رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهاء الدين يناقش قضية التحرش فى السبعينيات

الكاتب أحمد بهاء
الكاتب أحمد بهاء الدين


فى مجلة روزا اليوسف عام 1976 كتب الصحفى احمد بهاء الدين ــــ رحل عام 1996 ــــ مقالا يطالب فيه بوضع الحلول الجذرية لعلاج مشكلة المضايقات التى يتعرض لها بناتنا وإخواتنا فى الطريق العام وما يطلق عليه الآن بمشكلة التحرش قال فيه:

 

تتعرض المرأة فى مصر حاليا فى الشارع لمضايقات كثيرة تنتهك كيانها وتشعرها بظلم المجتمع لها بالرغم من انها اصبحت امرأة عاملة تكد وتجتهد فى مساندة الرجل لمواجهة صعوبة الحياة بعد أن أثبتت وجودها ونجحت فى كل مجال.

 

ومن أجل هذا نجحت جمعية دينية فى محافظة البحيرة فى وضع حد للمضايقات التى كانت تتعرض لها المرأة العاملة وهى فى طريقها إلى مقر عملها, كان القطار الذى ينقل الموظفات والعاملات والطالبات إلى الإسكندرية يزخر بما يحدث بجميع وسائل المواصلات فى مصر بمجموعة من الشبان غير المهذبين الذين يتبارون فى إيذاء مشاعر وأجساد الراكبات المحترمات.

 

 

وكان من الطبيعى أن تقام جمعية لمواجهة الموقف، وفكر أهل الفتيات فى طلب حملة من شرطة الآداب تعاقب هؤلاء، وفكر البعض فى حملة تربوية ترتفع بوعى الشباب تسمو بخلقه وتعيد تربيته بناء على تعاليم الدين ، وأقامت جمعية اهلية لذلك. لكن اختارت الجمعية مع الأسف الشديد أن تطلب من هيئة السكك الحديدية أن تخصص عربة فى قطار البحيرة الإسكندرية للنساء فقط.

 

وبهذا الاختيار حلت الجمعية المشكلة.. لكنها فى نفس الوقت اعترفت بأن رسالتها الدينية عاجزة عن تربية الشباب فى محيط عملها، وأن أقصى ما فعلته هوان تقيم حول الضحايا سورا عازلا وتترك الانحدار الخلقى كما هو فى حاله .. ويا دار ما دخلك شر.

 

لكن المدهش أنه ما كادت تجربة البحيرة تنجح حتى بدأت تتعالى الأصوات بتعميمها فى طول البلاد وعرضها، وكأن الحل الوحيد أمام الفساد وسوء الخلق هو الانسحاب وراء اسوار تحمى الضحايا من عدوانه .تقول هذه الأصوات أن ما تزخر به بلادنا من هيئات دينية ورجال دين عاجزون عمليا عن تربية شبابنا، عاجزون عن مجرد إقناعهم باحترام عرائض أهاليهم بالرغم من كل ما تدفق على هذه الهيئات من مال وما يباح لها من مساحات فى الصحف والإذاعة والتليفزيون.

 

ونتمنى أن يصبح يوما توقير المرأة عادة، واحترامها سلوكا يوميا ، لا أن نضطر بعد ثلاثين عاما من إلغاء عربات الحريم فى الترام الى المطالبة بتخصيص اتوبيسات بأكملها لزوجاتنا وبناتنا وامهاتنا واخواتنا .. أى إلى إعلان الاستسلام امام سوء الخلق واللجوء الى اسوار نحتمى ورائها منه.

 

أحمد بهاء الدين يكتب: أبناؤنا مصدر قوتنا

 

لست أدرى ماذا يحدث لو أخذنا بمنطق الاستسلام هذا والهروب وراء الأسوار.. أن الجامعة فيها قلة من الشباب غير المهذب، وبمنطق الاستسلام يجب أن نقيم جامعات للبنات فقط، وفى السينما تعليقات تجرح المشاعر فلا مفر من دور سينما للحريم فقط، وفى الجمعيات الاستهلاكية يختلط الحابل بالنابل غير المحترم، ولا حل إلا بتخصيص جمعيات استهلاكية للنساء فقط وفى مصاعد العمارات تحتك نساء مهذبات برجال غير مهذبين .. ولا حل إلا بتخصيص مصعد للحريم وآخر للرجال .. إلى متى نهرب من مشاكلنا، ولا نعالج مشاكلنا من جذورها؟

الجريدة الرسمية