رئيس التحرير
عصام كامل

سعد الجابري.. قصة مسئول استخباراتي سعودي سابق تورط في قضايا فساد بالمليارات

سعد الجابري
سعد الجابري

أثارت قضية فساد سعد الجابري، التي كشفت عنها صحيفة "وول ستريت" جورنال الأمريكية، حالة من الجدل، بشأن حجم المبالغ المالية التي تورط فيها.


حصل سعد الجابري على بكالوريوس علوم أمنية من كلية الملك فهد الأمنية بالرياض ، ثم حصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وشهادة الدبلوم في برمجة الحاسبات الآلية من معهد الإدارة العامة بالرياض ، وحصل على شهادة الماجستير في علوم الحاسب الآلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من قسم الذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة.


عمل الجابري في كلية الملك فهد الأمنية ثم انتقل إلى وزارة الداخلية حيث شغل عدة مناصب من بينها مدير إدارة شؤون الضباط والأفراد بوزارة الداخلية ومستشار أمني للأمير محمد بن نايف، تدرج بالرتب العسكرية حتى رتبة لواء ثم عين بالمرتبة الممتازة، كما عُيِّن وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء، كما صدر أمر ملكي بتعيينه عضواً بمجلس الشؤون السياسية والأمنية. ثم صدر أمر ملكي 10 سبتمبر 2015 بإعفائه من منصبه.


وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تفاصيل بشأن مسؤول المخابرات السعودية السابق سعد الجابري (61 عاما) والمقيم حاليا في كندا هربا من اتهامات فساد كبرى تلاحقه في المملكة.


وتقول الصحيفة إن عمل سعد الجابري كمسؤول في المخابرات أتاح له على مدى سنوات طويلة إمكانية الوصول إلى مليارات الدولارات الحكومية، وعلاقات وثيقة مع الأعضاء الرئيسيين في العائلة المالكة والقدرة على إنجاز الأشياء التي وجدها الأمريكيون نادرة بين علاقاتهم في الشرق الأوسط.


الآن الجابري هارب دولي، تمكن من الفرار من المملكة العربية السعودية، حيث يعتقد المسؤولون أن مجموعة من الرجال كان يقودها الجابري أثناء العمل في وزارة الداخلية أساءت استخدام 11 مليار دولار من أموال الحكومة، ودفعوا لأنفسهم مليار دولار على الأقل بحسب الصحيفة.


وأصدرت الحكومة السعودية طلبات تسليم وإشعارات للقبض عليه عبر الإنتربول.
وقالت الصحيفة إنها تأكدت من تفاصيل التحقيق السعودي وتوسعت في القضية من خلال المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية وفي المخابرات الأوروبية، واطلعت على المعلومات بشأن شبكة بمليارات الدولارات أثرت كبار المسئولين في الحكومة السعودية بينما تمارس نفوذ المملكة في الخارج، وكل ذلك باسم مكافحة الإرهاب.


وقال مسؤولون في المخابرات الأوروبية إن التحقيق يخاطر بالكشف عن أسرار حساسة للعمليات الأمريكية السعودية ضد المتطرفين الإسلاميين.
وتم استخدام الأموال لمجموعة متنوعة من الأغراض بما في ذلك الدفع للمخبرين والقادة الأجانب مثل الرئيس السوداني السابق عمر البشير وشراء معدات الشرطة والهواتف الآمنة.
ويعتقد المحققون أن الشبكة استفادت من الإفراط في فرض رسوم على الحكومة مقابل عقود مع الشركات الغربية الكبرى مثل International Business Machines Corp. وأوراكل كورب. فقد استخدمت الشبكة حسابات خارجية مرتبطة ببنوك غربية كبيرة لتحويل الأموال ، وفقًا لأشخاص مطلعين على عمل المحققين.
وتقول الصحيفة إن أنصار الجابري لا ينكرون حركة الأموال، لكنهم قالوا إن ذلك كان العمل المعتاد في المملكة العربية السعودية، وقد تم بمباركة من ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن نايف.
وتمكن الجابري من مغادرة المملكة العربية السعودية في عام 2017 ويعيش في تورونتو، وتشير الصحيفة إلى أن كندا لم توافق على تسليمه للمملكة.
وتزعم عائلة الجابري أن الحكومة السعودية تريد إعادته لأنه يعرف أسرار العائلة المالكة.
وقال متحدث باسم الحكومة السعودية إنها لا تعلق على التحقيقات الجارية. وقال مسؤولون سعوديون معنيون إنهم يحاولون إحضار الجابري ليمثل أمام العدالة كجزء من حملة الأمير محمد بن سلمان لمكافحة الفساد.
وكان الجابري الشخصية الثانية في وزارة الداخلية السعودية ـ التي أدارها محمد بن نايف ـ لسنوات. وكان الجابري يشرف على صندوق خاص للوزارة حيث اختلط الإنفاق الحكومي على جهود مكافحة الإرهاب ذات الأولوية العالية مع مكافآت للسيد الجابري وآخرين بحسب الوثائق التي راجعتها الصحيفة ومقابلات مع المسؤولين السعوديين والمقربين من الجابري.
وخلال 17 عامًا أشرف فيها على الصندوق، تدفّق 19.7 مليار دولار من خلاله. وتقول الحكومة إن 11 مليار دولار تم إنفاقها بشكل غير صحيح من خلال المدفوعات الزائدة على العقود أو تم تحويلها إلى وجهات بما في ذلك حسابات مصرفية خارجية يسيطر عليها السيد الجابري وعائلته ورفاقه بمن فيهم محمد بن نايف.
ويزعم أنصار الجابري أنه بما أن المملكة العربية السعودية ملكية مطلقة، فإن كلمة الأمير تعني أن المدفوعات كانت قانونية. ويضيفون أن بعض المدفوعات كانت مكافأة لعمل جيد على حد قولهم.
وبحسب الصحيفة فقد استمر نظام الجابري لسنوات بمعرفة وموافقة ضمنية من الولايات المتحدة ووكالات المخابرات التي توصلت إلى أنه طالما أن الأموال لا تمول الإرهاب، فإن الأمر متروك للسعوديين لتقرير ما إذا كان ذلك مقبولًا.
وكالات الاستخبارات كانت على علم بتدفقات الأموال من صندوق الجابري لدول مثل السودان وإندونيسيا وزعماء القبائل في غرب العراق والشركات في الولايات المتحدة وأوروبا ، والحسابات الأجنبية التي يسيطر عليها السيد الجابري وحلفاؤه. كما عقدت شركات مرتبطة بأسرة الجابري شراكات في الولايات المتحدة مع الموردين العسكريين، لجني أرباح من مشتريات الحكومة السعودية من تلك الشركات وفقا للوثائق المصرفية التي راجعتها  الصحيفة.
وقال مسؤول سعودي حالي إن مثل هذه المعاملات غير قانونية وسرقة من الخزانة العامة. وقال إن تدفقات الأموال تختلف عن الهدايا للمسؤولين وتختلف عن الثروة الشخصية لأفراد العائلة المالكة، والتي كانت مناسبة وتستمر اليوم في البلاد.
وتم إنشاء صندوق الجابري من قبل الملك الراحل عبدالله للقضاء على الإرهاب المحلي بعد هجمات 11 سبتمبر، وكانت الاستراتيجية هي تعزيز القدرة الشرائية لوزارة الداخلية من خلال السماح لها بالاحتفاظ بنسبة 30٪ من الإيرادات من أشياء مثل تجديد جوازات السفر ورسوم التأشيرات و مخالفات تجاوز السرعة. بعد ذلك ببضع سنوات، تمت زيادة المبلغ إلى 45٪. وتم صرف أموال مكافحة الإرهاب في الغالب من خلال الشراكات مع شركات القطاع الخاص للتحرك بسرعة، وتجنب البيروقراطية والقيام بالأشياء سرا. إحدى الشركات كانت شركة طائرات خاصة ، سمحت للمسؤولين السعوديين بالتحرك بسهولة في جميع أنحاء العالم.
وقالت وثائق حكومية وأشخاص مطلعون على التحقيق إن الجابري استخدم الأموال في أعمال متعلقة بالأمن لكنه أنشأ نظامًا يمكنه هو وشركاؤه الاستفادة منه.

الجريدة الرسمية