منتصر عمران يكتب: الغذاء ودوره الرئيسي في استقرار الدول والشعوب
الغذاء منذ القدم كان هدفا رئيسيا للقبائل، حيث كانت القبائل تسطو بعضها
على بعض من أجل الغذاء والحصول عليه لأنه هو قوام الحياة لأفراد الشعب.
وفي العصر الحديث رأينا كيف عندما تحدث الفوضى في بعض الدول نتيجة المواقف
السياسية أن أول ما يلجأ إليه الشعب هو البحث عن كيفية تأمين الوصول للغذاء.. وأيضا
كيف أن منظمات ودولا تستغل الفوضى وعدم الاستقرار لتجعل من الغذاء وسيلة للحصول
على امتيازات لهم في هذه الدول.. وقد رأينا ما حدث في العراق بعد سقوط الجيش
العراقي ومقتل صدام حسين، كيف كان هناك اتفاقية فُرضت على الشعب العراقي سميت "الغذاء
مقابل النفط".
والحقيقة المؤكدة أن الغذاء أصبح في المائة سنة الأخيرة سلاحا تستخدمه
الدول الكبرى ضد الدول الفقيرة من أجل إرغامها على السير في فلكها، وتكون تابعة
لها، وذلك من خلال دراسات وتقارير منظمات عالمية، وأيضا ما أكده أحد رؤساء أمريكا
السابقين "جيرالد فورد"، الذي قال إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست
في حاجة إلى استخدام الأسلحة الحربية في المستقبل طالما أصبح الغذاء أكبر سلاح.
وهناك مظهر آخر من مظاهر مشكلة الغذاء يتمثل في عدم توفر الأمن والاستقرار.
وهنا نلحظ الربط بين وفرة الطعام والأمن.. وكما قال أحد المدراء السابقين
لمنظمة الأغذية والزراعة: إنه "لا يمكن تحقيق السلام بدون الأمن الغذائي".
فمشكلة الغذاء لها خطر كبير على أمن المجتمع واستقراره، فالمجتمع الفقير
الذي ينتشر فيه المرض، وخاصة إذا اقترن
فيه الجوع مع المرض، مجتمع مضطرب وغير مستقر؛ لذا تستعمله الدول المتقدمة في فرض
أجندتها على الدول الفقيرة من أجل منحها الغذاء لشعبها.
فالغذاء أو بالأدق المصطلح الذي يسمى بالأمن الغذائي هو ركن أساسي من أركان
الأمن القومي للدول والشعوب.. فلا بد لكل نظام في العالم أن يوفر لشعبه الغذاء حتى
لا يُخترق أمنه القومي، وقد رأينا مؤخرا في دول كثيرة من العالم، وخاصة الدول
الكبرى في جائحة كورونا، كيف حدث فيها نوع ندرة بعض السلع المعروضة لشعوبها؛ ما
أثر على أنظمة الحكم في تلك الشعوب واستغلتها المعارضة في أحداث نكاية بالمسئولين
فيها.
وقد يستهين البعض بحق الإنسان في الغذاء، ويقول: عندما نجعل أكبر همنا في
الحصول على لقمة العيش كما يطلق عليها عامة الناس فهذا نوع من عدم السمو الإنساني
لأن هدف الإنسان أسمى ان يكون همه لقمة العيش..
فيكون ردي عليهم قول المولى تبارك وتعالى الذي جعل الإطعام قبل توفير الأمن
في القرآن الكريم حيث يقول المولى تبارك وتعالى:
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿١﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾وهنا
اوجه سؤالي وهل يستقيم للانسان حياة أو يفكر أو حتى يبدع وهو جعان؟!
فقد عرف الإنسان القديم طريقه في البحث عن تغذيته بالاعتماد على الأرض
المنتجة أو الموارد الطبيعية الأخرى أو على نظم التوزيع والتجهيز والتسويق العاملة
بشكل سليم والتي يمكن أن تنقل الغذاء من موقع الإنتاج إلى الموقع الذي توجد فيه
الحاجة إلى الغذاء بحسب الطلب.
أما إمكانية الحصول على الغذاء فهي تشمل الإمكانية الاقتصادية والمادية على
حد سواء..
فالإمكانية الاقتصادية تعني أن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية التي
ترتبط بالحصول على الأغذية من أجل تأمين نظام غذائي كاف يلزم أن تكون بالمستوى
الذي لا يهدد الوفاء بالاحتياجات الأساسية الأخرى. والإمكانية الاقتصادية لتأمين
الغذاء تنطبق على أي نمط من أنماط الحصول على الأغذية أو أهلية الحصول عليها وبها
يقاس مدى ما يتحقق من التمتع بالحق في الغذاء الكافي.
والمجموعات الضعيفة اجتماعياً مثل الأشخاص الذين لا يملكون أراضٍ أو غيرهم
من قطاعات السكان التي تعاني من الفقر الشديد قد تحتاج إلى عناية توفرها برامج
خاصة.
أما الإمكانية المادية للحصول على الغذاء تعني أن الغذاء الكافي يجب أن
يكون متاحاً لكل فرد، بما في ذلك الأفراد ضعاف الجسم مثل الرضع والأطفال الصغار
والمسنين والمعاقين بدنياً والمصابين بأمراض لا شفاء منها والأشخاص الذين يعانون
مشاكل صحية مزمنة بمن فيهم المرضى عقلياً.
وقد يحتاج ضحايا الكوارث الطبيعية وغيرهم من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق
معرضة للكوارث وغيرهم من المجموعات المحرومة بشكل خاص لعناية خاصة وبعض الاهتمام
ذي الأولوية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء.