رئيس التحرير
عصام كامل

مفاوضات "المربع صفر" .. حصاد 9 سنوات مراوغة من أديس أبابا .. اجتماعات الاتحاد الإفريقي كشفت نوايا إثيوبيا الخبيثة

سد النهضة .. صورة
سد النهضة .. صورة أرشيفية

9 سنوات من التفاوض بلا نتيجة، عقد كامل يقترب على الاكتمال ومصر ملتزمة بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية الدولية للحفاظ على حقوقها التاريخية والوجودية في مياه النيل، في ظل تعنت ومراوغة إثيوبية تدفع الأمور إلى المربع صفر، في كل مرة بهدف كسب الوقت والخروج بأقصى مكاسب ممكنة.

 

 

المراوغة الأثيوبية

 

وعلق الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي المتخصص في قوانين الأنهار الدولية، على المراوغات الإثيوبية قائلا: مصر ملتزمة بميثاق الأمم المتحدة وأهدافه والتمسك بالوسائل السلمية لفض المنازعات، ولا تريد من إثيوبيا إلا الوصول لاتفاق عادل وملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.

 

وقد طرقت أبواب مجلس الأمن لإحاطة المجلس بطبيعة المفاوضات ومسارها، ووضعه أمام مسئولياته بحماية السلم والأمن الدوليين.

 

وأكد أن تدخل الاتحاد الأفريقي في ظل لجوء مصر لمجلس الأمن لقي قبولا منها بهدف الوصول إلى حل، بغض النظر عن الجهة الراعية للمفاوضات مع الاستمرار في مسار مجلس الأمن، مضيفا:" في كل الأحوال فإن انتهاء المباحثات الحالية بالفشل سيحال التقرير النهائي للمفاوضات إلى مجلس الأمن، الذي يتابع المفاوضات، والتي يكشف مسارها التعنت الإثيوبي والمرونة المصرية، بما يديم الموقف الإثيوبي، وهي الإيجابية التي يمكن أن تعود علينا من تلك المفاوضات الجارية الآن، وبإمكاننا أن نبني عليها في مواقف دبلوماسية وسياسية أخرى.

 

قوانين الأنهار الدولية

 

وأكد أن الأمور القانونية بشأن الأنهار الدولية حقوق كل دولة واضحة فيها، وتنطبق جميعها على الأزمة الحالية في حوض النيل، ولا يمكن أن يختلف عليها اثنان، لكن إثيوبيا لا تريد اتفاقا ملزما لأنها تريد التحكم في مياه الهضبة الإثيوبية والهيمنة على النيل الأزرق، لذلك فإن الفيصل في الموضوع القانوني هو الصياغة القانونية الملزمة في ظل قواعد القانون الدولي وهو ما يتعارض مع الإستراتيجية الإثيوبية بشأن التعامل في ملف مياه النيل.

 

وأشار إلى أن هناك اتفاقا بين الدول الثلاثة على مبدأ وجود آلية لتسوية المنازعات، وعدم الإضرار بمصر في فترات الجفاف والجفاف الممتد، لكن عند الدخول في التفاصيل ومناقشة الآليات التنفيذية يظهر التعنت والرفض الإثيوبي حيث ترغب أديس أبابا في تفريغ تلك المبادئ من مضمونها.

 

وأضاف:" تقرير الاتحاد الأفريقي الذي سيصدر بعد المفاوضات نحن لا نضمن أن يتضمن أي إدانة صريحة أو ضمنية لإثيوبيا، ويجب أن نعمل جميعا دبلوماسيا وشعبيا لأن يصدر تقرير الاتحاد الأفريقي في صورة موضوعية بدون انحياز للجانب الإثيوبي، وأضاف إن القانون الدولي بكل مواده المتعلقة بالأنهار الدولية ينحاز إلى مصر وحقوقها المائية المشروعة، حيث انتهكت إثيوبيا منذ بداية الأزمة قبل 9 سنوات مبادئ الإخطار المسبق وعدم الإضرار الجسيم.

 

نقاط الخلاف

 

ومن جانبه أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن هناك خلافات بين مصر وإثيوبيا والسودان تبلغ 5% فقط من النقاط الأساسية في المفاوضات ولكنها النقاط الأهم.

 

وذلك يرجع إلى طبيعة العلاقة بين كل دول المنبع ودول المصب في كل الدول المتشاطئة في الأنهار الدولية، وهو ما يصعب مهمة التفاوض ويجعلها شاقة جدا.

 

وأكد أن أهم نقاط الخلاف العالقة التي تصعب المفاوضات هو رؤية دول المنابع الدائمة بحقها المطلق في استغلال موارد الأنهار، وهو مبدأ مرفوض طبعا من دول المصب بشكل قاطع، وهو الأساس في الخلافات في الأزمة الحالية بشان سد النهضة.

 

ولفت إلى أن تعامل القيادة الإثيوبية مع الأزمة يستهدف إطالة أمد الخلاف والتراجع في ذروة الأزمة ونهايتها للخروج بأكبر فوائد من وراء ذلك، وأن التصريحات الإثيوبية التي تحمل كثير من السذاجة والاستفزاز تستهدف الداخل الإثيوبي أكثر من الخارج، لأن فترة الاضطرابات السياسية الحالية في إثيوبيا قد تنتهى بالإطاحة بأبي أحمد خاصة وان الاضطرابات التي أطاحت من قبل برئيس الوزراء الأسبق ديسالين كانت أقل من الاضطرابات الحالية.

 

حقوق مصر التاريخية

 

وأكد أن مصر تتمسك بحقوقها في نهر النيل بصفتها أقل مستفيد من مياه الامطار المتساقطة على حوض النيل، حيث يتساقط على الهضبة الإثيوبية وحدها أكثر من 400 مليار متر مكعب من المياه يذهب منها 50 مليار متر مكعب فقط إلى مجرى نهر النيل، أي إن مصر يصلها ما يتبقى من مياه الامطار التي تتساقط على إثيوبيا وتروي 50 مليون فدان وملايين الأفدنة من المراعي التي تحوى أكثر من 70 مليون رأس أبقار وماشية.

 

وأوضح أن أقصى مراحل حل الأزمة كانت في الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة وترحيبها بعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث في واشنطن السادس من نوفمبر 2019، وحينئذ لم تجد إثيوبيا أو السودان إلا الموافقة بعد إصرارهما على رفض مبدأ وجود طرف دولى آخر.

 

وخرج هذا الاجتماع بوضع خريطة لمدة شهرين للوصول إلى حل تحت رقابة أمريكا والبنك الدولى، تستمر اللجنة الفنية الثلاثية في المفاوضات للوصول إلى اتفاق حول الملء والتشغيل من خلال 4 اجتماعات قبل 15 يناير 2020، وفى نفس الوقت يكون هناك تقييم للموقف شهريًا باجتماعين سياسيين لوزراء الخارجية في واشنطن يومى 9 ديسمبر 2019 و13 يناير 2020.

 

النوايا الأثيوبية

 

وأضاف شراقي أن النوايا الإثيوبية لعدم التوقيع على اتفاق ملزم ظهرت في الاجتماع السادس والأخير من مفاوضات واشنطن الذي انضم فيه وزراء المياه والرى مع وزراء الخارجية وتم الاتفاق بوضع مسودة من 6 بنود في مجملها لا تعبر عن المطالب المصرية إلى درجة كبيرة.

 

وكان ذلك بمثابة تأجيل دبلوماسى لطلب موعد آخر في 28 يناير 2020 الذي استمر أربعة أيام في محاولة لإنقاذ المفاواضات وفيها حدث اتصال الرئيس الأمريكى برئيس الوزراء الإثيوبى، وصدر بيان مشترك عن الدول الثلاث أشار إلى توصل الوزراء إلى اتفاق آخر حول ثلاث نقاط خاصة بالملء على مراحل، وقواعد الملء والتشغيل في سنوات الجفاف، على أن جميعها تمثل نقاط الخلافات الأساسية على مدار المفاوضات.

 

وهى أيضا تأجيل دبلوماسى كما حدث في اجتماع منتصف يناير إلى اجتماع آخر 12-13 فبراير 2020 للاتفاق والتوقيع على الصيغة النهائية.

 

وكشف أن الجانب الإثيوبى يؤخر تنازله عن تخفيض بعض اقترحاته لآخر لحظة ممكنة، وفى نفس الوقت اللجان الفنية من الدول الثلاثة حريصة كل الحرص على عدم التنازل عن بعض مطالبها حتى لا تتهم من شعوبها بالتفريط في حقوقهم المائية.

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية