الثامن نفسه، يحيط به عشرة آلاف من امهر الفرسان.
وفي تلك الأثناء خرج السلطان المنصور فتعاون جميع أقسام الجيش الإسلامي على الإطاحة بمن حوصر من القشتاليين والذين كانوا أغلب الجيش وقتلوا منهم كثيرا وفر الباقون.
بعد ذلك بدأ جيش المسلمون بقيادة المنصور يتقدم ناحية من تبقى من الجيش المسيحي وهم عدة آلاف فارس التفوا حول ألفونسو الثامن، وقاوم القشتاليين مقاومة عنيفة حتى قتل أغلبهم، وهرب ألفونسو من أرض المعركة إلى طليطلة عاصمته.
نتائجها
أكمل السلطان المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة فاقتحم قلعة رباح واستولى عليها وسقطت مدن تروخلو وبينافينتي ومالاغون وكاراكويل وكوينكا وتالفيرا وكلها تقع بالقرب من طليطلة عاصمة قشتالة، وبعد تلك الهزائم المتتالية طلب القشتاليين بقيادة ملكهم ألفونسو الثامن الصلح فوافق السلطان المنصور مقابل إخلاء سبيل من أُسر من المسلمين.
أعطت نتيجة المعركة مهابة للموحدين في الأندلس وقد استمروا هناك حتى هزيمة معركة العقاب، التي خسر المسلمون بعدها بقية أراضي الأندلس ما عدا غرناطة وما حول اشبيلية.
ويرى البعض أن انتصار في معركة الأرك لم يحقق نتائج ملموسة للموحدين، فخطر ممالك شمال الأندلس المسيحية، ظل موجودا ولم يستغل يعقوب أبعاد هذا الانتصار مطلقا، فرغم وجوده الطويل في الأندلس لم يحقق مكسبا واضحا على الأرض.
رسم تخيلي لمعركة الأرك