أرمينيا وأذربيجان.. معركة تكسير عظام بين بوتين وأردوغان
تصاعد التوتر بين أرمينيا وأذربيجان خلال الأيام الماضية، وسط الخشية من أن يتطور الوضع في إقليم ناجورني قره باج المتنازع عليه بين الدولتين إلى حرب دموية بالوكالة بين روسيا وتركيا.
وأعلنت وزارتا الدفاع في أرمينيا وأذربيجان
أن المواجهات على الحدود الشمالية بين البلدين استؤنفت بعد يوم من تهديد الرئيس التركي
رجب أردوغان بالتدخل للدفاع عن أذربيجان، ما بدد آمال التهدئة في أزمة أثارت مخاوف
من اندلاع حرب شاملة.
وقتل 16 شخصا بين الأحد والثلاثاء في معارك
على الحدود بين البلدين السوفيتيين السابقين اللذين يخوضان نزاعا منذ عقود للسيطرة
على منطقة ناجورني قره باج الانفصالية بجنوب غرب أذربيجان، وسيطر انفصاليون أرمنيون
على المنطقة خلال حرب في التسعينات أدت إلى مقتل 30 ألف شخص، لكن المواجهات الأخيرة
جرت في منطقة بعيدة عن هذا الإقليم، على الحدود الشمالية بين أرمينيا وأذربيجان.
وقالت الوزارتان في بيانين منفصلين أن
"معارك تجري" على الحدود الشمالية بين البلدين.
وأكدت كل من باكو ويريفان أنها تصدت لهجوم شنه الطرف الآخر.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمنية
سوشان ستيبانيان إن القوات الأذربيجانية "تقصف القرى الأرمنية بقذائف الهاون ومدافع
الهاوتزر"، وأضافت لاحقا أنّ القوات الأرمنية ردت "ودمّرت مواقع مدفعية ودبابات
العدو التي يستخدمها لقصف قرى أرمنية".
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأرمنية
على فيس بوك أرتسرون هوفهانيسيان أن الوضع على الحدود "هدأ" منذ ذلك الحين،
وقال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في اجتماع لمجلس الوزراء "نحن نسيطر على
الوضع"، واضاف "سقط قتلى وجرحى بين قوات العدو" ولكن "لم تقع خسائر
بين جنودنا أو المدنيين".
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية
أن وحدة من "القوات المسلحة الأرمنية حاولت مجددا مهاجمة مواقعنا في منطقة توفوز
على الحدود الآذرية الارمنية"، وأضافت أن قرى اغدام ودونار جوشتشو وفاخليدي
"تتعرض لنيران أسلحة ثقيلة وقذائف الهاون".
وصدرت دعوات أميركية وأوروبية وروسية
للجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين إلى وقف فوري لإطلاق النار فيما أعربت تركيا، حليفة
أذربيجان، عن دعمها لباكو، وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرد على أرمينيا وقال
عقب ترؤسه اجتماع للحكومة بالمجمع الرئاسي إن “تركيا لن تتردد أبدا في التصدي للهجوم
على حقوق وأراضي أذربيجان"، وفق وكالة الأناضول.
وهناك عداء بين أرمينيا وتركيا، حيث تحشد
الأولي المجتمع الدولي لإجبار تركيا على الاعتراف بوقوع مجزرة ضد الأرمن في عهد الدولة
العثمانية، وتخشى تركيا من دفع تعويضات طائلة جراء ذلك، وسبقت تهديدات الرئيس التركي
تصريحات مشابهة من وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الذي قال إن بلاده “ستواصل الوقوف
بجانب القوات المسلحة الأذربيجانية في مواجهة أرمينيا التي تقوم بتصرفات عدوانية منذ
سنوات وتحتل قره باج بشكل جائر".
وأي حرب بين البلدين يمكن أن تغرق كل منطقة
القوقاز وتقحم روسيا، الحليفة العسكرية لأرمينيا، وتركيا الداعمة لباكو واللتين تتنافسان
على النفوذ الجيوسياسي في هذه المنطقة الاستراتيجية، لكن محللين قالوا إن الخطر ضئيل،
مشيرين إلى أنه ليس لأي من الطرفين مطالب إقليمية في منطقة القتال، البعيدة عن قره
باج.
وأرمينيا التي تسيطر على المنطقة المتنازع
عليها، يرضيها الوضع القائم كما يرضي مصالح روسيا الساعية إلى ترسيخ نفوذها في الجمهوريات
السوفيتية السابقة، وقال محللون إن أذربيجان، في ظل وجود معظم المرتفعات الاستراتيجية
على طول خط الجبهة في قره باج تحت سيطرة الأرمن، ليست في وضع جيد يمكنّها من شن هجوم.
وتجري "مجموعة مينسك" التي تضم
دبلوماسيين من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة وساطة في محادثات حول النزاع بشأن قره
باخ. لكن المحادثات تراوح مكانها منذ التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار في العام
1994.
وموسكو متحالفة عسكريا مع أرمينيا حيث لديها
قاعدة عسكرية، لكنّها تزوّد كلا من يريفان وباكو بأسلحة بمليارات الدولارات.
وتهدد أذربيجان الغنية بموارد الطاقة والتي
يتخطى إنفاقها العسكري موازنة أرمينيا برمتها، باستمرار باستعادة السيطرة على المنطقة
بالقوة، فيما تعهدت يريفان بسحق أي هجوم عسكري لاستعادتها.
وعلى الرغم من وساطة دولية بدأت قبل حوالى
ثلاثين عاما لم يتمكن البلدان من التوصل إلى حل للنزاع حول ناجورني قره باج الذي تهدد
باكو باستمرار باستعادة السيطرة عليه بالقوة.
وتشهد العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان خطورة
كبيرة من ناحية الجغرافيا السياسية، أكثر مما كان عليه الوضع حين اندلعت المواجهات
بين الطرفين قبل عقدين.
ويصعب تجاهل التداعيات الإقليمية للمواجهات
الأخيرة بين الطرفين، حيث تأتي خطورة المواجهات في خضم توتر العلاقات والرغبة في الانتقام
بين كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.
ويوجد العديد المصالح الاقتصادية والعسكرية
المتداخلة لروسيا لدى كل من أرمينيا وأذربيجان، فبينما يحاول كثير من الأرمن إثبات
ولائهم لروسيا، فإن بوتين يحتاج لأذربيجان لأن تكون حليفة لروسيا، وخاصة بعد تدهور
العلاقات بين روسيا وتركيا.
وبالإضافة للدعم العسكري الذي تقدمه روسيا
لأرمينيا، فإن هناك العديد من الأسباب الاقتصادية التي تكشف أنه ليس من مصلحة روسيا
فقدان صداقة أذربيجان، وأن خبراء في كل من موسكو وباكو يعتقدون أن الرئيس بوتين سيفعل
ما في وسعه لتجنّب صراع واسع النطاق بين أرمينيا وأذربيجان.
القوة العسكرية الأرمينية
وتتكون القوات المسحلة الأرمينية من 4 فروع
تتمثل في الجيش وسلاح الجو والدفاع الجوي وحرس الحدود ولا تمتلك أرمينيا قوات بحرية
كونها لا تملك منفذاً مائياً.
والموازنة العامة للقوات المسلحة الأرمنية
تبلغ 500 مليون دولار أمريكي ويبلغ عدد أفراد القوات المسلحة 60 ألف فرد و300 ألف ينتظمون في صفوف الأحتياط.
القوة العسكرية لأذربيجان.
ومجموع عدد القوات المسلحة 66 ألف و940 في القوات البرية، و7 آلاف و900 في سلاح الجو وقوة الدفاع الجوي، وألفين و100 في البحرية. وهناك أيضا19 ألف و500 بين أفراد في الحرس الوطني، كما تبلغ الميزانية العسكرية لها حوالي 2.5 مليار دولار.